الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 10:02

تصريحات لا لزوم لها/بقلم: محمد نجيب الشرافي

كل العرب
نُشر: 24/12/15 15:22,  حُتلن: 09:36

محمد نجيب الشرافي في مقاله: 

حركة حماس لديها من الصبر والجَلد على تحمل أعباء ينوء الجمل تحت وطأتها كما يقال

لا تترك حركة حماس مناسبة دون تذكيرنا أنها لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الشعب في غزة والضفة الغربية، وعن العالم الاسلامي أيضا. أما كيف ؟ فلا أحد يملك جواباً

عندما قصفت طائرات اسرائيلية قافلة أسلحة قيل أنها كانت متوجهة لغزة، وقتل فيها عشرات السودانيين سمعنا تصريحات لأحد قادة الحركة أن حماس لن تترك السودان وحيدا وستقف الى جانبه

ظهر الرئيس السوداني يحمل عصاه "المباركة" ويهش بها على شعبه يمنة ويسرى ليضمن الاصغاء ويهدد: "سنرد الصاع صاعين" فلا رأينا الصاعين ولا حتى صاعاً واحدًا، ولا سمعنا برد حماس!!

القيادي النائب صلاح البردويل الذي يتنقل من فضائية الى أخرى يصّر أن يوزع علينا يوميا "تصاريح" صحفية مرئية ومسموعة ومكتوبة عن المعبر أو القطاع

يكاد لا يمر يوم دون أن تطل علينا الوجوه السمحة لقيادات حركة حماس بتصريح يتعلق بالوضع الداخلي أو الخارجي. المهم أن يقولوا شيئا ما. فهل تدل كثرة التصريحات على وضوح الموقف أم تشي بشك في صحته فاقتضى توضيحه وتبريره والدفاع عنه؟.
دراسة سريعة لمضمون تلك التصريحات تظهر غزارة التصريحات الداخلية في مقابل ندرة المواقف من الاحتلال. وفي كل ذلك تسجل الحركة براعة متميزة في إظهار المظلومية التي تتعرض لها، كلما شعرت بتراجع شعبيتها لتغطي ارتباكا في مواجهة قضايا معيشية متفاقمة، فتشكو للشعب حجم المظالم التي تتعرض لها من القريب والبعيد والتي لولاها لقادت القطاع إلى "سنغافورة " جديدة، أو إلى ما بعد حدود عام 1967.
ثمة من يرى بأن حماس لم يعد بإمكانها أن تعطي الشعب شيئا غير الوعود والشعارات. صارت تأخذ من الشعب وتأخذه من أزمة إلى أخرى ومع كل أزمة تَعد بالحل، فتصبح كمن "يتأبط شرا" !
وفي كل مرة تنهال عليها النصائح من كل حدب وصوب، دون أن تبخل عليها الفصائل بالمبادرات والوسائل لنزولها عن شجرة عنادها ومكابرتها دون جدوى.

المدهش أن حركة حماس لديها من الصبر والجَلد على تحمل أعباء ينوء الجمل تحت وطأتها، كما يقال. ومع ذلك لا تترك مناسبة دون تذكيرنا أنها لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الشعب في غزة والضفة الغربية، وعن العالم الاسلامي أيضا. أما كيف ؟ فلا أحد يملك جواباً.
عندما قصفت طائرات اسرائيلية قافلة أسلحة قيل أنها كانت متوجهة لغزة، وقتل فيها عشرات السودانيين، سمعنا تصريحات لأحد قادة الحركة أن حماس لن تترك السودان وحيدا وستقف الى جانبه. وقد ظهر الرئيس السوداني يحمل عصاه "المباركة" ويهش بها على شعبه يمنة ويسرى ليضمن الاصغاء ويهدد: "سنرد الصاع صاعين" فلا رأينا الصاعين ولا حتى صاعاً واحدًا، ولا سمعنا برد حماس!!
عندما ضرب "تسونامي" سواحل اندونيسيا خرج علينا بعض رجال الدين بتفسير غير جغرافي فقالوا: إن الله غاضب من عري السواح في تلك الشواطئ، وعندما ضرب إعصار مناطق في الولايات المتحدة قالوا: إن الله غاضب من دعم أمريكا لإسرائيل ومحاربة الإسلام.
كلما حدثت مصيبة أو كارثة في منطقة ما في العالم لجأوا إلى أحكام غيبية، فاذا ضربت المصيبة محبيهم قالوا ابتلاء من الله لقوم يحبهم وإذا كان المصابون من غيرهم قالوا "انتقام من الله".

يستطيع رجل الدولة أن يصلي وقتما يشاء ويبسمل ويحوقل متى يشاء، ويكبر في وجه من يشاء، لكنه في النهاية عليه أن يتعامل مع ملفات ومشاكل مستعصية ويجد لها حلولا منطقية ومقبولة.
ليس هناك من لا يتألم لمشهد الاف الناس يتدفقون على شباك واحد. يريدون الوصول الى موظف واحد، لكي يكونوا من المحظوظين في صعود باص أول أو ثانٍ أو عاشر، المهم أن يغادروا مكانا واحدًا هو غزة . لكن هناك من إذا تألم تتعطل قدرته على التفكير، فيذهب في علاجه للمشكلة اتجاهات مغايرة، لا نقول مراوغة ولا مخادعة.
القيادي النائب صلاح البردويل الذي يتنقل من فضائية الى أخرى يصّر أن يوزع علينا يوميا "تصاريح" صحفية مرئية ومسموعة ومكتوبة عن المعبر أو القطاع. ولعل أخر ما اتحفنا به اتهام من يطالب بتسليم القطاع لحكومة التوافق بأنه "عدائي ومشبوه وغير وطني" وأن "دعوته تتماشى مع الاحتلال"!
هذا الموقف لا يختلف عن عشرات المواقف السابقة، لكن كثرة التصريحات بشأن موقف معين تصبح أقرب إلى الثرثرة، وتفقد صاحبها – أولا- هيبةً، ربما كان يتمتع بها، مثلما تفقد مواقفه جديةً كان يُنظر إليها.

أخشى أن يكون هناك من يرى في الاقرار بالخطأ يصب في مصلحة السلطة الوطنية وحركة فتح، لذلك لا يريد أن تظهر حماس في صورة من فشل في التعامل مع أزمة معبر رفح أو حكم القطاع، فيصّر على موقفه حتى لو فُني الشعب عن بكرة أبيه، وأمه وأخيه .
الثابت أن المسؤولين الحمساويين يهوون التصريحات الصحفية والحديث عن أي شيئ. المهم أن يملأوا ما يظنوه فراغا. لا يهم إن كان العقل يصدقها أم لا. مثل هذه التصريحات مكانها موسوعة "غينتس" للغرائب والطرائف، وليس مجتمعا يريد الحقيقة ولو كانت مُرّة ، ويريد الخلاص.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة