الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 08:02

رَغْبَةٌ في الْبُكاءِ تَحْتَ الْـمَطَرِ/ بقلم: ميساء منصور

كل العرب
نُشر: 05/01/15 19:16,  حُتلن: 09:05

تَقِفُ أَنْتَ في نِهايَةِ الْـمَمَرِّ الضَّيِّقِ، أَلْتَفِتُ إِلَيْكَ لِلْمَرَّةِ الْأَخيرَةِ قَبْلَ أَنْ أَعودَ أَدْراجي إِلى الْبَيْتِ.
أَتَأَمَّلُ يَدَكَ الَّتي تَحَسَّسْتَ بِها وَجْهي قَبْلَ قَليلٍ قائِلًا لي إِنِّي حَزينَةٌ!
تُرى كَيْفَ عَرَفَتْ يَدُكَ أَنَّ قَلْبي حَزينٌ؟
عَيناكَ اللَّتانِ تُلاحِقانِني حَتَّى لَحْظَةِ إِغْلاقي الْبابَ -كَما في كُلِّ مَرَّةٍ-تَقولانِ لي اِفْرَحي يا صَغيرَةُ، قَلْبُكِ يَسْتَحِقُّ الْفَرَحَ!
اَلدُّنْيا في الْخارِجِ مَطَرٌ! مَطَرٌ كَثيرٌ.
لا يَهُمُّني كَثيرًا تَساقُطُ الْـمَطَرِ -لِأَنِّي بِطَبيعَةِ الْحالِ أُحِبُّهُ-لكِنِّي أَشْعُرُ هذِهِ الْـمَرَّةَ وَأَنا أُوَدِّعُكَ أَنَّ قَلْبي يَكادُ يَسْقُطُ كَتَساقُطِ الْـمَطَرِ الْغَزيرِ!
والِدَتُكَ تَقولُ لي: ظَلِّي هُنا، وَجْهُكِ الْيَوْمَ جَميلٌ.
أَتَدْري، لَمْ أَكْتَرِثْ كَثيرًا لِـما قالَتْهُ والِدَتُكَ، لكِنِّي انْتَبَهْتُ لِرائِحَةِ الطَّعامِ الشَّهِيِّ الْـمُنْبَعِثَةِ مِنَ الْـمَطْبَخِ، عِنْدَما شَمَمْتُها شَعَرْتُ بِالْجوعِ!
هَلْ أَقولُ لَكَ شَيْئًا وَلا تُخْبِرُ بِهِ أُمَّكَ لِأَنَّها سَتَغْضَبُ مِنِّي؟ لَمْ أَتَناوَلْ طَعامي مُنْذُ يَوْمَيْنِ، لَدَيَّ رَغْبَةٌ في تَناوُلِهِ مَعَكَ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْ والِدَتِكَ، وَبِدِفْءِ مَطْبَخِكُمْ!
أَعْرِفُ أَنَّكَ سَتَغْضَبُ مِنِّي أَيْضًا، لكِنِّي لا أَتَناوَلُ الطَّعامَ عِنْدَما أَشْعُرُ بِالْبَرْدِ، أَحْتاجُ دِفْئًا في روحي كَيْ أَتَناوَلَهُ شِتاءً، وَأَنا مُنْذُ بِضْعَةِ أَيَّامٍ أَشْعُرُ أَنَّ روحي بارِدَةٌ!
توجِعُني روحي عِنْدَما تَبْرُدُ!
عِنْدَما هَمَمْتُ بِالْـمُغادَرَةِ حَقًّا، اصْطَدَمْتُ بِأُخْتِكَ الصَّغيرَةِ تَرْكُضُ نَحْوي تُعانِقُني وَتُناديني بِصَوْتِها الَّذي يَكْبُرُها بِبِضْعَةِ أَعْوامٍ: اشْتَقْتُ إِلَيْكِ.
صِدْقًا.. لَحْظَتَها شَعَرْتُ أَنِّي أَحْتاجُ أَنْ أَبْكي، لكِنِّي لَمْ أَفْعَلْها.
لَمْ أَفْعَلْها كَيْ لا تَشْعُرَ أَنْتَ كَمْ روحي ضَعيفَةٌ الْيَوْمَ، أَقْصِدُ مُنْذُ بِضْعَةِ أَيَّامٍ.
عِنْدَما أَغْلَقْتُ الْبابَ خَلْفي، لا أَدْري ما الَّذي انْتابَني لِأَشْعُرَ بِالْفَرَحِ وَالْحُزْنِ وَالرَّغْبَةِ في الْبُكاءِ وَالرَّكْضِ تَحْتَ الْـمَطَرِ.
أَتَدْري؟
لَوْ لَمْ أَرْكُضْ تَحْتَ الْـمَطَرِ لَـما تَمَكَّنْتُ مِنَ الْبُكاءِ.. وَلا الْكِتابَةِ لَكَ.

(مَجْدُ الْكُرومِ)

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة