امسية اخرى من امسيات الكتابة الكثيرة تستدرجني لأن أحقن محبرتي بالحروف. على مشارف كل عام جديد وفي مثل هذا التوقيت اجلس القرفصاء وأستدعي بنات شفتي لنوم أبدي على ورق مباح...
كل تلك الاعوام الكثيرة التي مضت لا زالت تتزاحم في الذاكرة، ولا زال اشتياقي لبعض منها مستقر في الاعماق. كل تلك الأعوام رست أخيرا في كتب الغياب، وأنا بتّ أتصفح تلك الكتب وأمرر بناني على كل حرف كتبه لي القدر، كلما فتحت تلك الكتب ألتمس في غلافها ذاك الغياب المترجم على رأس كل صفحة. لطالما كان للغياب حضورا لامعا يجعلنا نبتكر سياسة جديدة تبعدنا عن متاهات وقعنا بها سابقا، قد يعلمنا الغياب ألّا ننتظر وألّا نسلم قلوبنا لحقول الاشتياق فيمر علينا موسم الحصاد عابثا بمشيئة الفصول. تستهويني مطالعة الكتب لكنني أيضا أهاب كل كتاب لم يُنفض عنه غبار الذاكرة، تلك الكتب العظيمة التي جار عليها الزمان وغابت، تماما كسنواتي الهاربة التي تتوه في طرق الماضي شيئا فشيئا...
لعامي الجديد هذا سأكتب، لكن قبل أن أخط دعوة لمجهول يقترب مني سأطالع عامي الراحل بحب متناسية نصفه الأول، لأجل سعادة غمرتني ولأجل شتاء أحبني وطبعا لن أنسى تشرين الذي أطاعني، لأجلهم جميعا سأشكر عامي الراحل من أعماقي، فقد منحني مفاتيح العودة الكبرى لعام لن يتكرر. مع رحيله سأدوّن له في أخر صفحة: "يؤسفني فراقك فأنت أجمل ما مر علي" !! وسأترك له قبلة الوداع وأختفي...
أما الآن فأحلامي تطرق باب الواقع الذي لطالما ظننته سحيقا، طموحي يدوّن اسمي على رأس قائمة التميز، ضحكتي تعكس سعادة لن أسمح بأن تتخلى عني، قلبي ينبض شغفا، عقلي يستعر نضوجا، وقلمي يزداد تألقا...
الى قدر لعوب سأرسل مرسالي، فليخبره من سيصادفه قبلي أنني أنتظره وأنني سأحيي ذكرى عامي الراحل بموج الأمل لغد أفضل، وأنني لا أهاب المجهول الذي ينتظرني... أخبروه أنني أشتاق لكل ما لم يجمعنا بعد...

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net