وديع عواودة في مقاله:

مسيرة "المشتركة" رحلة محفوفة بالمخاطر على حافة منحدر سحيق يعني الانزلاق فيه وحصولها على أقل من 11 مقعدًا

شعار التصويت من أجل إسقاط نتنياهو ليس ناجعا لا سيما أنه يذكر بهروبنا من تحت دلف نتنياهو لمرزاب براك يوم فتح برصاص القتل علينا غداة الانتخابات، في هبة القدس عام 2000

يفصلنا عن يوم انتخابات الكنيست 38 يومًا وهذه ليست فترة طويلة لزيارة أقطاب "القائمة المشتركة" جمهور الهدف مخاطبته وإقناعه. من يعايش الجمهور العربي ويصغي له اليوم يمتلىء قلقا على مستقبل هذه التجربة الهامة والفريدة. حالة اللامبالاة أو الفتور السائدة مردها لا ينحصر بفقدان المنافسة الحزبية التقليدية أو باختلال ميزان الوطن والمواطنة أو التشكيك بجدوى العمل البرلماني المهيمن على سياستنا. حتى الآن تبدو مسيرة القائمة بطيئة، مترهلة، رسائلها مبعثرة وأحيانا متناقضة (مسعود غنايم بعد التصريحات الغبية لدوف حنين) وبدون خطة حقيقية.

حالة فتور
كما تلازم رؤسائها صورة سلبية نمطية ممن أفرطوا بالانشغال طيلة سنوات بأنفسهم وبفصائلهم على حساب الصالح العام. بعد مسلسل تركي من جلسات الوفاق والتوفيق والمحاصصة بلغت الشارع رسالة سلبية مفادها أن السياسيين منشغلون بتقاسم غنائم وصيد لم يظفروا به بعد. ما يزيد فتور الشارع تجاه القائمة المشتركة عدم تلبية الأحزاب (عدا الجبهة) الرغبة العامة بتغيير الوجوه ومن خلفها الخطاب والأدوات. كما أن تعيين المحامي أسامة السعدي الذي تربطه علاقات نسب برئيس العربية للتغيير د. أحمد الطيبي مرشحا ثانيا عن "العربية للتغيير" يزيد عسر هضم القائمة المشتركة. ولا شك أن انشغال الأحزاب بالمفاوضات المضنية على تشكيل القائمة وربما عدم ثقتها بنجاح المساعي صرفت أنظارهم عن جهد دعائي- إعلامي موحد كان ينبغي الاحتياط عليه والخروج برسالة واضحة مقنعة غداة إعلان الاتفاق.

إنتاج الوعي
أضاعت " المشتركة " الأيام الثمينة الأولى ولم تستغل الحدث "التاريخي" للتأثير على وعي الجمهور فهذا يتبلور دائما بالساعات الأولى فـ "ضرب الحديد وهو حامي" كالنقش في الصغر.. يقول العامة. من يظن أنّ الأحزاب قامت بدورها ولبّت نداء الوحدة والآن الكرة في ملعب الجمهور فيذهب للاستراحة والاستمتاع بخيوط شمس شباط وبنتائج استطلاعات مبتسمة نسبيًا لشركات إسرائيلية يخطىء خطأ جسيمًا. "النقلة المدفونة تكسر العود" يقول مثل شعبي آخر وينطبق على حالتنا فالطريق مليئة بمعيقات متوقعة وبمطبات مفاجئة.

نسبة التصويت
التناقضات الفكرية والسياسية بين مركبات "المشتركة" تثير خلافات وتحفظات بعضها غير معلن وربما يدفع لعدم ممارسة الحق بالاقتراع أو التصويت لأحزاب صهيونيّة أو لقائمتي حرق الأصوات المخجلتين (الصانع وكنعان وزكور والقريناوي).

وتصبح مسيرة "المشتركة" رحلة محفوفة بالمخاطر على حافة منحدر سحيق يعني الانزلاق فيه وحصولها على أقل من 11 مقعدًا في حال تحقق ما يخشى منه بأن تتحول هذه لفزاعة تخيف اليمين وتدفعه للاستبسال ورفع نسبة التصويت في الشارع اليهودي (في انتخابات 2013 نسبة تصويت اليهود 67.8% وعند العرب 57% فقط). كما تخطىء المشتركة إذا ظنت أنّ مجهود بعض الجمعيات كـ " مساواة " و" جفعات حبيبة " و " صندوق اسرائيل الجديد" سيؤدي المطلوب بواسطة حملة دعائية شبه سرية، تنقصها الشفافية. هذه الحملة على غرار حملة " الأهالي " 1999 ممولة بدولارات يهوديّة - أمريكيّة لها أجندة صهيونيّة مفادها أن نتنياهو سيء لإسرائيل وينبغي استبداله بالثعلبين هرتسوغ وليفني. وهذه فرصة للتنبيه أنّ شعار التصويت من أجل إسقاط نتنياهو ليس ناجعا لا سيما أنه يذكر بهروبنا من تحت دلف نتنياهو لمرزاب براك يوم فتح برصاص القتل علينا غداة الانتخابات، في هبة القدس عام 2000.

نجاح العملية وموت المريض
ربما تستفيد هذه الجمعيات والقيمّون على حملة دعائية من ناحية مصدر عمل مشروع لهم وللعاملين معهم (محمد دراوشة وجعفر فرح وفضول مزاوي الذي " فاز " بإنجاز استطلاع رأي عميق مقابل مئات آلاف الدولارات) لكن الحملة وهي ما زالت بعيدة عن التبلور ولن تكون مجدية سوى للمشاركين فيها فحتى رؤساء السلطات المحلية العربية الذين وافقوا على زيارة الولايات المتحدة بتسهيلات كريمة من السفارة الأمريكية في تل أبيب لن يقووا على تأثير حقيقي في انتخابات الكنيست مقابل شمة هواء تعليمية في أمريكا. دون خطة متكاملة ومجهود جماعي واسع والآن (نتوقف عند معالم مثل هذه الخط في مقال قادم) تتجه تايتنيك المشتركة بجلالها نحو الارتطام بجبل جليدي رأسه بات واضحا للعيان وعندها سينطبق علينا مثل أكثر خطورة ومأساويّة: "نجحت العملية والمريض مات".