الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 20:01

لروضة عطا الله بشارة.. حفنة من ضياء/ بقلم: الكاتب الفلسطيني نزار السهلي

كل العرب
نُشر: 28/12/14 15:18,  حُتلن: 20:44

 نزار السهلي في مقاله:

عام على الغياب تختزن فيه الذاكرة حزن اللغة على فقدان شريك حارسها هناك عند مسقط جذرنا الباقي في إقرث غفت روضة للمرة الأخيرة في التاسع والعشرين من كانون الأول 2013

لن يحس بالفراغ القاسي الذي خلفه رحيل سادنة اللغة العربية إلا أبناءها ورفاقها الذين عاشوا معها وسكبت في قلوبهم من حنانها وفي وجوههم تركت إشراقة محياها التي تفيض أمومة

عام على الغياب، والياس عطا الله يعيش بالأمل وبإرادة العمل والشباب في التجمع ما زالوا يشتبكون مع المحتل والتجمع يحمل فجيعته بروضة هزءاً بكل الصغار والتافهين والحاقدين والحمقى

لا تصلح قوافي الرثاء بعد الغياب، و تعجز الكلمات عن الوفاء لروضة لم أعرفها عن كثب سوى في كتاب "و تشهد الجذور "، و نشاط جمعية الثقافة العربية في حيفا، تضيء درب الأحزان وتنفض عن اللغة أحزانها العبرية مع الشريك " إلياس عطا الله" رفعت أعمدة اللغة العربية وهدمت شكل العبرنة والأسرلة، تجولت في صور لجمعية الثقافة وتابعت وقرأت نشاط مخيم الهوية منذ سنوات، شدني إليهما شموخ الانتماء وإنسانية جبلت من ملح وشوك وصبار، فأزهرت في أرض الجذور وردة وميرمية وزعتراً وزيتون.


 المرحومة د.روضة بشارة

عام على الغياب تختزن فيه الذاكرة حزن اللغة على فقدان شريك حارسها هناك عند مسقط جذرنا الباقي في إقرث غفت روضة للمرة الأخيرة في التاسع والعشرين من كانون الأول 2013، وضعت رحلتها أثقالها بعد أن اختارت أبجدية اللغة والهوية سلاحاً، وبقيت موسوعة تفيض بقيم الحق والعدل والإنسانية، و أملاً لن ينضب بين" أبنائها" في جمعية الثقافة العربية الذين شربوا من العطاء والإخلاص والوفاء لفلسطين وللعربية لغة أحبوها كما روضة في هويتها الوطنية فكان دفعها المستمر للشباب للتحصيل العملي إحدى ركائز إيمانها بهم.

لن يحس بالفراغ القاسي الذي خلفه رحيل سادنة اللغة العربية، إلا أبناءها ورفاقها الذين عاشوا معها وسكبت في قلوبهم من حنانها وفي وجوههم تركت إشراقة محياها التي تفيض أمومة، لكن الرفاق والأبناء يعزيهم في الغياب أن من أنصفهم في لغتهم وثقافتهم مستمر في الوجود في معسكر الهوية والانتماء وفي نضال جمعية الثقافة العربية ضد العبرنة والأسرلة ورفع أعمدة اللغة العربية، فكانوا حواملها للحفاظ على الهوية العربية والفلسطينية في الداخل الفلسطيني.

أحالت الراحلة إيمانها وانتماءها لفعل يومي ترجمته بعملها المؤسساتي ونشاطها السياسي بعيدا عن الأيدولوجيا الشكلانية، فكان محور بحثها يعبر عن موروثها الثقافي والمادي والروحي كأدوات تعبر عن هوية أرست قواعد فهمها في الممارسة اليومية لتقاليد العمل عبر تطوير واستحداث المشاريع التربوية والثقافية والمجتمعية بما ينسجم مع هول ما حدث لسكان البلاد الأصليين، فكانت اللغة العربية والتحصيل العلمي كلمة السر وصمام الأمان للهوية والتاريخ ، وكان هذا الفهم انعكاسًا لتطور مسيرة الراحلة وتأثيرها في التعرف على أهمية الحفاظ على اللغة والثقافة بين جيل الشباب والناشئة، قادت فيما بعد لإحداث تغيير مجتمعي يتجلى في أحد جوانبه بين الشباب على مواجهة العنصرية والأسرلة التي تحاول فرضها المؤسسة الإسرائيلية على أصحاب البلاد. كل ما سبق عن الدكتورة روضة يبقى الحديث عنه ناقصاً أمام قضية لم تنتهي بعد وأمام صراع دائم غايته طمس هوية أصحاب الأرض ضمن شروط القهر ومطاردة اللغة والثقافة لتفكيك الجذور، يصدر عن إرث الراحلة مفهوم تكون اللغة والثقافة أداة تؤكد الهوية المرتبطة بالمعرفة بمبادئ التاريخ والحاضر عبر فعل احتضان العربية لمواجهة وأد الذاكرة بالعبرنة المستحيلة إلى عنصرية وبربرية، بهذا اليقين كانت روضة تفيض ينبوعاً من العمل والاجتهاد والنضال بذرته في الجليل " مخيماً وهوية " ونقلته إلى واحات مضيئة مزروعة في عقول وقلوب أحبائها، أفرغت حارسة اللغة كل شحناتها الأبدية الإيمان بأجيال تُطمئنها بان اللغة والهوية لن تبددها أجيال تتصدى للمتعبرنين.

عام على الغياب، والياس عطا الله يعيش بالأمل وبإرادة العمل، والشباب في التجمع ما زالوا يشتبكون مع المحتل، والتجمع يحمل فجيعته بروضة هزءاً بكل الصغار والتافهين والحاقدين والحمقى، وهو يحفظ لنفسه بهاء الانتماء فكراً وعملاً وإبداعاً، يترك للضوء تفكيك أسرار تراتيل الصلوات على روضة أحببناها بما نسجت من سيرورتها النضالية الإنسانية كفعل مبدع وخلاق يردع اليأس ويفتح الأفق الجدير بالتضحيات الشجاعة وبالتصميم السامي، أخذ عنها رفاقها ومحبوها هذا التفكير والإبداع الحريين، وكحفنة من ضياء المعرفة وصلت للجليل والمثلث والنقب والقدس كانت روحها المتوهجة عطاءً تصلني في شتاتي ولجوئي شعرت بنسبي العميق إلى الجذور تشدني إليها أواصر الحقيقة التي تكشف حقيقة الإنسان هناك في التجمع وجمعية الثقافة العربية تُفتح بوابات فلسطين وقلب روضة يجمع ما أرادوه أن يكون مختلفاً ومشتتاً طوبى لك ورحمة الله ترافقك.

*دمشق

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة