الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 16:01

حيث لا ينفع: حوّل له الأيسر/ بقلم: جوني منصور

كل العرب
نُشر: 28/12/15 11:59,  حُتلن: 16:32

جوني منصور في مقاله:

من يقف وراء عصابة "لهافا" الارهابية؟ نعني، ما هو الفكر العقيدي الذي يوجهها؟ ما هي الجهة الممولة لهذه العصابة؟

خطورة هذه الحركة تكمن في كشفها علانية عن تفكيرها ورؤاها وخططها. والأنكى من كل ذلك عدم وجود رد فعل رسمي وشعبي قوي يسعى إلى التشديد على هذه العصابة

جاءت تصريحات وأقوال غوفشطاين زعيم هذه العصابة في الأسبوع الماضي صفعة قوية لكل الذين يعولون على أن حكومات اسرائيل تدعم المسيحيين العرب وتوفر لهم كامل حقوقهم وحرياتهم

تصريحات غوفشطاين ليست عابرة، او لمجرد موقف ما. إنها تصريحات تعكس الحالة المتطرفة التي يعيشها المجتمع الاسرائيلي في السنوات الأخيرة

لا فرق بين "لهافا" و"داعش"!؟ العصابتان تحملان الفكر التكفيري ذاته الرافض لأي فكر حر

اناشد القيادات السياسية والدينية المسيحية والاسلامية إلى الالتفاف حول بعضها البعض والدعوة إلى اجتماع جماهيري واسع للتعبير عن الاستنكار وإلى تدارس الوسائل والاساليب الواجب تبنيها للتصدي لهذه العصابة ومظاهرها

لا تزال تصريحات الارهابي التكفيري غوفشطاين رئيس عصابة "لهافا" اليهودية المتطرفة تثير الكثير من التساؤلات، بالإضافة إلى حملات الاستنكار التي بقيت في حدود الضريبة الكلامية من قبل رئيس الحكومة نتنياهو وغيره من المسئولين في اسرائيل. 

التساؤلات التي تخطر على بالنا هنا، من يقف وراء هذه العصابة الارهابية؟ نعني، ما هو الفكر العقيدي الذي يوجهها؟ ما هي الجهة الممولة لهذه العصابة؟ هل تعرف الجهات الاستخباراتية في اسرائيل عن خططها؟ أعضائها؟ مناصريها؟ وغيرها من الاسئلة التي لا اريد الغوص فيها الآن، لأنها بحاجة إلى بحث مطول. لكن خطورة هذه الحركة تكمن في كشفها علانية عن تفكيرها ورؤاها وخططها. والأنكى من كل ذلك عدم وجود رد فعل رسمي وشعبي قوي يسعى إلى التشديد على هذه العصابة، والأصح إخراجها عن القانون بفعل نشاطاتها ومخططاتها، وكونها تشكل خطرا على أمن اسرائيل وسياسة اسرائيل وديبلوماسيتها في العالم. ألم تخرج حكومة نتنياهو الحركة الاسلامية من القانون بذريعة انها تجاوزت حدود العمل القانوني؟ لكن شتان ما بين الحركة الاسلامية التي تعمل من أجل خير الانسان، وبين حركة تعمل من أجل ترحيل الانسان ابن هذه الأرض، بل صاحبها الأصلي... فهل يتعظ نتنياهو ويخرج عصابة "لهافا" من القانون؟ أم انه منحاز لكل ما هو يهودي وصهيوني؟ هذا اختبار سياسي له، سنتابعه مستقبلا.

جاءت تصريحات وأقوال غوفشطاين زعيم هذه العصابة في الأسبوع الماضي صفعة قوية لكل الذين يعولون على أن حكومات اسرائيل تدعم المسيحيين العرب وتوفر لهم كامل حقوقهم وحرياتهم... وبالرغم من هذه الصفعة المدوية إلا أن قيادات مسيحية وأعني دينية في الأساس لم تبادر إلى الآن لدعوة عقد اجتماع جماهيري واسع لتدارس التصريحات وما ورائها وما يمكن أن يحصل.

تصريحات غوفشطاين ليست عابرة، او لمجرد موقف ما. إنها تصريحات تعكس الحالة المتطرفة التي يعيشها المجتمع الاسرائيلي في السنوات الأخيرة. حالة الانزياح إلى اليمين المتطرف والمتشدد والرافض قبول اي شخص فردا كان، أو ضمن جماعة يحمل رأيا او عقيدة مختلفة عنه. فلا فرق بين "لهافا" و"داعش"!؟ العصابتان تحملان الفكر التكفيري ذاته الرافض لأي فكر حر. ما يجري في شرائح واسعة من المجتمع الاسرائيلي عبارة عن سيطرة تيارات دينية يهودية متطرفة، وهيمنة تيارات سياسية يمينية متطرفة هي الأخرى، ويبدو انه حصل نوع من التفاهمات غير الرسمية بين هذه التيارات تعكس الحالة العامة في اسرائيل.

وحتى لا نبتعد عن موضوعنا، وهو تصريحات غوفشطاين بأن المسيحيين هم "مصاصي دماء" ويجب التخلص منهم، هي نفسها التصريحات التي اطلقتها حركات عنصرية اوروبية ضد اليهود في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حين انطلقت أفكار عنصرية وعرقية مناهضة لكل فكر آخر غير الفكر القومي السائد في اوروبا في ذلك القرن. لقد تعرض اليهود إلى مثل هذه التصريحات، وقامت الدنيا في أوساطهم ولم تقعد... واعتبرها سياسيو ومؤرخو الحركة الصهيونية أنها تصريحات لاسامية... هي نفسها التصريحات التي وجهت إلى اليهود والتي يلجأ هذا الارهابي إلى استعمالها ضد مسيحيي فلسطين. ويطالب بترحيلهم عن البلاد. غاب عن بال غوفشطاين ان مسيحيي فلسطين هم هنا في وطنهم قبل مجيئه مستعمرا لأرض ليست له. هم هنا قبل قيام اسرائيل بآلاف السنين. هم هنا شهودا على ايمانهم المسيحي، وعلى انتمائهم لوطنهم فلسطين، وعلى تمسكهم بقوميتهم العربية على مدار مئات السنين... غابت عنه مسائل كهذه لأنه صاحب فكر ارهابي وتكفيري مناهض لكل ما هو انساني. وتصريحاته هذه باعتباراتي لا يمكن السكوت عنها بالمطلق. هي تعبير عن شرائح واسعة من المجتمع الاسرائيلي. ولهذا يجب على القيادات الدينية والسياسية والشعبية أخذها بمحمل من الجدية والسعي إلى تنظيم الرد اللائق والسريع.

وباعتقادي أنه ليس من المهم اصدار بيانات استنكارية، بل السعي إلى وضع مشروع مدروس لمواجهة هذا الفكر التكفيري اليهودي الآخذ بالانتشار. واعتقد أنه ليس محض صدفة أن اصدر غوفشطاين تصريحاته هذه عشية عيد الميلاد، لأنه يعلم علم اليقين أن شرائح واسعة من المجتمع اليهودي في اسرائيل تحتفل بالعيد شكليا وليس دينيا، وليظهر خوفه على نقاء وطهارة اسرائيل، وهذا يعني وضع شجرة الميلاد في البيت او المكتب او المحل التجاري في حيفا وتل ابيب واشدود ونهاريا وكرميئيل وغيرها من البلدات... وايضا ارتداء البسة تخص سانتا كلاوز وزينة البيوت من إضاءة وغيرها.. كل هذه حركت ماكنة الكراهية لدى هؤلاء الذين اشبعوا نفوسهم بالكراهية والبغضاء للآخر...

نحن نعلم علم اليقين ومن خلال الاطلاع على موقع الانترنت لهذه العصابة تلك الدعوات التي يوجهونها الى شبابهم بعدم الاختلاط بالعرب والسير معهم، لدرجة توجيه سلسلة من التهديدات إلى الشباب العربي بعدم اقامة اي علاقة مع اي فتاة يهودية... دعوات هذه العصابة إلى الفصل العنصري وتأكيده وتأبيده داخل اطر الدولة... وطبيعي جدا ان توجه سهام البغضاء والكراهية إلى المسيحيين في عيدهم لإثارة الخوف والرعب والفزع في صفوفهم.

هذا سيدفع الحكومة الحالية واللاحقة إلى رفع قضية حاجة المسيحيين إلى حماية، ليس فقط من سائر الأقليات(كما تعبر الحكومة) إنما أيضا من طرف هذه العصابة وغيرها كثير من العصابات النائمة في اسرائيل وفي الضفة الغربية المحتلة حيث أوكار الارهابيين والمجرمين في المستوطنات. عندها، كما تفكر حكومة نتنياهو، سيلجأ المسيحيون إلى طلب حمايتها، وسيكون المقابل دفع مشروع الخدمة العسكرية إلى الأمام، وبالتالي تجنيد الشباب المسيحي.
أمام هذا السيناريو، والذي قد يبدو خياليا، لكن لا يوجد اي خيالي في السياسة، يتوجب التحرك، والتحرك حالا.
اناشد القيادات السياسية والدينية المسيحية والاسلامية إلى الالتفاف حول بعضها البعض والدعوة إلى اجتماع جماهيري واسع للتعبير عن الاستنكار(وهذا أضعف الايمان)، وإلى تدارس الوسائل والاساليب الواجب تبنيها للتصدي لهذه العصابة ومظاهرها.
آمل أن يحتكم القياديون إلى العقل وليس المشاعر، واتخاذ الخطوات اللازمة والضرورية.

28 كانون اول، 2015

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة