الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 21:02

احذروا هذا الإرهاب /بقلم:عمرو الشوبكي

كل العرب
نُشر: 22/01/15 08:06,  حُتلن: 08:13

 عمرو الشوبكي في مقاله:

 هناك بيئة سياسية واجتماعية تساعد على انتشار الإرهاب أو تراجعه

مصر تشهد نوعين من الإرهاب أحدهما إرهاب عقائدي مستند إلى مشروع تكفيري ساعدت على انتشاره في بعض المناطق

 أي مرور على شبكات التواصل الاجتماعى التي تحركها «المظلومية الإخوانية» سيكشف حجم التحريض الذي يتم ضد السلطة القائمة

في مصر توجد بيئة خصبة تساعد على انتشار هذا النوع من الإرهاب السياسي، لأنه في الحقيقة لا يوجد أي اشتباك من المنبع مع أسبابه السياسية والاجتماعية

في مصر نوعان من الإرهاب يصر البعض على اختزالهما في نوع واحد، رغم أن طبيعتهما مختلفة ووسائل مواجهتهما يجب أيضاً أن تكون مختلفة.
عناوين الصحف في الأشهر الستة الماضية تقول لنا إن هناك من يضع بشكل شبه يومي قنابل بدائية في مختلف المدن المصرية، وصارت هناك عناوين معتادة تقول لنا: «أعلنت وزارة الصحة عن إصابة 6 مواطنين فى 5 حوادث تفجير داخل 4 محطات مترو، من بينها شبرا الخيمة، وكوبري القبة، وحلمية الزيتون، وغمرة، وأمام محكمة مصر الجديدة». واعتدنا أن نرى قنابل في جامعة القاهرة وعين شمس والأزهر، وهناك تفجيرات الإسكندرية في بداية العام وتفجيرات القاهرة في بداية الأسبوع، وهي كلها عمليات إرهابية اعتمدت على قنابل بدائية ينفذها هواة وعلى الأرجح شباب متأثر بمظلومية الإخوان، وليس الجماعات الإرهابية المحترفة التي تنتمى إلى خلايا القاعدة و«داعش» و«بيت المقدس» والتي قامت بعمليات إرهابية على قدر عالٍ من الاحترافية استهدفت مديريات أمن في القاهرة والدقهلية ولاتزال تستهدف جنودنا في سيناء.
والحقيقة أن مصر تشهد نوعين من الإرهاب أحدهما إرهاب عقائدي مستند إلى مشروع تكفيري ساعدت على انتشاره في بعض المناطق، مثل سيناء، ظروف داخلية وإقليمية، إلا أنه يبقى فهمه في الإطار العقائدي الذي خضع لتفسيرات منحرفة للدين، والنوع الثاني هو الإرهاب الذي حركته ظروف سياسية أو إحباطات الواقع السياسي نتيجة سوء الإدارة وانعدام الرؤية السياسية، وأيضاً دعاية الإخوان وخطابهم التحريضي.
والمؤكد أن هناك بيئة سياسية واجتماعية تساعد على انتشار الإرهاب أو تراجعه، ولكن يبقى هناك الإرهاب العقائدي المرتبط بنص فكري وديني منحرف بصرف النظر عن البيئة السياسية المحيطة، ومواجهته يجب أن تكون أمنية ودينية وسياسية.
أما الإرهاب السياسي الذي تحركه رواية أيديولوجية أو مظلومية سياسية، فهو الذي يحرك جانباً كبيراً من العمليات الإرهابية التي تسبقها جملة: «قنبلة بدائية الصنع» والتي صارت تقريباً جزءاً من المشهد اليومي في مصر، ولن يستطيع الأمن مواجهتها بمفرده، بل وتحميله مرة أخرى مسؤولية مواجهة كل المشاكل سيضر بالأمن ولن يحل المشاكل.
هناك أزمة سياسية لا نريد أن نواجهها بالسياسة، هذه الأزمة تقول لنا إن هناك آلافاً من الشباب الذين تم تجنيدهم عبر الإنترنت من خلال رسالة سياسية ترى أن ما جرى في مصر هو انقلاب عسكري وأن هذا الانقلاب مسؤول عن سقوط آلاف الضحايا وأن فض «رابعة» كان فضاً لاعتصام سلمى وليس اعتصاماً به عناصر مسلحة، ونسوا أو تناسوا أن سقوط الأبرياء كان أساساً بسبب العناصر المسلحة التي اختبأت خلفهم.

إن أي مرور على شبكات التواصل الاجتماعى التي تحركها «المظلومية الإخوانية» سيكشف حجم التحريض الذي يتم ضد السلطة القائمة، وعرضاً يومياً لضحايا مدنيين سقطوا في مظاهرات مختلفة، وصوراً لطلاب جامعات في عمر الزهور ماتوا في تظاهرات مختلفة، وهو ما يولد طاقة كراهية كبيرة ضد المسار الحالي توظف فوراً في الأعمال الإرهابية.
والحقيقة أن رفع السلاح أو صناعة قنبلة بدائية هو إرهاب مكتمل الأركان لا يمكن تبريره، ولكن يمكن حصاره أو مواجهته بأساليب سياسية تحول دون «ضخ» مزيد من الشباب إلى حاضنة الإرهاب.
فرواية الإخوان لا أمل في إصلاحها أو تغييرها على المدى القصير، لأن همها هو تقويض المسار وعودة الجماعة للحكم حتى لو على أنقاض ملايين المصريين وحتى لو كانت النتيجة هي خراب مصر بالكامل. أما رواية المعارضين أو المحبطين الذين تأثروا بجانب من خطاب الإخوان ولم ينتموا تنظيمياً إليها، فهؤلاء هم الذين يمكن التأثير فيهم ويمكن إبعادهم عن التورط في العنف عن طريق الحوار السياسي والمجتمعي.

إن الرواية السياسية المتشددة يمكن تفكيك جانب منها، كما فعل عبدالناصر مع بداية حكمه، حين نجح نتيجة رؤيته السياسية أن يشق تنظيم الإخوان، وهمش أولاً بالسياسة الجزء الذي مارس العنف والإرهاب قبل أن يوجهه ثانياً بالأمن، ونفس الأمر انسحب مع بعض الشيوعيين والوفديين الذين دمج أجزاء منهم في المسار السياسي. صحيح أن الوضع في مصر الآن يختلف عن عهد عبدالناصر، فالدولة أضعف والرؤية السياسية غائبة وبالتالي تحمل الأمن مسؤولية مواجهة الإرهاب وغاب الآخرون المنوط بهم حصار الإرهاب من المنبع بإجراءات سياسية.
إن أوروبا الديمقراطية شهدت إرهاباً ثورياً يسارياً في الستينيات وأمريكا الجنوبية في السبعينيات، وجميعهم واجهتهم السلطات بالأمن والسياسة فجماعات العنف السياسية في أوروبا الغربية، خاصة فرنسا (العمل المباشر) وألمانيا (بادر ماينهوف) وإيطاليا (الألوية الحمراء) واجهتهم السلطة أولاً بإجراءات سياسية غيرت من مساوئ النظام الرأسمالى وحسنت من أدائه وواجهت كثيراً من انحرافاته دون أن تتخلى عن المواجهه الأمنية، إنما نجاح الإجراءات السياسية عجّل من نجاح الإجراءات الأمنية.
في مصر توجد بيئة خصبة تساعد على انتشار هذا النوع من الإرهاب السياسي، لأنه في الحقيقة لا يوجد أي اشتباك من المنبع مع أسبابه السياسية والاجتماعية، فهناك شباب كثير محبط، بعضه اتجه للعنف، وبعضه اتجه للمراهقة الثورية، وبعضه انسحب من السياسة وكره السياسيين، وكثير منه لايزال مستعداً أن يشارك لو وجد بيئة ملائمة للعمل السياسي السلمي، وعليه أن يقتنع بأنه هو القادر على تغيير المعادلة السياسية ويساهم في بناء بديل سياسي مدني وديمقراطي قادر على انتزاع جزء من شباب العنف نحو العمل السياسي السلمي، عندها نكون قد وضعنا أنفسنا على أول طريق مواجهة هذا النوع من الإرهاب.

نقلاً عن المصري اليوم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة