* القاضي نصر أبو طه: 60% من لوائح الاتهام تتعلق بقضايا عنف داخل العائلة..
* المئات يشاركون في الامسية الختامية لاسبوع مكافحة العنف في المدينة..

كشف قاضي محكمة الصلح في مدينة بئر السبع، نصر أبو طه، النقاب عن أن 60% من لوائح الاتهام في قضايا العنف – هي في مجال العنف داخل العائلة وانه دخلت قضايا جديدة من الوسط العربي في النقب على أروقة المحاكم – وهي قضايا التحرش الجنسي.

تصوير: علي القريناوي

وكان المئات من أهالي رهط شاركوا مساء أمس السبت في الامسية الختامية لاسبوع مكافحة العنف والذي نظم على مدار الأسبوع الأخير في المدينة. وقد عقدت الأمسية في مسجد السلام، وشارك فيها الشيخ عبد الله نمر درويش رئيس الحركة الإسلامية في البلاد، وقاضي محكمة الصلح القاضي نصر أبو طه ورئيس بلدية رهط، طلال القريناوي، ورئيس البلدية السابق الشيخ جمعه القصاصي ونواب رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي والعديد من رجالات التربية وائمة المساجد والمشايخ والوجهاء في المدينة.

وقد افتتحت الامسية بتلاوة ايات من القران الكريم تلاها الشيخ عوده أبو زايد، وتـولى عرافة الامسـية الشيخ حماد أبو دعابس، الذي تحدث عن مكافحة العنف باشكاله المختلفة، وأكد بأنه على الجميع نبذ ظواهر العنف من بين ظهرانينا وتطرق الى الفعاليات والنشاطات التي تخللت اسبوع مكافحة العنف في المدينة .

طلال القريناوي، رئيس بلدية رهط، ألقى كلمة قال فيها، "إن مدينة رهط هي المدينة العربية الوحيدة التي تم ادخالها لمشروع مدينة بلا عنف من بين 10 مدن في البلاد، وفي هذا السياق فأن المشروع يطبق في مجالات مختلفة مثل التربية في المدارس والنوادي والملاعب وفي اوقات الفراغ وكذلك في روضات الاطفال وقسم الرفاه الاجتماعي من خلال مركز رعاية مكافحة العنف في العائلة".

وأردف رئيس البلدية يقول: "علينا جميعًا التكاتف من اجل مكافحة ظواهر العنف التي اصبحت تقض مضاجعنا في الفترة الأخيرة، وتساءل: لماذا تتدخل عائلتي المتخاصمين من طلاب المدارس بالعصي والهروات والسكاكين بشكل همجي اذا ما وقعت مشكلة في احدى المدارس بين طالبين؟ ولماذا لا يترك الأهل القضية لتعالجها ادارة المدرسة بالشكل المطلوب؟".
وتطرق رئيس البلدية إلى الاعتداءات على الممتلكات العامة من مقابر ومدارس ومؤسسات تعليمية أخرى، وظاهرة سرقة كوابل الكهرباء من الشوارع الرئيسة في المدينة، كما وتطرق الى عدد من الظواهر السلبية مثل اطلاق العيارات النارية والمفرقعات في الاعراس والتي تؤدي الى كوارث وحوادث مؤلمة نحن في غنى عنها.

"12 لائحة اتهام لشجار كبير بدأ أصلا بين طلاب"

القاضي نصر أبو طه، قاضي محكمة الصلح في مدينة بئر السبع، ألقى كلمة قال فيها: "إن قضية العنف أصبحت في الفترة الأخيرة تغزو مجتمعنا في النقب بكثرة، ومن تجربتي كنائب للمدعي العام  في النيابة العامة لفترة 12 سنة وكقاض في محكمة الصلح 6 سنوات، لاحظت بشكل جلي أن أغلب القضايا التي تصل الى المحاكم من الوسط البدوي هي قضايا تتعلق بالعنف داخل العاائلة بحيث ان هذه القضايا لم تكون مألوفة من قبل لدى المجتمع البدوي".

كما  وكشف القاضي أبو طه انه هناك نحو 12 لائحة اتهام قدمت في محكمة الصلح والمركزية في بئر السبع تتعلق  بقضايا بدأت في المدارس وبعد ذلك توسعت بين العائلات حيث استعمل فيها السلاح الحي والأبيض، وان هذه الشجارات (الطوشات) بدأت بسبب أمور تافهة وبسيطة وكان بالإمكان حلها داخل أسوار المدارس". 
وأردف أبو طه يقول: "إنه تم الحكم بالسجن لمدة 6 سنوات على طالب يدرس في الصف التاسع في احدى المدارس البدوية في النقب بسبب الاعتداء على طالب آخر وطعنه بالسكين، كما أن القضايا التي تتعلق بالطوشات تأتي من جميع القرى البدوية بما في ذلك من مدينة رهط". 
القاضي أبو طه كشف خلال حديثه، بأنه في الآونة الأخيرة بدأت تصل الى المحاكم في مدينة بئر السبع ولأول مرة قضايا من الوسط البدوي تتعلق بالتحرش الجنسي، وهذه القضايا كانت معدومة في وسطنا في السابق ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تصل عشرات القضايا الى المحاكم.

وأضاف القاضي أبو طه أنّ هناك ظواهر عنف موسمية في الوسط العربي في الجنوب وتظهر في موسم الانتخابات، بالإضافة إلى ظاهرة جديدة بدأت تغزو مجتمعنا وهي ظاهرة سرقة البيوت في المدن والقرى العربية في الجنوب، بحيث أن مرتكبي هذه الجرائم هم من نفس أبناء المدينة أو القرية وأحيانًا يكون السارق هو من نفس العائلة".
 وحذّر أبو طه من مخاطر هذه الظواهر، وناشد جميع المسؤولين كل من موقعة بالعمل من أجل القضاء على هذه الظواهر. وقال إن للعادات والتقاليد والتربية والدين ايجابيات، بحيث يجب على الجميع استغلال ذلك والعمل سوية من اجل اجتثاث هذه الظواهر من مجتمعنا.

دور المشايخ والوجهاء في اصلاح ذات البين

وخلال حديثه في الامسية الختامية لمكافحة العنف في رهط قال القاضي أبو طه إنّ للمشايخ والوجهاء دور كبير في ارساء عملية الصلح بين الاطراف المتخاصمة وان هذا الدور يعتبر قانونيًا وشرعيًا، ونحن كقضاة في المحاكم نأخذ بعين الاعتبارعملية الصلح التي تجري بين الطرفين المتخاصمين قبل انزال العقوبة على الجاني.
ووجه أبو طه كلمة للشيوخ والوجهاء الذين يحضرون إلى المحاكم من أجل كفالة الجاني، وقال "أطالبكم بأن لا تأتون إلى المحاكم في القضايا التي لا تهم المجتمع والصالح العام، لأن القضاة يحتقرونكم في مثل هذه الحالات. عليكم عدم  التدخل في قضايا المخدرات والسرقات والقضايا التي لا تهم المجتمع".
أما الكلمة الختامية كانت للشيخ عبدالله نمر درويش رئيس الحركة الاسلامية والذي تطرق فيها  إلى قضايا العنف باشكاله المختلفة، وقال إنّ الاحتراب والاقتتال محرم شرعيًا، وأثناء الشجارات فان النار تشتعل سريعًا لتصل إلى أشخاص أبرياء، وان اغلب الطوشات والمشاجرات التي تقع في مجتمعنا هي بسبب اشياء تافهة، ويجب أن نعد للعشرة قبل التهور والوقوع في المشاكل.
وناشد الشيخ عبد الله المشايخ والوجهاء ورجال السياسة ورجال الدين قبل الاسراع والانجرار وراء مشاكل الابناء عليهم ان  يسألوا ما الاسباب والدوافع وراء هذه المشاكل، وان يحكموا عقولكم وان يحاولوا نزع هذه الظواهر من بين ظهرانيهم وتفادي هذه المخاطر.

وأنهى الشيخ درويش حديثه قائلاً: يا أهالي رهط والنقب، إنّ النقب أمانه في أعناقكم  فلا تضيعوا هذه الامانة... حافظوا على مدنكم وقراكم نظيفة وآمنة من السلبيات ومن الظواهر الأخرى وحافظوا على عاداتكم وتقاليدكم  وعلى دينكم ولا تنجروا وراء طيش الشباب.
وفي نهاية الأمسية تم التوقيع على الميثاق التصالحي الذي اعدته البلدية  تتويجًا لأسبوع مكافحة العنف، من قبل الحضور والمشايخ والوجهاء ورئيس البلدية ونوابه واعضاء المجلس البلدي والمدراء وجميع من لهم صلة.