الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 16:01

دولة يهودية مسيانية! / بقلم:د.محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 04/12/14 10:02,  حُتلن: 08:01

د. محمد خليل مصلح في مقاله:

نتنياهو يفتعل أزمة الهوية والدولة القومية لتحشيد اليمين خلفه خاصة وانه يفقد الثقة بحلفائه من اليسار والعلمانيين

إسرائيل على عتبة تحول كلي لمفاهيم الصراع بعدة عن الجغرافيا والحدود ما يتطلب منا كفلسطينيين ان نعيد بلورة الصراع على أسس تتفهم حقيقة العقل والتصور اليهودي للصراع

إنها من الحماقة أن نفكر أن الصراع مع اليهود والحركة الصهيونية مجسدة في دولة الاحتلال صراع عادي؛ حدود وحقوق سياسية وجغرافية جيبولوتيكية؛ كل ذلك مظاهر لصراع أبعد من ذلك؛ هو الصراع الميتافيزيقي؛ صراع عقدي يستحيل التوصل معه للسلام بالمفاوضات؛ لان السلام في العقل اليهودي يستبعد السلام القائم على المفاوضات المبني على خيارات التسوية لأنه سلام مؤقت عابر يستند على شعور العرب والفلسطينيين بقوة إسرائيل؛ هذا السلام في نظر إسرائيل سلام يمكن أن يصان لأنه مبني على نظام القوة والردع - بعد هزيمة العرب الشنعاء في حرب الأيام الستة عام 1967- من دون مفاوضات تنطوي على تنازلات سياسية أو إقليمية ولكنه لا يدوم لان ليس معناه أن العرب والفلسطينيين تخلوا عن معاداة إسرائيل؛ أما السلام الحقيقي في منظور الإسرائيليين الصهاينة هو السلام الذي يشتمل على السيطرة الكاملة لليهود على الأرض لها والذي يسبق مجيء المسيح؛ وبناء الهيكل بعد هدم الأقصى هو إتمام لعملية الخلاص بعد نزول المسيح؛ فمن كلام الحاخام تسفي يهودا " أن حارس إسرائيل سيحميننا وينقدنا من كل مخازي هذه الأجيال المغترة بالسلام المزيف ، وهو سيمنحنا الشجاعة للسلام الحقيقي الذي سيدوم في أرضنا إلى ابد الآبدين "؛ الخلاص هو جوهر ومحفز الحروب ضد اليهود وهذا ما تؤمن به اليهودية الأرثوذكسية لا تتوقف الحروب إلا بالخلاص وهو ليس خلاص إسرائيل بل خلاص العالم وخلاص العالم لن يتحقق إلا بخلاص إسرائيل؛ ما يعني أن المفاوضات خطأ استراتيجي من قبلنا؛ فخ وقعنا فيه ما زلنا ندفع فاتورته وطنيا على حساب حقوقنا المشروعة في أرضنا.

تلك الخلفية للصراع توضح حقيقة السلوك الصهيوني اليوم في القدس وفي التشريعات العنصرية وذات الطابع الديني فيما يخص هوية الدولة اليهودية سياسات يعتبرها العلمانيون في الدولة اليهودية؛ سياسات قديمة؛ لبيد رئيس حزب يش عتيد يصف اقتراحات اليمين "هذه هي السياسات القديمة التي تحاول شدنا إلى الوراء، التي تحاول إعادتنا إلى المناورات، الابتزازات ، ألعاب المصالح، الفساد في الحكومة، بيع الدولة في سبيل الانتخابات التمهيدية والمناورات السياسية، حيث لا يهتم أحد بأمر الدولة لأن المهم لديهم هو مناصبهم وأعضاء لجنتهم المركزية، وتدبير الوظائف أحدهم للأخر". حرب مستعرة داخل الدولة بين الأحزاب في منحى صراع شخي تقديما للانتخابات المبكرة في حالة انهيار الائتلاف الحكومي لحكومة نتنياهو؛ لا شك ان تلك السياسات والتشريعات تعكس أزمة نتنياهو والصراع داخل حزبه من جانب والسعي من جانب آخر لكسب أصوات اليمن في صراع من الشخصيات الحزبية المتطرفة لكل من البيت اليهودي وإسرائيل بيتنا؛ فشل نتنياهو في تحقيق الأمن للإسرائيليين بعد الحرب الأخيرة على غزة دفع نتنياهو لتحقيق بعض الانجازات الداخلية النائب العمالي ايتان كابل "انه عندما لم تحقق الحكومة أي انجازات يتم الانتقال إلى سلاح الإصلاحات وسن قوانين مثل قانون الدولة القومية اليهودية ".

نتنياهو يفتعل أزمة الهوية والدولة القومية لتحشيد اليمين خلفه خاصة وانه يفقد الثقة بحلفائه من اليسار والعلمانيين ويتخوف من أحزاب اليمين المتطرفة؛ نتنياهو  "أنا مصر على طرح صيغتي لقانون القومية من أجل ضمان وجود ومستقبل الشعب اليهودي في أرضه، وهذا القانون سيمنع محاولات لتغيير النشيد الوطني، ويحبط أية محاولة لإغراق إسرائيل باللاجئين الفلسطينيين، وسيشكل فاصلا أمام من يتطلع إلى إقامة حكم ذاتي عربي في الجليل والنقب".

عقيدة التسريع المسيانية بالخلاص إقامة الهيكل وعودة المسيح واستعباد العالم تدخل الدولة في صراع عدمي يسهل نهايات الصراع واصطدام العالم معها ليفني هناك صراع بين الصهيونية السياسية وبين الدينية المسيانية التي ستهدم دولة إسرائيل؛ ورئيس الشاباك الأسبق، كرمي غيلون، في هجوم لاذع وقوي للحكومة ورئيسها واصفهم ب"زمرة من المهووسين قاموا بإشعال النار وتديرها ذات منحرفة تقود دولة إسرائيل اليوم. وقانون القومية هو سرطان في هذه الأمة، بكل مواطنيها".

وأردف أن "استمرار الأنشطة المسيانية – المتطرفة (اليهودية) في جبل الهيكل ستقود إلى حرب يأجوج ومأجوج، إلى حرب للشعب الإسلامي كله ضد الشعب اليهودي كله. ونتنياهو ورفاقه في اليمين يمثلون اليوم انتحاريي متسادا ".

الخلاصة أن إسرائيل على عتبة تحول كلي لمفاهيم الصراع بعدة عن الجغرافيا والحدود ما يتطلب منا كفلسطينيين ان نعيد بلورة الصراع على أسس تتفهم حقيقة العقل والتصور اليهودي للصراع بغض النظر عن قبول العالم لها أم لا؛ أنها الحقيقة والواقع الذي يتهرب العلمانيون والذرائعيون والسطحيون والضالون الطريق في ضرب المفاوضات والسلام مع زمرة المهووسين المنحرفين اليهود.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة