الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 03:02

مستوطنون مهددون مع وقف التنفيذ/بقلم: د.جوني منصور

كل العرب
نُشر: 23/08/15 20:03,  حُتلن: 23:17

جوني منصور في مقاله:

الاستيطان عبارة عن عملية استيلاء أفراد (ممكن فرد واحد)على اراض تدّعي الحكومة انها اراضي دولة،

أين المشكلة يا ترى؟ إنها ليست هنا أبدًا فالكل متفق مع الوعد الإلهي، وحصول المستوطنين بركة السماء والأرض

كيف ستجرؤ حكومة في اسرائيل على منع هذا الاستيطان أليست هي التي تشجع كافة اشكال والوان الاستيطان!

ذريعة حكومة اسرائيل لأنها تسعى إلى تنظيم اشكال السكن في تجمعات لتوفر لسكانها الخدمات الضرورية، في حين انها لا تجرؤ ابدًا على المس بالاستيطان الاحادي

سياسات حكومة اسرائيل تسعى إلى سحب الأرض او لنقل ما تبقّى من أرض من تحت ارجل اصحابها العرب الفلسطينيين، اصحاب الأرض الاصليين وسكان الوطن الحقيقيين

نشرت صحيفة هآرتس يوم الاحد 23 آب مقالة تفصيلية عن الاستيطان الفردي أو الأحادي في بعض مناطق الوطن، وخصوصًا في الجليل والنقب ووسط البلاد. وأشار المقال إلى أن الدولة – أي المؤسسة الاسرائيلية – تواجه مشكلة كبيرة مع هؤلاء المستوطنين. فهذا الاستيطان غير مجاز قانونيا، وأنه مقام على أراض واسعة جدًّا من حيث المساحة، وأن فترة زمنية طويلة قد مرّت على معظمه. فأين الاشكالية في هذا النوع من الاستيطان؟

لتوضيح الأمر علينا اولاً فهم الاستيطان الفردي وطبيعته وخلفياته وتداعياته. هذا الاستيطان عبارة عن عملية استيلاء أفراد (ممكن فرد واحد)على اراض تدّعي الحكومة انها اراضي دولة، وهي في حقيقة الامر اراض عربية فلسطينية نهبت في العام 1948، عام النهب الكبير. وأن الذين استولوا على هذه الأراضي(منهم اريئيل شارون الذي أشغل مناصب عسكرية ووزارية ورئاسة حكومة اسرائيل) هم في واقع الأمر – بالنسبة للحكومة – شركاء في عملية الاستيطان وملئ أرض اسرائيل بالبنين والبنات، وتحقيق وعد الله. فأين المشكلة يا ترى؟ إنها ليست هنا أبدًا فالكل متفق مع الوعد الإلهي، وحصول المستوطنين بركة السماء والأرض (الأرض: أي الحكومة بصورة غير رسمية) لقيامهم بعملية خلاص الأرض من أيدي الغرباء (الجوييم). حيث أن المستوطنين يدّعون أنهم بهذه الطريقة الاستيطانية يمنعون من العرب الاعتداء على أراضي الدولة.

فأين المشكلة إذًا؟ حتى لا نطيل الشرح على القارئ الكريم، فإن الصحيفة المذكورة اعلاه اشارت إلى أن الحكومة الاسرائيلية لا ترى في هؤلاء مخالفين للقانون بقدر ما تعتبرهم قاموا ويقومون بتأدية رسالة وطنية من الدرجة الأولى. ولا تتسرع في إصدار أوامر هدم بيوتهم أو اقتلاع اشجارهم ومزارعهم، أو مصادرة قطعانهم، كما تفعل مع الفلسطينيين. هؤلاء قد استولوا سلبا ونهبا على مساحات شاسعة من الأراضي في الجليل والنقب، ويقومون باستخدامها كما يحلو لهم، ولا تتجرأ الدولة بمؤسساتها الحكومية على طردهم واستعادة الأراضي، فيما لو اعتبرتها اراض دولة تابعة لها.

إذًا التعامل مع هذا النوع من الاستيطان باعتباره طلائعيا وفيه جرأة كبيرة وقيم اخلاقية للمجتمع في اسرائيل، فكيف ستجرؤ حكومة في اسرائيل على منع هذا الاستيطان. أليست هي التي تشجع كافة اشكال والوان الاستيطان! مقابل ذلك تعمل حكومات اسرائيل على نزع شرعية أي تجمع عربي بدوي في الأساس في النقب والجليل، يذريعة البناء على أراضي دولة، أو أراض عليها شكوك في حقوق الملكية. عِلمًا أن الساكنين عليها يملكونها منذ مئات السنين، وقاموا بزراعتها وحمايتها على مر الزمن. فالعراقيب وأُم الحيران وغيرها تتلقى الضربات المتواصلة اعتمادًا على هذه الذريعة اللااخلاقية واللاانسانية. ذريعة حكومة اسرائيل لأنها تسعى إلى تنظيم اشكال السكن في تجمعات لتوفر لسكانها الخدمات الضرورية، في حين انها لا تجرؤ ابدًا على المس بالاستيطان الاحادي. حيث أنه وفقًا للاحصائيات فإن من بين هؤلاء من استولى على مئات أو آلاف الدونمات دون من يردعه او يمنعه من ذلك.

لهذا، نرى ان سياسات حكومة اسرائيل تسعى إلى سحب الأرض، او لنقل، ما تبقّى من أرض من تحت ارجل اصحابها العرب الفلسطينيين، اصحاب الأرض الاصليين وسكان الوطن الحقيقيين. وتقطع عنهم المياه في حال قيام افراد منهم او جماعات بمخالفة قانونية، مثل البناء غير المرخص. زد على ذلك ان حكومات اسرائيل المتعاقبة لم تقم إلى الآن بأي مشروع اسكاني لحل أزمات السكن لدى العرب بمبادرة خاصة من طرفها، القصد إقامة قرية او بلدة عربية تفي بالشروط الحياتية المطلوبة لسكانها. ما تقوم به هذه الحكومات، كما قال لي مراقب اجنبي زارني قبل فترة، هو هدم وتدمير. ويبدو أنها قد اصبحت مدمنة على مثل هذا النوع من العمليات الهدامة.

من جهة أخرى، تؤكد ظاهرة الاستيطان الفردي سياسة الكيل بمكيالين لمواطني الدولة. فالتعامل مع المستوطنين اليهود في الجليل والنقب بكفوف ناعمة وحريرية، في حين ان التعامل مع الفلسطسينيين في الضفة الغربية وفي الداخل بقسوة وفظاظة المستعمر، بذريعة التمسك بالقانون. ييقى السؤال المركزي هنا، وفي نماذج اخرى لحالات متشابهة: هل ستقوم حكومة اسرائيل ومن خلال وزارة الداخلية والشرطة وقوى أمن اخرى بوقف هذا الاستيطان غير القانوني، وهدم المباني التي اقامها المستوطنون بغير تشريع قانوني على الأقل؟ ننتظر ونرى...

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة