الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 00:02

ما بعد إضراب المدارس المسيحيّة/ بقلم: مأمون فاعور

كلّ العرب- النّاصرة
نُشر: 01/10/15 07:34,  حُتلن: 09:49

 مأمون فاعور في مقاله:

لهذه المدارس صبغة دينيّة لأنها بالأساس كانت مدارس تبشيريّة ومع الزمن أصبحت مدارس أهليّة

انفردت المدارس المسيحيّة بقرار الإضراب متجاهلة تمامًا القائمة المشتركة ونوّابها في الكنيست ولجنة المتابعة

أثبت الاتفاق مع وزير المعارف أن خلاف المدارس المسيحيّة مع وزارة المعارف هو خلاف مادي محض لا علاقة له بالوطنيّة لا من قريب ولا من بعيد

انتهى إضراب المدارس المسيحيّة ولكن مازال الجدل قائمًا لأنّ الأضواء سلّطت على هذه المدارس، وبالتالي فإن الإختفاء عن الأضواء لا بد أن يكون تدريجيًا وأن تطرح الأسئلة والأجوبة أيضًا. لا بد مما ليس منه بد ولا بد من الخوض في جوهر الموضوع وعدم اللجوء إلى الكلام المعسول الذي لا يدخل العقول. المدراس التي أضربت هي فقط المدارس المسيحيّة الكاثوليكيّة وهناك مدارس أهليّة ومسيحيّة لم تشترك في الإضراب لذا فإن التسميه " المدارس الأهليّة" هي تسمية غير دقيقة.

المدارس التي أضربت كانت تسمى المدارس الأهليّة لكنها ولأسباب لا نعرفها اختارت أن تسمي نفسها المدارس المسيحيّة وهذا حقها أن تسمي نفسها كما تشاء وما لنا سوى احترام رغبتها وفي خضم الإضراب سموها "المدارس الوطنية" وحين عقدت صفقة الخمسين مليون مع وزارة المعارف، سمتها وزارة المعارف بموافقتها " الطائفه المسيحيّة". بمنتهى الصدق لو قالوا "المدارس المسيحيّة " أو "المسيحيين لكان الأمر أسهل من استعمال "الطائفه المسيحيّة" وهو مصطلح تحبه أجهزة الدولة والمخابرات.

انفردت المدارس المسيحيّة بقرار الإضراب متجاهلة تمامًا القائمة المشتركة ونوّابها في الكنيست ولجنة المتابعة، وهنا لا بد لإدارة هذه المدارس من الإجابة على الأسئلة لأن حق الجماهير أن تعرف.

أولًا : إذا كانت هذه المدارس حقًا مدارس وطنيّة كما يريدون أن يسمونها الآن فكيف لها أن تخوض نضالًا بدون التنسيق مع ممثلي الشّعب المنتخبين ومع لجنة المتابعة وهذان الجسمان مفروض أن يقودا النضال لا أن يستثنوا منه بهذه الصورة الفظة التي تثير الشبهات.

سؤالي الثاني هو: كيف لمدارس وطنيّة أن تجبي رسومًا من طلاب إبتدائيين بما يكاد يساوي نصف قسط جامعي؟ بفضل هذه المدارس أصبح التعليم بكل مراحله غير مجاني فهل هذا ملائم لمدارس ذات رسالة وطنيّة؟

ثالثًا: وضع المعلمين في هذه المدارس فهم لا ينعمون بالحقوق التي ينعم بها زملاؤهم في التعليم الحكومي فهناك عملية فصل معلم من المدرسة هي أمر في غاية السهولة ويحصل كثيرًا فهل هذا عمل وطني؟

رابعًا: تتقاضى المدارس الأهليّة رسومًا من الأهالي ومن الوزارة ومن دول أجنبيّة، أفلم يحن الأوان بكشف حجم هذه الميزانيات كيف يعرف الشعب حقيقة الوضع المادي لهذه المدارس؟

خامسًا: لماذا وافقت القائمة المشتركة ولجنة المتابعة أن تكونا مجرد تابعة للجنة المدارس المسيحيّة بدل أن تكون هي على الأقل شريكة في قيادة وإدارة النضال، هذا الدور الذي فصلته قيادة المدارس الأهليّة للنواب العرب ولجنة المتابعة لا يليق بهم إطلاقًا.

سادسًا: مع احترامي الشديد لبعض النواب العرب من خريجي هذه المدارس وارتباطهم العاطفي بها، فلا يعقل أن يقبلوا دورًا ثانويًا وأن يكون جل عملهم هو أن يمجدوا هذه المدارس. هذا الدور لا يليق بقادة أقلية قومية، بل عليهم أن يجلسوا في لجنة إدارة النضال لا أن يكونوا مجرد تابعين. انتخبناكم لتقودوا !

سابعًا: أثبت الاتفاق مع وزير المعارف أن خلاف المدارس المسيحيّة مع وزارة المعارف هو خلاف مادي محض لا علاقة له بالوطنيّة لا من قريب ولا من بعيد. لم يكن الخلاف مع الوزارة بسبب المنهاج أو النهج الوطني لهذه المدارس، فكيف أصبحت المسألة مسألة وطنيّة؟ كلنا نعرف أن هناك إجحافًا بحق المدارس العربيه بما فيها الأهليّة ولو كان الأمر وطنيًا بحق لخرجنا جميعًا بإضراب موحد وبدافع رفع الظلم عن طلابنا ومدارسنا، لكن المدارس المسيحيّة تتمتع بميزانيات من ثلاثة مصادر فهي ليست في نفس الخندق وهكذا تصرفت طيلة الوقت.

أما الآن وبعد أن خفضت المعارف لها من ميزانيتها فقد ارتأى من ارتأى أننا في نفس الخندق..

ثامنًا: من مصلحتنا أن تستمر هذه المدارس بالوجود لكن لا يمكن الإستمرار بإثقال الأهالي والتي بالتالي تؤدي إلى إضفاء الطابع الطبقي لهذه المدارس وهو منافٍ تمامًا لأبسط أسس العمل الوطني الذي يقوم على المساواة في الفرص لأبناء جميع الطبقات والفئات.

تاسعًا: لهذه المدارس صبغة دينيّة لأنها بالأساس كانت مدارس تبشيريّة ومع الزمن أصبحت مدارس أهليّة.

إذا عرّفنا هذه المدارس بالوطنيّة، أي أنها معدّه لكل أبناء هذا الوطن، فعليها أن تفتح أبوابها للجميع طلابًا ومعلمين على حد سواء ولكي تكون وطنية فلا بد من فتح أبواب غرفة المعلمين أمام جميع الفئات. قضية المدارس المسيحيّة هي بصريح العبارة قضية خاصّة ولا تمت بالوطنية لا من قريب ولا من بعيد ومن غير المقبول أن يصبح أعضاء المشتركة ولجنة المتابعة والجماهير مجرد تابعين لمجموعة تقود نضالًا قررته لوحدها وتديره لوحدها!

رغم كل ما قلت فلهذه المدارس دورها الهام في عملية التعليم في الماضي والحاضر، ولها نتائج طيبة هي مصدر فخر لنا جميعًا، لكن انعدام الشفافية وانعدام دور لجان الآباء هما نقطتان هامتان لا بد من تناولهما بعمق ولا بد من دور فاعل للجان أولياء الأمور وتنظيم حقوق المعلمين. إن أرادت أن تسمى بالمدارس الوطنيّة فعليها أن تكون فعلًا مدارس وطنيّة وأن تعرفنا في السراء والضراء.

للنضال الوطني السليم قواعده وأسسه وهو ما ينبغي أن يكون هدفنا جميعًا، وكي ينجح أي عمل وطني فلا بد من اتباع أسس الشراكة الحقيقية التي تقتضي تعبئة الجماهير وإقناعها ليس فقط بعدالة النضال بل بسلامة إدارته، وباتخاذ القرارات الجماعيّة بعيدًا عن صيغة "إتبعوني"!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة