الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 06:01

قوانين/بقلم: أسيل منصور

كل العرب
نُشر: 01/11/15 12:08,  حُتلن: 12:39

لقد اشتاقت إليه ..نعم قد فعلت.. لم تره منذ سنين ولم تعلم أين يكون ومن يكون اليوم فالتغيير هو القدر المحتوم الطاغي على الجميع.. جلست على مقربة من المدفأة تراجع حساباتها وتخوض صراعا مع قلبها.. لقد شارف مخزون الذكريات على الانتهاء ودمها قد صار يغلي من الحنين.. لم يكن أمامها من حل آخر.. عليها الاقدام على الأمر وبسرعة وإلا سيتلاشى حبها له خلال وقت قليل فمن يغذي ذلك السمّ سوى الذكريات ..وجهه يلاحقها في كل مكان ويبعث الطمأنينة في نفسها..

هو معها أينما كانت ولذلك لم تعرف الوحدة لها طريق وأما الآن فقد احتاجت لرؤيته ..الإمعان بتقاسيمه ..الغرق في عينيه والبعد قدر المستطاع عن شاطئ الأمان..ابتلعت الكبسولة وغرقت في نوم عميق..
كان يقف بجانب النافذة ..يتأمل المشهد
المُطِلّ ووجهه خال من أي تعبير ..نادته باسمه فلم يحرك ساكنا ..
اقتربت إليه بهدوء ووضعت يدها على كتفه ..
-إنها أنا قالت ، بشوق لا يوصف
-لقد كنت أنتظرك ..أجابها بهدوء
-لم لا تنظر إلي؟
-يتوجب علي إيقاف الأمر ..يجب أن تنسي أمري لمصلحة الجميع..
-لم القسوة؟ ..أنت لا تفهم شيئا..
-بلى ولكنك تسيئين تطبيق القوانين ..
-تبا للقوانين ..لم أعد أكترث ..
سكتا لمدة طويلة واقتربت هي من النافذة علها ترى ما يسلبها نظرة عينيه ..في طريق ترابي تحيطه الأشجار لعب طفل وطفلة بكل براءة وبكل حرية وبكل نقاء وصفاء وحب ..وتسارع الوقت ورأتهما يكبران واستمر لقاءهما إلى أن افترقا .
-لم يرحلان كلٌّ في طريق ؟
-إنها القوانين ..
-هل هما ؟..
قاطعها بحدة وقال :
-لا داعي للخوض في الأمر فأنت تعلمين كل شيء
-وماذا عن حبهما؟
-لا تكوني ساذجة من فضلك ..هذا يُصَعِّبُ الأمر عليّ أكثر ..
أمسكت بكتفيه وجعلت تهزه بعنف شديد ..
-استيقظ وانظر إليّ صرخت في وجهه..
فعل كما طلبت فتراجعت إلى الوراء من هول ما رأت..
كانت عيونه خالية من أي شعور ..باردة كالجليد ..خاوية يطل الموت منها..
-ماذا فعلت بك القوانين ؟! كيف تمكنوا منك أيضا؟
-ماذا تظنين كان ليحصل بيننا والأعين تحاصرنا..
كان يجب أن أجعله ينتحر ..
-أيها الغبي ، لقد قتلت نفسك وقتلتني معك ..
-كان الأمر سيحصل عاجلا أم آجلا ..
التفتت للوراء وبدأت تركض..
-أين تذهبين ؟
-سأصلح كل شيء هدمتموه بقوانينكم البلهاء..
استمرت بالعدو ،خرجت من المبنى وركضت إلى أن وصلت إلى الطريق ونادت كليهما من بعيد ...لقد كانت بذلك تخالف كل بند من تلك البنود وهي تعلم عاقبة الأمر ولكنها صرخت باسميهما معا ووقفت تنتظر المعجزة لتحصل ..وبينما كانت تنتظر رفعت نظرها إلى النافذة ..كان ما زال هناك يحدق بها بجنون وكأن فعلتها أيقظت به شيئا كان قد مات فيه ..وفجأة عاد الراحلان والتقيا عندها فابتسمت للنافذة ابتسامة منتصر وهوت إلى الجحيم ..

مقالات متعلقة