الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 15:02

نَقش عَلى صَخرَةِ الحَياة /بقلم:محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 18/01/15 13:33,  حُتلن: 08:02

أبو أسعد كناعنة في مقاله:

أن تُشارِك في مُؤتَمرينِ حِزبِيَّينِ ولقاءَينِ آخرينِ مَع أقطاب مُتنافرَة سياسيًا لا يَعني أبداً أنَّكَ فاقِدٌ للبوصَلَةِ وَأن تَعبَثَ برَأسِ مَن هُم مِن حَولِكَ لا يُعطيكَ صِفَةَ القائِد

إن خَطَبتَ في الناسِ كَأنَّكَ تَملِكُ جيشًا عَرمرَمًا يَمتَدُ منَ الصينِ إلى الصين وأن تَلعَبَ بالمواقِف يَمينًا ويسارًا لا يَجعَلُ منكَ مَبدَئيًا فَذاكِرةُ الناسِ لَيسَت قَصيرة وإن تَناسوا عَن قَصدٍ ومَع سَبقِ الإصرارِ لُعبَكَ بأكثَرِ من مَلعَبٍ

كنتُ مِن أشَدِّ المُواجِهين لِسِياسَة الإقصاءِ وَالتَعرُضِ لِكَوادِر أبناءِ البَلَد وَبَعض مِنَ المُزاوِدين الآنَ كانوا في جُحورهِم يَختَبِئون وَكانَ لِيَ شَرَف المُواجَهَةِ في المَيدان حينَ إحتاجَ الأمرَ ذلك وَهَل هذا يَعني بِأنْ نَبقَى عالقينَ هُناكَ عِندَ سَنوات السَبعينِياتْ وَالثَمانينِياتْ 

في وَصف الهامِش: نَقش عَلى صَخرَةِ الحَياة... "هو لا يعرف شيئاً، ولكنه يعتقد أنه يعرف كل شيء.. وهذا يشير بوضوح إلى أن لهُ مستقبل سياسي".  جورج برنارد شو

أن تُشارِك في مُؤتَمرينِ حِزبِيَّينِ ولقاءَينِ آخرينِ مَع أقطاب مُتنافرَة سياسيًا، لا يَعني أبداً أنَّكَ فاقِدٌ للبوصَلَةِ، وَأن تَعبَثَ برَأسِ مَن هُم مِن حَولِكَ لا يُعطيكَ صِفَةَ القائِد، وإن خَطَبتَ في الناسِ كَأنَّكَ تَملِكُ جيشًا عَرمرَمًا يَمتَدُ منَ الصينِ إلى الصين، وأن تَلعَبَ بالمواقِف يَمينًا ويسارًا لا يَجعَلُ منكَ مَبدَئيًا، فَذاكِرةُ الناسِ لَيسَت قَصيرة وإن تَناسوا عَن قَصدٍ ومَع سَبقِ الإصرارِ لُعبَكَ بأكثَرِ من مَلعَبٍ،أو رَقصكَ عَلى الحَبلينِ،أو َتلاعُبِكَ بالكَلِماتِ والمَواقفِ والشَهواتِ.

بَعدَ مُشارَكَتي في إفتِتاح مُؤتمر الحزب الشُيوعي الإسرائيلي في مَدينَة الناصِرَة، أثارَ البَعضُ زَوبَعة في فَراغِ عُقولِهِم، فَهيَ مُشارَكَة تَأتي في إطارِ العَلاقَةِ الوَطَنيةِ مَع هذا الحِزب، أو غَيرهِ، الذي نَختَلف مَعَهُ/م في السِياسَةِ وَفي الرُؤيَة الإستراتيجِيَة للحَل النِهائِي لِلصراع العَرَبي الصُهيوني، وَجَمعَتنا دائماً ساحات النُضال وَما زالتْ، لَم تَتأثر عَلاقَتنا بِسَبَب الخلاف التاريخي بينَ أبناء البلد والحزب والجبهة، ولن نبقى عالقينَ في خِلافِنا هذا، وَمَن يَعتَقِد بأنَّ عَلاقَتنا بالحزبِ هيَ عَداء لهُ فَهوَ مَريض وَمن يَعتَقِد بأنَّ هذهِ العَلاقَة هيَ عَلاقةُ مَصالِح فَهوَ مُخطِئ، وَمَنْ يُريدُ أن يُعايرَ أبناءَ البَلَد بِعَلاقاتِها الوَطَنية فَالأحرَى بهِ أنْ يَلتَفتَ إلى علاقاتهِ، فنحنُ لَسنا بِجيبِ أحَدٍ ولا نَبنيَ عَلاقَةٌ على حِسابِ أخرَى، نَسعَى لِلوِحدَةِ الوَطَنيَة الكِفاحِيَة في الشارعِ وَفي ساحاتِ الوَغَى "عَلى قاعِدَةِ التَحالُف وَالنَقد"، عَلى هذهِ القاعِدة الوَطنِيَة بَنينَا عَلاقاتِنا مَع الحِزب الشُيوعي وَالجبهَة، وَرغمَ ما شابََ هذهِ العَلاقَة تاريخِيًا مِنْ مُشاحَنات وَمُشادّات وَ"حَربٍ" ضَروس.

كنتُ مِن أشَدِّ المُواجِهين لِسِياسَة الإقصاءِ وَالتَعرُضِ لِكَوادِر أبناءِ البَلَد وَبَعض مِنَ المُزاوِدين الآنَ كانوا في جُحورهِم يَختَبِئون، وَكانَ لِيَ شَرَف المُواجَهَةِ في المَيدان حينَ إحتاجَ الأمرَ ذلك، وَهَل هذا يَعني بِأنْ نَبقَى عالقينَ هُناكَ عِندَ سَنوات السَبعينِياتْ وَالثَمانينِياتْ، العَلاقَة الجَديدَة بُنِيَتْ عَلى قاعِدَة ألإحتِرام المُتَبادَل وأيضًا كانَ ليَ شَرفَ تَرسيخِ مثلَ هذا النَهج في العَلاقَة مَع رِفاقي في قِيادَة أبناءِ البَلَد في العِقدِين الماضيَين وِلَم نَرَى يَوماً أنَّ هذهِ العَلاقَة تَأتي عَلَى حِسابِ المَبدَأ وَالَتنازَل عَنْ أيِّ نِقاشٍ مَعَ الحِزب وَالجَبهَة لا في السِياسَةِ وَالفِكرِ وَلا في المُمارَسَةِ حَتّى، فَما يَحتاجُ لَلنَقدِ لَم نَتَوانَى عَنْ ذلك وَمِن بابِ النَقدِ وَمُحاوَلة التَصويبِ وَأحيانًا التَصدي لِمَواقف رَأينَا بأنَّها خَطيرَة مِنْ وجهَةِ نَظَرنا، وَهَل هذا يَدعو لِلحربِ والعَداء بَينَ أبناءِ البَلَد وَالجَبهَة وَالحِزب.

وَبينَ مؤتَمَرَينِ لِجبهَةِ الناصِرَة الديمُقراطِيَة والحِزب الشُيوعي، وَشارَكتُ بكلاهُما وَفي الأولِ ألقَيتُ كًَلمة بإسمِ حركةِ أبناء البلد وقد وجَهتُ نقداً وملاحظات للجبهة وقوبلت بالتصفيق والتِرحاب وَقَد دَعَوتُ قيادة الجبهة ومؤتمرهم إلى إعادة النَظَر ببرنامجهم السِياسي وَالعَودة إلى مَوقِف عُصبَة التَحَرّر الوَطَني "دولة عَلمانية ديمقراطِيَة على كاملِ فلسطين" وكانَ كلامي بروح الرفاقية وليسَ من باب المُناكفة وإمتلأت القاعة بالتصفيق، وأينَ الخَطَأ هُنا؟ خَرجتُ من مؤتَمرهم كما دَخلتَهُ بترحاب وزيادة في الإحترام، أقول هذا الكلام لأسوقَ مَعنى العَلاقة الوطنية الخالية من التَجريح والقَذف والتشهير، فبينَ هاذينِ المُؤتَمرينِ حصَلَ إجتماع بينَ أبناء البلد والتجمع الوطني على مُستَوى المَكتب السياسي في مَقَر حِزب التَجمع في مَدينَة الناصِرة، كانَ لِقاءً مُنفَتحاً ضَروريًا بعدَ سنين من القَطيعَة على مُستَوى التَنسيق القيادي، واستَعرَضنا تَحديات شَعبنا في مُواجَهَةِ سِياسَةِ الاحتلال وأجمَعنا على ضَرورَة الوحدَة في المُواجَهة لهذهِ السِياسَة، كانَ لقاءً "حادًا" بِمعنَى المُكاشَفَة الصَريحة وليسَ هناكَ مَصلحة من وراءِ مثل هكذا لقاءات عَدا المَصلحة الوطَنية، فَقَد حاولَ البَعض التلحين على لقاءنا مع التجمع بأنَّهُ فقط لِدعمِ تَرشيح السَيد عَوض عَبد الفَتاح سكرتير التجمع لِرئاسَةِ لَجنَة المُتابَعَة وَكَتَبََ البَعض بأسلوبٍ بَعيدٍ عَن أيِّ مِصداقِية في نَقدِ اللقاء، شَرعي جدًا وَمقبول نَقد سِياسَة أيِّ حزبٍ وَتحالُفاتِهِ وَتصريحاتِهِ وَنشاطهِ، وأعتقد بأنَّ غِيابَ النَقد سوفَ يُفقد الحركة الوطنية برمتها من أي مضمون ثَوري حقيقي.

وَلَم تَتَوَقَّف لقاءاتُنا، وكانِ لِحَركَةِ "كفاح" حَديثَةُ العَهدِ قَولٌ فيما سَبَق،(وما يجمَعُنا معهم برنامجيًا أكثر بكثير من أي تنظيمٍ آخَر) وإلتقينا على ذاتِ القاعِدة، وهل لقاءَنا الأخير فيهِ ضَربٌ لفتحِ الحِوارِ مع التَجَمُع أو العَكس، كما ذَهَبَ أحَدَهُم، نَقتَرِبُ من كُلِّ تَنظيمٍ على ساحَتنا بقَدَرِ قُربِهِ من برنامجنا ورؤيَتنا الكفاحية الوحدَوية وليسَ بقَدرِ صراعِهِ مع هذا التَنظيمِ أو ذاكَ، فَقَد عانى شَعبنا وعلى مدارِ سنواتٍ طوال من هذه العَقلية البالية في التعامل، وما زالَ يَدفَعُ ثَمنَ ذلكَ حتى اليَوم، في غَزة وفي الشَتات وهُنا في الدَخِل الفلسطيني وفي الضَفة والقُدس وفي كلِّ مكان، أما آنَ الأوان لِأن نَرتَقي في قراءةِ التحالُفات واللقاءات الحزبية الثُنائية والوَطنية، وأن نَبتَعِد عَن قياسِ الرِبحِ والخَسارة الشَخصية والحزبية من مثلِ هكذا تحالفات وأن نَعتَمدَ المقياسَ الوَطنَي فقط لا غَير.
ولا أدري بعدَ هذا إلى أينَ نحنُ جَميعًا ذاهِبون...

معاً على الدرب

أبو أسعد كناعنة / فلسطين- عضو الأمانة العامة لحركة أبناء البلد

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة