الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 13 / مايو 21:02

انتفاضة القدس... هل تعيد معادلات الصراع الى قبلتها الأولى؟/ سليمان ابو ارشيد

كل العرب
نُشر: 09/11/14 10:16,  حُتلن: 10:29

سليمان ابو ارشيد في مقاله:

اسرائيل لا تكتفي فقط بتوحيد شطري المدينة الشرقي والغربي واعتبارها عاصمة لها، بشكل مخالف للقانون والمعاهدات الدولية الذي يعتبر الشطر الشرقي من المدينة شطرا محتلا بل تسعى لتغيير التركيبة السكانية للقدس

ما يجري في القدس اليوم برأي أكثر من محلل اسرائيلي وعلى رأسهم المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي هو انتفاضة لا لبس فيها

القدس التي كانت تحظى بمكانة وامتيازات العاصمة في محيطها الفلسطيني، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان، اصبحت معزولة ومهمشة تحيطها الاسوار والمستوطنات ويعبث ببيوتها وحاراتها المتطرفون اليهود ويعيثون بها فسادا دون وازع او رادع وهي بالمقابل لم تكسب من تغيير مكانتها القانونية اسرائيليا ما يمكن ان يعوض ولو جزء بسيط من خسارتها


ما يجري في القدس هو عملية سطو وبلطجة لا مثيل لها من قبل عصابات المستوطنين، المدعومة من جيش وشرطة الاحتلال، التي تقوم باقتحام بيوت المقدسيين الامنين في الشيخ جراح وسلوان والبلدة القديمة واخراجهم منها واحتلالها تتت حجج وذرائع مختلفة وواهية وبتغطية قانونية من محاكم الاحتلال.
عشرات البيوت تم السطو عليها واحتلالها والقاء اصحابها الشرعيين في الشارع، في اطارمخطط شامل لتطهير الأحياء المحيطة بالحرم القدسي الشريف والبلدة القديمة من العرب.
اسرائيل لا تكتفي فقط بتوحيد شطري المدينة الشرقي والغربي واعتبارها عاصمة لها، بشكل مخالف للقانون والمعاهدات الدولية الذي يعتبر الشطر الشرقي من المدينة شطرا محتلا، بل تسعى لتغيير التركيبة السكانية للقدس، وفي هذا السياق هي لا تكتفي بأغلبية يهودية ساحقة في المدينة الموحدة 70/30 ،بل تعمل على تغيير الميزان الديمغرافي، بحيث تضمن اغلبية يهودية في الشطر الشرقي من المدينة والاستحواذ على الأحياء التي تشكل قلب المدينة العربية والتي تقع داخل الأسوار وخارجها.
المخطط الاسرائيلي الذي ابتدأ فور احتلال 67 بهدم حارة المغاربة واصطناع الحي اليهودي داخل أسوار المدينة، علما أن الحقائق التاريخية تنفي وجود مثل هذا الحي قبل عام 1948، واقامة الكنس والمعاهد الدينية داخل أسوارها واطلاق يد الجمعيات الاستيطانية مثل العاد وعطيرت كوهنيم في احتلال البيوت والمباني داخل الاسوار وخارجها، هذا المخطط وصل هذه الأيام ذروة جديدة بعد أن باتت أحياء عربية كاملة هي الشيخ جراح وسلوان ينتظرها نفس مصير حي المغاربة، وذلك بغية احكام الطوق الاستيطاني حول البلدة القديمة و"الحوض المقدس". كل ذلك يترافق مع اقتحامات متكررة للحرم القدسي الشريف ودعوات صريحة لاقتسامه.
وفي محيط المدينة الأوسع، يحاصر الشريط الاستيطاني حارات القدس وضواحيها ويلتف السور الواقي حول عنقها ليخنق توسعها ويقطع امتدادها الحيوي ويعزلها عن محيطها الفسطيني في الضفة الغربية. بالمقابل فان تغيير الوضعية القانونية للمدينة، الذي ينسحب على الأرض بقي حبرا على ورق في كل ما يتعلق بالحقوق والامتيازات التي يفترض أن تمنحها هذه الوضعية للسكان.
بهذا المعنى فان القدس التي كانت تحظى بمكانة وامتيازات العاصمة في محيطها الفلسطيني، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان، اصبحت معزولة ومهمشة تحيطها الاسوار والمستوطنات ويعبث ببيوتها وحاراتها المتطرفون اليهود ويعيثون بها فسادا دون وازع او رادع، وهي بالمقابل لم تكسب من تغيير مكانتها القانونية اسرائيليا ما يمكن ان يعوض ولو جزء بسيط من خسارتها.
وفي المستوى السياسي نجحت اسرائيل بعد صولات وجولات، من جعل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينينية تسحب أقدامها من المدينة وتغلق مؤسساتها فيها، حتى أن السنوات الأخيرة لم تشهد محاولات لاقامة أو اعادة افتتاح هذه المؤسسات مثل بيت الشرق ومؤسسة الدراسات العربية وغيرها، بل شهدت تراجعا كبيرا، ان لم نقل تخليا من قبل السلطة والمنظمة عن القدس واهلها تاركة فراغا قياديا كبيرا حاولت الحركة الاسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح ملء جزءا منه.
اذن أهالي القدس تركوا كالأيتام على موائد اللئام، فهم لم يحظوا بنعم "الهوية الزرقاء التي "يرتع" بها عرب 48 ولم يتمتعوا بأفضال "السلام الاقتصادي" الذي حل على اهالي الضفة الغربية فكان لا بد والحال كذلك ان ينتفضوا بكل ما تعنيه كلمة انتفاضة.
ما يجري في القدس اليوم برأي أكثر من محلل اسرائيلي وعلى رأسهم المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي هو انتفاضة لا لبس فيها. بن يشاي يرى أن انتفاضة القدس الحالية التي تندرج في نطاقها حوادث الدهس المتكررة من قبل تنظيمات اسلامية وتهدف الى منع تهويد القدس وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، تختلف عن سابقاتها في أن هذه التنظيمات لا ترسل استشهاديين بشكل مباشر لتنفيذ عمليات بل تخلق اجواء محرضة على القيام بمثل هذه العمليات.
تلك العمليات تحظى، حسب بن يشاي، بمباركة صريحة من أبو مازن ، وذلك بعكس العمليات التي تجري في انحاء الضفة الغربية، كونها تخدم استراتيجيته السياسية الهادفة الى انتزاع اعتراف دولي بدولة فلسطينية في حدود 67 وتقسيم القدس بحيث يسيطر الفلسطينيون على الحرم القدسي الشريف ومحيطه، كما يقول.
ويذهب بن يشاي الى أبعد من ذلك عندما يصف ما يحدث في القدس بأنه أخطر من انتفاضة ثالثة، كون تلك الانتفاضة الشعبية في طريقها الى التحول الى حرب دينية بين اليهود والمسلمين. هذه الحرب الدينية، التي يقع في مركزها الحرم القدسي، تمتلك من الطاقة لجر سكان القدس والضفة الغربية وغزة والأردن، بل حزب الله ودول أخرى في المنطقة الى صدام ديني.
وتمتلك هذه الحرب، برأي المحلل الاسرائيلي، من الطاقة لتغيير وجهة الزلزال الذي يضرب المنطقة، أو ما يسمى بالربيع العربي، وتحويله باتجاه اسرائبل، اذ ان المد الجارف من الصدامات حول الحرم القدسي والقدس من شأنه أن يغير قواعد اللعبة في هذه المرحلة، التي يسميها بن يشاي "أسلمة" وهي مصطلح يدمج بين الأسلمة والتصعيد باللغة العبرية واعتمد من قبل الأكاديميا والجيش الاسرائيليين لوصف موجة التطرف الاسلامي الذس تمر بها المنطقة، كما يقول.
تحويل وجهة الصراع صوب اسرائيل قد يترجم بعمليات ارهابية ضد اهداف اسرائيلية في الخارج واطلاق صواريخ من سيناء باتجاه اسرائيل والقيام بعمليات انتحارية في اماكن مختلفة، وفق بن يشاي، الذي يختم بالقول، انه اذا لم تسارع اسرائيل في وقف ما يجري في الحرم القدسي والقدس، ستجد نفسها بسبب الوضع المتفجر في الشرق الاوسط في صدام أكثر خطورة من انتفاضة ثالثة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة