الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 23:02

إرهاب سافر في باريس /بقلم:عدنان حسين

كل العرب
نُشر: 09/01/15 08:50,  حُتلن: 08:53

عدنان حسين في مقاله:

أقدس القضايا لا تبرّر قتل شخص واحد بريء، ومهما كانت الأسباب والدوافع وراء هجوم باريس

 من يبرّر للإرهابيين الذين هاجموا مقر الصحيفة الباريسية الساخرة أمس إنما يقدّم الحجة والذريعة لكل أعمال الإرهاب والعدوان في العالم

عمل باريس مُستنكر لأن الصحيفة الباريسية ليست كتيبة عسكرية تقاتل في الميدان لكي يتذرع بهذا المهاجمون ومؤيدوهم والمدافعون عن جريمتهم

الهجوم المسلح على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية في باريس عمل إرهابي سافر بامتياز، ولا يمكن بأي حال وعلى أي نحو القبول به أو تبريره، فهو عدوان همجي مركّب على القيم الإنسانية والمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان، وينبغي ان يستفز كل إنسان حقيقي.

هو عمل مدان، وإن جرى تحت ستار كثيف من تكبيرة "الله أكبر"، لأن الذين ارتكبوه استغلوا الحرية التي وفّرها لهم مجتمع متحضر ودولة ديمقراطية قدّمت لهم ولمئات الآلاف غيرهم، الملاذ الآمن والعيش الكريم بعدما كانوا مُطاردين في بلدانهم لأسباب جنائية أو سياسية، فضلاً عن أن الجناة حملوا السلاح خارج القانون، فكانوا ليس فقط ناكري جميل وإنما أيضاً هم غادرون في الواقع، تنكّروا وأخفوا ملامحهم لينفّذوا جريمتهم الشنيعة.

وهو عمل مُستنكر لأن الصحيفة الباريسية ليست كتيبة عسكرية تقاتل في الميدان لكي يتذرع بهذا المهاجمون ومؤيدوهم والمدافعون عن جريمتهم، فالعاملون في الصحيفة، محررين ورسامين، لم يكونوا وقت الهجوم وقبله يحملون سلاحاً غير أقلامهم وأجهزة الكومبيوتر التي يعملون عليها بكامل الشعور بالأمان، ولم يكن بالتالي من الشجاعة والبطولة مهاجمتهم بالذخيرة الحيّة القاتلة على هذا النحو الغادر.
أقدس القضايا لا تبرّر قتل شخص واحد بريء، ومهما كانت الأسباب والدوافع وراء هجوم باريس، فانه لا يمكن تسويغ هذه المجزرة التي كان كل ضحاياها أبرياء، وهم محررون وعاملون في الصحيفة ورجال شرطة كانوا يؤدون واجبهم في الحراسة وحفظ الأمن، وما من أحد يملك الحق في مصادرة حياتهم لأي سبب وبأية حجة. وحتى من وجهة نظر دينية إسلامية فمن المفترض أن تكون المجزرة المرتكبة في باريس أمس عملاً أكثر بشاعة من هدم مكة، فنبي الإسلام محمد الذي ارتكبت الجريمة باسمه هو القائل بان زوال الكعبة أهون عند الله من قتل نفس بريئة، فضلاً عن أن القرآن نفسه يحرّم قتل النفس البريئة، ويشبّه قتل نفس بريئة بقتل الناس أجمعين.
إن من يبرّر للإرهابيين الذين هاجموا مقر الصحيفة الباريسية الساخرة أمس إنما يقدّم الحجة والذريعة لكل أعمال الإرهاب والعدوان في العالم، بما فيها أعمال القمع في حق مواطني البلدان العربية والإسلامية التي أضطر الملايين فيها إلى الهجرة وطلب اللجوء في البلدان المتحضرة، وفرنسا واحدة منها، طلباً للأمن والحرية والعيش الكريم.

ما حصل في الدائرة الحادية عشرة في باريس أمس جريمة بشعة استهدفت على وجه الخصوص حرية التعبير في بلد هو المهد لحرية التعبير.

*نقلاً عن "المدى" العراقية

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.net


مقالات متعلقة