الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 06:02

قصة وليمة / بقلم: حياة البنا

كل العرب
نُشر: 16/08/15 15:17,  حُتلن: 07:21

منذ زواجي لم أدعَ لتناول الطعام من أي من الأخوة أو الأخوات أو الأقارب باستثناء دعوات زوج أختي عبد الكريم ،كان يدعوني لتناول المفتول كلما طبخته أختي يسرى زوجته .
أمضيت رمضانا واحدا في عمان وحيدة بلا زوج أو أولاد ... دعاني للإفطار صديقاتي وجارتي وأم أولاد درستهم اللغة العربية !!
أسمع بالمآدب التي يقيمها إخوتي يتشارك اثنان منهم لإقامة إفطار لأخواتهم ،حيث درجت هذه العادة في بداية تسعينيات القرن الماضي ،ثم ما لبث أن توافق أولياء الأمور من إخوة وآباء على إلغائها بالتدريج ؛ فاستبدلها بعضهم بطعام تعده زوجاتهم وعند ساعة الغروب يحمل طعامه إلى بيت أخته ليفرغ بنفسه حمولته من الطعام على مائدتها إن كان لها زوج، أما الأخوات الأرامل والمطلقات فيكفي أن يطلق زامور سيارته قبالة دورهن لتشرئب أعناق الجيران من النوافذ والبلكونات تزامنا مع خروج اليتامي على مضض لتناول أوعية الطعام من خالهم الذي لا ينزل من سيارته لضيق الوقت قبل موعد الإفطار.
أتاح الحل الأخير للزوجات التخلص من عبء تنظيف البيت بعد دعوة سنوية لأخوات زوج، حكم لقاؤهن مكروه، كما أنه وفر فرصة التخلص من بقايا طعام أعدته الزوجة لأهلها.
بعد مضي أكثر من 20 سنة على زواجي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها ! فكيف تتحدى عانس أهلها وتتآمر عليهم لتظفر بزوج ؟! وما حاجة معلمة في وكالة الغوث راتبها زاد على 300 دينار تملك سيارة .. ما حاجتها إلى أزواج؟! ناهيك عن التوفير ومكافئة نهاية الخدمة الذي ينتظرها عند بلوغها الستين . أليست مجنونة ؟ ما رأيكم بالحجر عليها مستعينين بطبيب متخصص بالحجر على مستثمرين حاولوا الزواج على زوجاتهم،وتبديد ثروة هي حق لأولادهم؟
- لكن كيف نعيدها إلى الخدمة في وكالة الغوث بعد أن يتم الحجر عليها من دائرة قاضي القضاة؟
- لم تكتف الملعونة بالزواج رغما عن أنفنا؟ فها هي تكشف عن تواقيعنا المزورة في ملف حصر الإرث الخاص بعمنا الكليل شهبندر التجار!
- ماذا نفعل بها ؟ وكيف نمنع دخولها الأردن؟ إعملوا الفكر ! هل نستطيع منعها من دخول البلد؟
- مزور التواقيع : إذا منعنا أخواتنا من استقبالها لن تأت !وإن جاءت ستغادر على الفور .علينا أن نحول دون مبيتها عند أي من أخواتنا ...
- كيف؟ وهل لدينا سلطة عليهن في بيوتهن ؟
- مزور التواقيع : نعم لدينا سلطة : نعلن أنها زانية ومن تستقبلها نقاطعها، أنسيتم أن أخواتنا أرامل بحاجة إلى دعمنا في مواجهة أنسبائهن المنكّلين ببناتهن؟!
- فكرة عبقرية، جميعهن سيطردنها حتى المتزوجات المنكّل بهن، من منهن تستغني عن زيارتنا الخاطفة يوم العيد ؟ غنى التي لا تملك شراء حبة علكة من راتبها؟ أم كفاية ذات الحفلة السنوية بالعصا على جلدها ؟!

بعد أكثر من عشرين عاما من استبعادي من الجمعات والسهرات، فقد ساومني أخوتي بعد وفاة أبي وأمي على دفع راتبي إليهم أتاوات متساوية وإلا بقيت منبوذة ، فاخترت أن أعيش منبوذة ،استثنيت أصغر إخوتي الذي يعيش في أوروبا، التزمت بدفع راتب شهري له إلى أن أغروني بوقف المعونة الشهرية بعد توفير مبلغ له ليبدأ مشروعا تجاريا حيث يعيش، فبعت سيارتي لتوفير المبلغ المطلوب .
السلام عليكم ألو : ما رأيك أن تأخذني بطريقك إلى بيت ابن عمنا؟
كيف؟كيف تذهبين هناك؟
دعاني لتناول الطعام؟
دعاك؟هل أنت متأكدة؟
هاتفني مرتين وأصرّ على حضوري ! رددت عليه لا أقدر أن أفشّلك أبا محمد .
مع أن خبر دعوتي للمشاركة في وليمة كان له وقع الصاعقة على أخي ،قال : لا تفهميني خطأ ، أردت فقط أن أتأكد من أنك مدعوة، فليس لنا نحن إخوتك علم، ولم يخبرنا بدعوتك.
كانت الدعوة خاصة بأخوتي في أول جمعة لوفاة أخينا الأكبر،ولأنه تم شطبي من قائمة الأخوات الطويلة منذ زمن بعيد كانت المفاجأة صادمة!!
في الحقيقة منذ عشرين عاما، قبيل أي مناسبة (أعراس،خطبة،عقد قران،عشاء أو غداء على شرف فلان القادم من وراء البحار) يطرح إسمي للنقاش،ندعوها أم لا؟ ما الإيجابيات؟ما السلبيات؟ماذا سترتب على دعوتها؟وما ردّ فلان من إخوتها؟ ليجدوا أن لا إيجابية لدعوتي ،وأنهم لن يجنوا من دعوتي سوى وجع الرأس والعقوبات،لقد ساعدتنا أختها اللّدودة في بناء البيت،ولن يتورع أكبر إخوتها عن إلغاء عقد قران ابنتنا.
هناك من تهديهم عبقريتهم إلى حل يرضي الطرفين :أنا وغريمي أكبر إخوتي.كيف؟ : لا ندعوها إلى حفل عقد القران اتقاءا لغضبه الذي سيطيح بمشروع الزواج،بحيث ندعوها إلى حفل الزفاف، حيث تمّ عقد القران ولا يملك أخوها ضررا.
لم يدر بخلد إخوتي أنني أزور ابن عمنا في داره،فابنته البكر رفيقة طفولتي وما زالت، جمعتنا أجمل وأعذب الذكريات ،أما طيبة أم محمد ميّ (المتربعة على قلوب عائلتنا ومن لفّ لفها من أنسباء ) وحبها لي الذي لم يلوثه شائبة رغم ما قيل ويقال عني، ورغم قسوة أبي محمد علي أحيانا، فهو يحب أن يستفزني، بقوله : حضرت؟ جاهزة بأوراقها ؟!! ..
بالأمس كان يحيى البنا بشوشا ضاحكا مرحبا بضيوفه رغم حزنه على ابن عمه أكبر إخوتي، افتقدتُ صخب أيام زمان والكاميرا (طالبته بصور فأجاب أن المناسبة لا تسمح)،حرص أن أجلس بجانبه طول الوقت،لقد أدرك الرجل ما أعانيه من يُتم،قلت وأنا أغالب الدمع: يتّمني أعمامك قبل أن يموتوا وبعد أن جردوني من كل شيء ،حتى أنهم جردوني من سنيّ الشباب قبل أن يودعوني أمانة تبيض ذهبا لأخوتها!!

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة