الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 03:02

"عشرة شيكل ع الساعة"/ بقلم: يقين غنايم

كل العرب
نُشر: 13/12/15 16:16,  حُتلن: 18:21

يقين غنايم في مقالها:

من مساوئ العمل الرئيسية في الوسط العربي للنساء هي قضية أجور العمل وما تتقاضاه العاملة أجرًا مقابل ساعة العمل الواحدة

ابحثي وتنوري واعرفي حقوقك ولا توافقي أبدًا ولا بأي طريقة من الطرق أن تنتهك حقوقك وأن يتم استغلالك

في عصرنا الحالي، وخلال العشر سنوات الأخيرة، بات انخراط النساء العربيات في سوق العمل على شتّى أنواعه أمرًا جليًا لا ريب فيه ولا يمكن انكاره، أو حتّى صدّهُ كما كان في بداية الأمر. فعمل المرأة أصبح أمرًا نقابله في كل مكان وجزءًا لا يتجزأ من عناصر تركيب هذا المجتمع، كما وأنه من المركبات الأساسية التي من خلالها تحقق المرأة ذاتها، تقوّي من شخصيتها وتضيف لها ما لا يضاف إلا من خلال دخول سوق العمل، عدا عن وجود الهدف الأساسي وهو أن تعيل ذاتها وعائلتها ماديًا في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية في الوسط العربي.

تعمل غالبية النساء والفتيات العربيات في الوسط العربي، ولهذا الاختيار كثير من المحاسن والايجابيات خاصة في ظل الأوضاع الأمنية التي تتزعزع في هذه الدولة بين الحين والأخر. فاختيار الوسط العربي كمكان للعمل للمرأة او الفتاة العربية يقلل من احتدام المشاعر المشحونة والاصطدام بكثير من المواقف السلبية، كما ويمكن التطرق أيضا لقضية قلة المواجهة مع حواجز اللغة واختلاف الخلفيات التربوية. إلا أنّ الحديث هنا ليس من أجل تعديد الجوانب الإيجابية لاختيار الوسط العربي والبلدان العربية كمكان للعمل فحسب، فهو سيف ذو حدين كما سُنّة الحياة في سائر الأشياء. فمن مساوئ العمل الرئيسية في الوسط العربي للنساء هي قضية أجور العمل، وما تتقاضاه العاملة أجرًا مقابل ساعة العمل الواحدة، حيث يقرر أرباب العمل تجاوز المألوف واختراق القانون ومنع إعطاء الحقوق التامة والمستحقات القانونية للعاملات. فيكون أجر العمل للساعة الواحدة أقل من الحد الأدنى المنصوص عليه وفقًا للقانون، وبالتالي فإن الراتب الشهري النهائي يكون بالكاد قد وصل لنصف المبلغ المُستحق.

تعاني كثير من النساء والفتيات المُقدمات الباحثات عن عمل، من الجهل الشبه تام بكل الأمور التي ينص عليها القانون حول الحقوق والمستحقات والتعويضات التي هي من حق العامل ولصالحه، وعلى اثر هذا الجهل قد توافق الكثير منهنّ على عديد من الشروط المنصوصة من قبل أصحاب العمل وان كانت شروطا استبدادية لا أصل لها ولا صحّة، وكله من أجل أن تحصل على عمل فقط. فقد تعمل كثير من الفتيات مثلا في مكان عمل واحد بعدّة أدوار ووظائف وبعدد ساعات يفوق عدد ساعات الوردية القانونية الواحدة، وتتقاضى رغم ذلك ذات الأجر المتدني الذي يقرره صاحب العمل دون أي مراعاة للحقوق والقوانين المنصوصة من قبل المؤسسات الحكومية المختصة في هذا المجال. لا يمكننا أن نعتبر هذا التجاوز الذي يقوم به أصحاب العمل والذي تسكت العاملات اضطرارًا عن الإفصاح عنه للجهات المختصة، تجاوزًا قانونيًا فقط وعلى أنه يلحق الضرر المادي الاقتصادي فحسب، إنما هو استغلال بحت لقوى النساء العاملة، عدم مراعاة، قلة احترام واستهتار بحق المرأة في المساواة مع الرجل في سوق العمل.

وبما أنّ المطالبة بالحقوق أصبحت من أعظم ظواهر هذا العصر، آن الأوان لهذه الظاهرة أن تندثر فتتلاشى بتفعيل رقابة دقيقة وفاعلة ووضع حد صارم يُعاقب على أثره كل متجاوز لا يؤدي الحقوق لأهلها ويستغل اضطرارية الكثير من النساء اللواتي يفضلنّ العمل في الوسط العربي لاختلاف الأسباب والدوافع ، ويستغل مساوئ الظروف الاقتصادية التي تجبر الكثير من النساء والفتيات العمل بمثل هذه الشروط من أجل أن تعيل نفسها وتساند أهل بيتها ماديًا، وحان الوقت لمعشر النساء والفتيات هجران الجهل ورفض الاكتفاء بالدون، فالبحث عن الحقوق ومعرفتها امر لا يحتاج لبذل كثير من الجهد، فوسائل الاطلاع اليوم كثيرة لا تحصى ولها أن توصلنا إلى حيث نريد. فابحثي وتنوري واعرفي حقوقك ولا توافقي أبدًا ولا بأي طريقة من الطرق أن تنتهك حقوقك وأن يتم استغلالك، فأنت وجهدك ووقتك تستحقين التقدير والحصول دائمًا على الأفضل. وإياك بأن ترضي بالاقتراح الدارج "عشرة شيكل عَ الساعة".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

 

مقالات متعلقة