الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 07:02

دولة غزة.. بين الحقيقة ودلالات النفي/ بقلم: فهمي شراب

كل العرب
نُشر: 14/04/15 14:26,  حُتلن: 07:35

فهمي شراب في مقاله:

خيارات حماس الإستراتيجية محصورة جداً فهي في مأزق وتركها للحكم كان طوق نجاة في وقت حرج تميز بتغيرات إقليمية لم تكن في صالحها

المطلوب وبسرعة دمج موظفي حكومة غزة السابقة والتسريع بالاعمار وإيجاد فرص عمل للخريجين وإعادة الكهرباء وتحسين حركة السفر وتنقل الأفراد من والى غزة

أتفق مع جميع من يزعم بأن حماس تسيطر على الأمن في غزة، فهذه حقيقة. حماس ما زالت لها السيطرة الأمنية والشرطية على كامل غزة. وسيظل الحال هكذا طالما ظل وزراء حكومة الوفاق يحلون على غزة كضيوف أعزاء، يوعدون أهل غزة بالرخاء، ودمج الموظفين وتسريع عمليات الاعمار، لتتبدد هذه الوعود فور وصولهم أراضي الضفة الغربية آمنين، وندخل في مرحلة "التصريحات" و"التصريحات المنفية".

اللافت في الأيام الأخيرة، تصدر خبر "إعلان دولة في غزة" كثير من الصحف، لينبري للتأكيد على هذا الخبر كثير من الأقلام – للأسف أغلبهم سقط متاع- من الناطقين الإعلاميين الذين دأبوا على إشاعة أجواء الإثارة والتحريض الإعلامي.

إن فكرة إقامة دولة في منطقة فلسطينية محددة، وفكرة "تبادل الأراضي" تسربت من الإعلام الإسرائيلي والإعلام الغربي ذي الصلة القوية بــ "إسرائيل"، وروج لها بقوة حتى تبنتها بعض الصحف الفلسطينية التي لها خصومة مع بعض الأحزاب في غزة، وتبعتها الصحف العربية فيما بعد.

فقد طرحها البروفيسور " يهوشع بن آريه" الرئيس السابق للجامعة العبرية، وسميت بخطة جيورا ايلاند، ولكن هذه الخطط لم تجد طريقها للتطبيق أو حتى الدراسة فلسطينياً، ووجدت طريقها كنوع من التراشق الإعلامي وجزء من التحريض فقط. وتاريخياً، فقد رفض الشعب الفلسطيني فكرة تبادل أراضي مع سيناء المصرية أثناء فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ويجمع الكل حول فكرة " لا دولة في غزة، ولا دولة بدون غزة".

كثير من الحجج القوية والدلائل تنسف ادعاءات ومزاعم "إقامة دولة في غزة" منها؛
أولاً: خيارات حماس الإستراتيجية محصورة جداً، فهي في مأزق، وتركها للحكم كان طوق نجاة في وقت حرج تميز بتغيرات إقليمية لم تكن في صالحها. فهي حملت عبئا أرهق كاهلها بتوليها "حكومة"، فهل تعيد ذلك العبء مضافا إليه ما سيترتب عليه مفهوم الدولة؟ بالعكس، فوجود السلطة وتوليها لدفة القيادة يعفيها من مطلب الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وخضوع القسام لرقابة أجنبية ( مطالب الرباعية).

ثانياً: إن فكرة إعلان دولة في إحدى المدن الفلسطينية سواءً في غزة أو أي منطقة أخرى لا تلقى أي قبول شعبي فلسطيني، بل إنها فكرة يرفضها بشدة المجتمع ونخبه قواعده الشعبية جميعاً.

ثالثاً: إن فكرة إقامة دولة في غزة، Micro- state أو Mini- state تستوجب تلبية الشروط والمعايير الدولية، ورضا المجتمع الدولي وتلبية شروط الرباعية، وهذا ما ترفضه حركات المقاومة في غزة، هذه الحركات التي أقامت شرعيتها على استمرار المقاومة وعلى عدم الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف، هذا العنف الذي يقصده دوما الغرب هو المقاومة الفلسطينية.

رابعاً: لو كانت حماس تريد إقامة دولة في غزة لكان أعلنتها إبان حكمها القوي وفترة الانفراجة الكبرى مع بداية صعود الإسلاميين في مصر ودول أخرى.

خامساً: إن تلويح البعض بإقامة "إدارة تدير شؤون غزة" على قاعدة وموضة " أخبرتني عصفورتي" جاءت كتلويح وترهيب فقط، وذلك لتمثل ضغطاً على السلطة لكي تشرع بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وإجبارها للقيام بمهامها تجاه غزة.

سادساً: إسرائيل لم تسمح لحركة (فتح – السلطة) أن تقيم دولة على حدود 1967، فهل ستسمح لحماس؟؟
المطلوب وبسرعة، دمج موظفي حكومة غزة السابقة، والتسريع بالاعمار وإيجاد فرص عمل للخريجين وإعادة الكهرباء وتحسين حركة السفر وتنقل الأفراد من والى غزة.
إن تحقيق الشروط السابقة يوفر علينا كثيرا من الوقت والجهد والمال، ويمنعنا من الانجرار وراء مزاعم إسرائيلية، وتوفر علينا جهد إعلامي كبير، من سيل التصريحات والتصريحات المنفية, أو التصريحات والتصريحات المضادة.


إن استمرار معاناة غزة وإطالة أمد الانقسام – بسبب خلاف السلطة مع حماس- هو الخطيئة التي لا تغتفر، لان الشعب الفلسطيني في غزة ضحية هذا الانقسام وضحية العقاب الجماعي، Collective Punishment" الذي يتعرض له الشعب. (فان عدد الذين ماتوا حرقاً بسبب إشعال شمعة في ظل انقطاع الكهرباء الدائم قد يفوق عدد من يسقط في بعض الحروب).

وأخيرا؛ رسالتي للإعلاميين؛ ابحثوا عن كذبة أخرى نتسلى بها بعضاً من الوقت. فإننا أناس غير تقليديين نحب التجديد والإبداع.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة