الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 05:02

الفيسبوك/ بقلم: نغم شريف زعبي

كل العرب
نُشر: 04/06/15 10:36,  حُتلن: 16:18

نغم شريف زعبي في مقالها:

كان الفيسبوك منبرًا للجدال والشجار وأثّر على الروابط الأسريّة والاجتماعيّة وأصبح الفيسبوك هدرًا للوقت ويشكل للبعض نوعًا من الإدمان

استطاع الفيسبوك وبجدارة اختراق حياتنا الخصوصيّة فمن كان على علاقة غراميّة سنعلم بدقات قلبه وبأنّه يعيش قصّة قيس بن الملوح

الفيسبوك مرآة العصر تعكس حال مجتمع وحال أمة وعلى كل فرد منّا مسؤوليّة الوعي والادراك لاستيعاب التكنولوجيا وتأثيرها على حياتنا

الفيسبوك، باتت الكلمة الأكثر شيوعًا واستخدامًا، ظاهرة وموضوع أحدث انقلابًا عسكريًّا كان محرّكًا رئيسيًّا في الربيع العربي وخاصة ثورة يناير في مصر هو أشبه بعاصفة، شغل بال الكثيرين. احتل عنواين كثيرة يبن مؤيّد ومعارض وكلّ يراه من زاويته الخاصّة فهو زوبعة اهتمام من جميع العوامل الحياتيّة ولا شك أنّه ساهم في فترة قصيرة بتغيير حياة ملايين البشر، ونتيجة لازدهار العولمة التي تحصد اهتمامها بالتطوّر التقني، ولكن قبل الحديث أود أن أقول أنّي أملك حساب فيسبوك كأيّ شخص وأنّي واحدة من بين الذين سيبلغ عددهم المليار مستخدم على مستوى العالم، ويبقى سؤال يحيرني كم سيعمر الفيسبوك من الوقت؟ هل هو موضة سرعان ما ستتلاشى أو فورة عابرة تشبه انفجار البراكين الغاضبة بعد فترة طويلة من الاحتقان الاجتماعي والحرمان الاقتصادي السياسي؟ وماذا ينتظرنا بعد الفيسبوك وأيّ برنامج سيحل مكانه؟

غيرتي من مؤسس الفيسبوك "مارك تسوكربيرغ" ليس لأنّه صنّف كواحدٍ من أغنى الشباب في أمريكا ولكن هذه الافكار والعقول لا يدعمها الاقتصاد العربي فجل الميزانيّات خاصّة الخليجيّة منها تذهب لبناء الأبنية الضخمة والفنادق، ولا تحظى مشاريع شبابية في شتى المجالات بالاهتمام والدعم المادي.

واذا حاولنا أن نتطرق إلى سيّئاته فهذا أمر طبيعي نلمسه مع كل تطور تكنولوجي، ومنها تأثير الفيسبوك على العائلة وتفكّك الروابط الأسريّة، فمؤخرا كان الفيسبوك سببًا في الطلاق! ربما نستهزىء لسماعنا ذلك ولكن من البديهي بعد فقدان الثقه واتهامات متبادلة بين الزوج والزوجه بوجود علاقة جديدة أو بمجرد وضع أحدهم "لايك" يبدأ بسؤال وينتهي بتوتر مشحون بشحنات كهربائيّة سلبيّة مما يسود جو من عدم الثقة والاستقرار، عدم الاهتمام وتخصيص وقت لعلاقة زوجيّة يسودها الحوار والاحترام.

كان الفيسبوك منبرًا للجدال والشجار وأثّر على الروابط الأسريّة والاجتماعيّة وأصبح الفيسبوك هدرًا للوقت ويشكل للبعض نوعًا من الإدمان وبهذا تتكوّن لدينا عادة عفويّة بتفحص صفحتنا الخاصّة بنا تحوّل إلى قهوتنا الصباحيّة ويشاركنا مناسباتنا السعيدة والحزينة منها.

استطاع الفيسبوك وبجدارة اختراق حياتنا الخصوصيّة، فمن كان على علاقة غراميّة سنعلم بدقات قلبه، وبأنّه يعيش قصّة قيس بن الملوح، ومن هو على وشك الطلاق يبدأ بنشر روابط للأغاني التعيسة. صفحتنا تكشف أفكارنا ومشاعرنا، حتّى أنّ مفهومه في مجتمعاتنا العربيّة مختلف فنرى الثقافة العربيّة تنعكس بوضوح، فكثيرون منّا قلقون تجاه التطوّر التكنولوجي بطريقة لا نألفها ولا يتآلف معها كثيرون خاصّة مجتمعنا العربي الذي يتربى على أنماط اجتماعيّة.

أكثر ما يزعجني في الفيسبوك هو كشف الخصوصيّات وأدق التفاصيل حيث نعيش مع الغير حكايتهم ونرافقهم مراحل خاصّة من حياتهم، التباهي والمظاهر بالبذخ والمناسبات، تصوير موائد الطعام وألبومات من الصور منذ الخطوبة لغاية انتهائها بتصوير داخل غرفة الولادة!! كلّها إن دلّت تدل على فراغ وفقدان القيم ولا ننسى أنّنا ما زلنا في مجتمع عربيّ له عاداته وتقاليده.

الكل يريد عبر صفحته اثبات أنّه يعيش حياة هانئة، وكثر الحديث عن" ثقافة اللايك" أعجبني" عدم مصداقيّة في الاحساس والشعور ترى مئات بل آلاف " الللايكات " أو الاعجاب بصور فاضحة أو تعليق على موضوع تافه يحظى باهتمام كبير.. الفيسبوك العربي يهتم بالقشور والاهتمام "انا في المركز" والانشغال بكم لايك ستحظى صورتي أو الرابط. مؤخرًا قرأت مقالًا صحفيًّا في وصف الفيسبوك "بأنّه أكبر مستنقع للكذب فيه يطلب الناس صداقتك ولكنّهم يتجاهلونك" لقد تناول الفيسبوك عددًا لا بأس به من أقلام الصحافة وعلماء النفس حتى من الجانب الديني.

كنا نعتقد بأن الفيسبوك المخلّص والمنقذ في حالة مرورنا بأزمة أو مشكلة وأنّ الجلوس المتواصل أمام الفيسبوك سيساهم في الحد من الاحباط والوحدة، والاكتئاب ولكن نستنتج أنّه لا يمكن لهذه التكنولوجيا والبرامج سد الحاجة العاطفيّة أو أن تحل محل صديق نتكىء عليه وقت الضيّق.

الفيسبوك مرآة العصر تعكس حال مجتمع وحال أمة، قلت سابقًا إنّ هذا الموضوع واسع وشامل ولكن على كل فرد منّا مسؤوليّة الوعي والادراك، لاستيعاب التكنولوجيا وتأثيرها على حياتنا، وكيف نتعامل مع أيّ تطور تكنولوجيّ جديد وألّا نجعل من هذه البرامج تتحكم بنا فنحن من نصنع قرراتنا ونحدّد أهدافنا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة