الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 19:01

بمناسبة مرور 40 عامًا على انتصار الجبهة الاول في الناصرة/ بقلم:سهيل دياب

كل العرب
نُشر: 08/12/15 22:06,  حُتلن: 12:48

سهيل دياب في مقاله: 

اعتماد "التحليل الطبقي" على أساس علمي وموضوعي هو التحليل الأكثر صحة لأنه يبتعد عن أي نوع من التعصب أيا كان نوعه

لا تناقض على الإطلاق بين محافظة الحزب الشيوعي على الفكر المبدئي وتنظيمه الداخلي الصارم وما بين توسيع قاعدة التحالفات فالتجربة التاريخية العالمية المحلية والنصراوية تثبت عكس ذلك

لا يمكن إجراء مراجعة تاريخية لبناء جبهة الناصرة الديمقراطية دون دراسة تاريخ وكفاح الحزب الشيوعي في هذه المدينة المكافحة مدينة الناصرة

لا يمكن دراسة تاريخ الأقلية القومية الفلسطينية في هذه البلاد دون دراسة تاريخ الحزب الشيوعي في إسرائيل

المناخ السياسي الذي ساد الناصرة وجماهيرنا عامة بعد نكسة 1967 خلق جوا وطنيا وأعاد ثقة الجماهير بقدرتها وبدأت تتجاوز آثار النكسة والاستفادة من أسبابها هذا المناخ جلب احتراما إضافيا لصحة موقف الشيوعيين وحلفائهم

النعمة في وجود الحزب الشيوعي في الناصرة كجسم سياسي حاز على ثقة الجماهير الواسعة والفئات والشرائح الإجتماعية الأخرى

فكر جبهة الناصرة الديمقراطية .. كان قبل الانتصار الأول عام 1975.. وسيبقى بعد نكسة الجبهة عام 2013.

ان اعتماد "التحليل الطبقي" على أساس علمي وموضوعي، هو التحليل الأكثر صحة لأنه يبتعد عن أي نوع من التعصب أيا كان نوعه، قومي، عائلي، إقليمي او عرقي، فاعتماد التحليل الطبقي لرؤية المستجدات السياسية والاجتماعية والفكرية هو التحليل الأكثر وطنية، والأكثر صدقا، والأكثر ديمقراطية، والأكثر تقدما اجتماعيا في رؤية قضايا مفصلية كالموقف من المرأة، او قضايا الطبقة العاملة والفئات المسحوقة والمظلومة، وهو أيضا التحليل الأكثر إنسانية وأخلاقا.

لا تناقض على الإطلاق، بين محافظة الحزب الشيوعي على الفكر المبدئي، وتنظيمه الداخلي الصارم، وما بين توسيع قاعدة التحالفات، فالتجربة التاريخية، العالمية المحلية والنصراوية تثبت عكس ذلك.إن تجربة إقامة " القائمة المشتركة" وخوضها انتخابات الكنيست ألأخيرة ودور الجبهة في انجاز هذه الوحدة الكفاحية دليل على عدم وجود مثل هذا التناقض، كما وان التحالفات بين أطراف عديدة وانتخاب رئيس الجبهة القطرية محمد بركة مؤخرا، رئيسا للجنة المتابعة العليا يصب بنفس الرافد.

منذ إنتخابات بلدية الناصرة الأولى عام 1954 بعد نكبة 1948، وحتى يومنا هذا، ولب الصراع على وجه المدينة وقيادة البلدية، اعتمد على الربطالعضوي بين الوجه الوطني التقدمي وبين تقديم أعلى مستوى من الخدمات البلدية للناس بإستقامة ومهنية ونظافة يد. ولا يمكن النجاح بالواحدة دون الأخرى. وهذا ما سيبقى في المستقبل.


توفيق زياد

لا يمكن إجراء مراجعة تاريخية لبناء جبهة الناصرة الديمقراطية، دون دراسة تاريخ وكفاح الحزب الشيوعي في هذه المدينة المكافحة، مدينة الناصرة. كما انه لا يمكن دراسة تاريخ الأقلية القومية الفلسطينية في هذه البلاد دون دراسة تاريخ الحزب الشيوعي في إسرائيل.

إن مستقبل أهل الناصرة وجماهيرنا عامة مرتبط إلى حد كبير ليس فقط بمدى الإثبات بصدق طريقنا، سياسيا وفكريا وممارسة وإنما أيضا بمدى استطاعة هذا الجسم العريق مراجعة نفسه واستعادة عافيته ومواصلة طرح الفكر والسياسة الصحيحين والحوز على ثقة فئات الشعب وشرائحه، عمالا وأجيرين ومستقلين وأكاديميين وطلابا، رجالا، نساء، شبابا وشيبا.

كيف نحلل أسباب قيام جبهة الناصرة الديمقراطية؟

كانت هناك ثلاثة عوامل موضوعية، وعاملان ذاتيان.

العوامل الموضوعية:
1. ان المناخ السياسي الذي ساد الناصرة وجماهيرنا عامة بعد نكسة 1967، خلق جوا وطنيا وأعاد ثقة الجماهير بقدرتها، وبدأت تتجاوز آثار النكسة، والاستفادة من أسبابها، هذا المناخ جلب احتراما إضافيا لصحة موقف الشيوعيين وحلفائهم في ذلك الوقت، وجاءت حرب أكتوبر 1973، وظهور عرفات في الأمم المتحدة حاملا غصن الزيتون، ليعطينا أملا واقعيا إضافيا لهذا المناخ الوطني المتصاعد. هذا المناخ شجع فئات مترددة أو شبه يائسة للانخراط في العمل الوطني بين جماهيرنا عامة، وفي قلعة الكفاح، الناصرة خاصة.

2. التغييرات الكمية والنوعية للتركيبة الاجتماعية لشعب الناصرة. أكثر وأكثر عمالا في المصانع والمشاغل الإسرائيلية، زيادة عدد الأكاديميين ووزنهم في المجتمع، إقامة الأطر الوحدوية مثل رابطة الأكاديميين ومعلمي المدارس الثانوية، اتحاد الطلاب الثانويين، لجنة الطلاب الجامعيين أبناء الناصرة، هذا التغيير في التركيبة الاجتماعية خلق مناخا جديدا في البحث عن سبل وحلول للأوضاع المحيطة.

3. تفاقم أوضاع الفساد في بلدية الناصرة في ذلك الوقت، وتوسيع رقعة المحسوبية وساد شعور عام من الغضب والمطالبة بضرورة التغيير، على هذه الأرضية أقيمت لجنة التجار والحرفيين وأصحاب المصالح الخاصة، وكانت إلى جانب الأجسام الأخرى في كفاح محلي وبلدي لتغيير القيادة التقليدية السائدة منذ 1948 وتحويل البلدية إلى قلعة وطنية وديمقراطية.


رامز جرايسي

العوامل الذاتية:
1. النعمة في وجود الحزب الشيوعي في الناصرة، كجسم سياسي حاز على ثقة الجماهير الواسعة والفئات والشرائح الإجتماعية الأخرى. في طرح الموقف الصحيح وأيضا وجود قيادة شجاعة وحكيمة لهذا الحزب وهنا لا بد من الإشارة الى الأمور التالية:

أ‌- الشجاعة والمسؤولية: أكثر ما اثأر اهتمام المراقبين والمحللين السياسيين هو استطاعة الحزب الشيوعي الربط المبدئي بين أقصى ما يمكن من شجاعة وأكثر ما يمكن من مسؤولية. فالشجاعة الزائدة لوحدها توصل إلى المغامرة، والمسؤولية الزائدة لوحدها توصل إلى المأسسة البيروقراطية والميوعة.فهنالك أحزاب وظيفتها رصد وتحليل الأوضاع السياسية، ولكن الحزب الشيوعي هو الذي صنع الإحداث السياسية، وغيّر وجه المجتمع، فقد رأينا هذا الربط في قيادة الحزب في معركة البقاء وضد الترحيل عام 1948، رأيناه في المعارك الطبقية والإضرابات ضد البطالة عام 1951، في الكفاح ضد الحكم العسكري في الخمسينيات والستينيات، رأيناه في مظاهرات اول ايار 1958، 1959، رأيناه ضد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، في المظاهرات ضد مقتل الشبان الخمسة عام 1961 وغيرها.. وغيرها. هكذا ربح الحزب الشيوعي ثقة الجماهير، لقد أجادت قيادة الحزب الشيوعي ليس فقط السباحة ضد التيار في البحر الهائج، وإنما في الحفاظ على الناس كل الناس من الغرق في هذا البحر.

ب‌- الرؤيا الصحيحة من موضوع التحالفات، فقد دعا الحزب الشيوعي كل الوقت إلى توسيع رقعة الكفاح والمكافحين، سواء أكان ذلك بالدعوة إلى إقامة جبهات سياسية حول قضية معينة مثل "ضد الحكم العسكري" و "من اجل قبول العامل العربي عضوا كاملا في الهستدروت"، أو على أساس قائمة انتخابية لهذا الإطار او ذاك، أو بالدعوة لائتلافات مع أجسام سياسية واجتماعية أخرى.

وإنعاشا للذاكرة أود ذكر الحقائق التالية:

1. في الانتخابات الأولى لبلدية الناصرة بعد النكبة والتي جرت عام 1954 قام الحزب الشيوعي في الناصرة بتشكيل قائمة للانتخابات على أساس قائمة تحالفيه أوسع من الحزب وسميت "قائمة الحزب الشيوعي وغير الحزبيين". وهكذا بقيت حتى قيام جبهة الناصرة الديمقراطية عام 1974.

2. تجربة الائتلاف الذي أبرمه الحزب الشيوعي مع المرحوم عبد العزيز زعبي عام 1966 كانت مميزة. الحزب الشيوعي ورئيس قائمته في البلدية في حينه القائد المرحوم فؤاد خوري دعا إلى ائتلاف بين "الكتلة الشيوعية وغير الحزبيين" 7 أعضاء، وكتلة المرحوم عبد العزيز زعبي (عضو واحد عن حزب "مبام")، بل وقام الحزب الشيوعي باقتراح الأخ عبد العزيز زعبي رئيسا للبلدية. صحيح أن التجربة لم تدم أكثر من ثلاثة أشهر، وفشلت إمام ضغط السلطة وأجهزتها ولكن هذه التجربة كفيلة في تقديم البرهان على الحسابات الصحيحة لقيادة الحزب الشيوعي في ذلك الوقت، واستعداده لعمل كل شيء من اجل خدمة مصالح الناس السياسية والاجتماعية والبلدية، وتقديمها ولو خطوة واحدة إلى الإمام، بعيدا عن أنانية حزبية ضيقة.

3. إبان تشكيل جبهة الناصرة الديمقراطية، قامت قيادة الحزب بالاقتراح بان يقوم القائد الجبهوي الراحل، الدكتور انيس كردوش، بترؤس قائمة الجبهة لرئاسة البلدية عام 1975. ولكن شاءت الظروف أن مرض الدكتور انيس كردوش ورحل عنا قبيل الانتخابات.

ومن المفارقات الهامة في هذا الصدد، أن رابطة الجامعيين الجبهوية، وباقي الأطر الجبهوية هي هي التي اقترحت فيما بعد أن يكون مرشح الجبهة للرئاسة، القائد الشيوعي الرفيق توفيق زياد. هذا ان دل على شيء فانه يدل على مدى الثقة التي سادت في العلاقات بين الشيوعيين والجبهويين، ومدى رؤية المصلحة العامة لكل الإطراف.

4. لقد كان الحزب الشيوعي هو الذي بادر إلى إدخال مبدأ "الإقناع والإجماع" كطريقة عمل داخل الجبهة والتي تحدد العلاقة بين أجسامها الأربعة – الحزب الشيوعي فرع الناصرة، رابطة الأكاديميين ومعلمو المدارس الثانوية، لجنة التجار والحرفيين وأصحاب المصالح الخاصة، ولجنة الطلاب الجامعيين أبناء الناصرة. فالتصويت كان "كتلويا " بناء على هذا المبدأ وليس" فرديا" ، كل جسم ينتخب مندوبيه لهيئات الجبهة بشكل مستقل، كما وينتخب مرشحيه للقائمة الانتخابية البلدية.

هذه المبادرة لم تكن مبادرة روتينية، ولا تدل فقط على مصداقية قيادة الحزب ومبدئيته، وإنما تدل بالأساس على النظرة الخلاقة في إبتكار الأدوات والآليات التنظيمية وإعطاء الثقة الكاملة للحلفاء وإقناعهم بان التحالف هو استراتيجي، سياسي وبلدي، وان الحزب لا ينوي على الإطلاق، الهيمنة والتسلط على تنظيم الجبهة، بل العكس هو الصحيح – الحزب يريد مشاركة حقيقية ومتساوية وندية، وبهذا تكمن مصلحة الحزب الحقيقية وليس في الضيق والتقوقع.

في احد الاجتماعات للكادر الحزبي في الناصرة قبيل انتخابات 1978، قدم الرفيق توفيق زياد مداخلة هامة حول تجربة السنوات الأولى لقيام الجبهة وما لفت النظر من أقواله حينما قال:
"لو إننا خُيرنا من جديد إن نحصل على 11 عضو بلدية عام 1975 كلهم شيوعيون، وما بين أن نحصل على 11 عضوًا، في قائمة جبهوية ستة منهم شيوعيون، وخمسة جبهويون لكنا كحزب شيوعي اخترنا من جديد قائمة جبهوية شاملة" . وأضاف ملخصا: "هذه هي المصلحة الحقيقية للحزب، وما إحداث يوم الارض 1976، وإقامة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة القطرية عام 1977، وحصولها لأول مرة على 51% من أصوات الجماهير العربية، إلا برهان على ذلك".

ان كل ما جاء في هذا السياق يوصلنا إلى الاستنتاجات التالية:

1. ان اعتماد "التحليل الطبقي" على أساس علمي وموضوعي، هو التحليل الأكثر صحة لأنه يبتعد عن أي نوع من التعصب أيا كان نوعه، قومي، عائلي، إقليمي او عرقي، فاعتماد التحليل الطبقي لرؤية المستجدات السياسية والاجتماعية والفكرية هو التحليل الأكثر وطنية، والأكثر صدقا، والأكثر ديمقراطية، والأكثر تقدما اجتماعيا في رؤية قضايا مفصلية كالموقف من المرأة، او قضايا الطبقة العاملة والفئات المسحوقة والمظلومة، وهو أيضا التحليل الأكثر إنسانية وأخلاقا.

2. لا تناقض على الإطلاق، بين محافظة الحزب الشيوعي على الفكر المبدئي، وتنظيمه الداخلي الصارم، وما بين توسيع قاعدة التحالفات، فالتجربة التاريخية، العالمية المحلية والنصراوية تثبت عكس ذلك. إن تجربة إقامة " القائمة المشتركة" وخوضها إنتخابات الكنيست ألأخيرة ودور الجبهة في انجاز هذه الوحدة الكفاحية دليل على عدم وجود مثل هذا التناقض، كما وان التحالفات بين أطراف عديدة وانتخاب رئيس الجبهة القطرية محمد بركة مؤخرا، رئيسا للجنة المتابعة العليا يصب بنفس الرافد.

3. منذ انتخابات بلدية الناصرة الأولى عام 1954 بعد نكبة 1948, وحتى يومنا هذا ,ولب الصراع على وجه المدينة وقيادة البلدية، اعتمد على الربط  العضوي بين الوجه الوطني التقدمي وبين تقديم أعلى مستوى من الخدمات البلدية للناس باستقامة ومهنية ونظافة يد. ولا يمكن النجاح بالواحدة دون الأخرى. وهذا ما سيبقى في المستقبل.

4. فكر جبهة الناصرة الديمقراطية كان قبل انتصار الجبهة الأول عام 1975، وسيبقى بعد نكسة الجبهة عام 2013.

الناصرة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة