الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 14:01

وطن الغريب/ بقلم: يوسف حمدان

كل العرب
نُشر: 10/08/15 16:24,  حُتلن: 07:23

لَمَستْ يدُها البضةُ أوتارَ يدي.
خِلتُ بأني أتنفسُ نعناعا منسياً
وأفتشُ عن ظلي المُبتَعدِ..
رحتُ أراوحُ بين يقيني والظنِ..
وأراوح بين الغربة والوطنِ
أخذتني الريحُ إليها ..
لمسَتْ يدُها البضةُ أوتارَ يدي
عُدت على أجنحة اللحنِ إلى بلدي.
***
أعطاني وطني زادا للغربةِ..
ذوّقني طعم الغربة قبل السفرِ.
علمني أن أحمله.. ليلا ونهارا
في قفص الصدرِ.
وحملتُ الوطنَ الغالي ..
أعواما وعقوداً..
لوَّعَني.. عذّبني ..وصبرتُ
فقد علَّمني كيف ألوذُ إلى الصبرِ ..
علًّمني .. حصنَني..
لم يقصمْ ظهري.
صوّر في ذاكرتي
كل تفاصيل التربةِ
والخضرةِ والحَجرِ.
صوَّر كل تضاريسِ الجبلِ العالي
والنهرِ
حمَلني البيارةَ والزيتونَ
ورملَ البحرِ.
سجّلَ في خَلَدى ما لا يُمحى
في ساعات النوم أو السَهَر.
***
في وطني الهاربِ
يولد أولادٌ وبناتْ
وأنا في الغربةِ أذكر كل الأشياءِ
وتقتلني اللوعة والآهات.
تتفجر موجاتُ الحب بكل عروقي
حين أرى أطفالا..
يسعون إلى مدرسةٍ
وحدانا وزرافاتْ.
وأُحنُّ إلى سرب حمامٍ
حلًّق فوق حقول القمحِ
وتوت الساحاتْ.
تأخذني النشوةُ حين تفيضُ
على وجهي أزهارُ الحمضياتْ
علّمني وطني أن أحفظَ
كلَ حروف الأرضِ
كما أحفظُ نورَ الآياتْ.
علّمني وطني ..
أن أبني وطني بالكلماتْ ..
أخذتني الريحُ إلى شارعها ..
شارعنا الباقي..
لمستْ يدُها البضةُ أوتارَ يدي ..
عدتُ على أجنحة الوجدِ إلى بلدي.

 نيويورك - 7/8/2015

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة