الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 11:01

حين يبرر الانقلابيون الفلسطينيون


نُشر: 08/11/06 12:39

حين يبرر الانقلابيون الفلسطينيون مجازر بيت حانون


إلى لحظة كتابة هذه السطور صباح يوم الأربعاء (8/11)، سقط في بلدة بيت حانون، شمال قطاع غزة وحدها 81 شهيدا، وذلك منذ بدأ الحملة العدوانية الإسرائيلية مطلع الشهر الجاري في إطار ما يعرف بعملية "غيوم الخريف". وفي ذات الصباح سقط خمسة فلسطينيين آخرين في عملية إسرائيلية في قرية اليامون غرب مدينة جنين بالضفة الغربية قبيل فجر ذلك اليوم. وحسب شهود عيان فقد تسللت وحدة إسرائيلية خاصة إلى القرية "بحثا عن مطلوبين" واشتبكت معهم وأصابتهم بجروح "ثم اقتادتهم إلى منزل مجاور وأعدمتهم رميا بالرصاص". طبعا هذه الحصيلة، هي حصيلة أولية لليوم الثامن للعملية الإسرائيلية الإجرامية. ولا أشك للحظة أنه مع الانتهاء من كتابة هذه السطور، وقبل أن تشق طريقها إلى صفحات الصحيفة، سنشهد ارتفاعا آخر في أرقام الشهداء والجرحى.
إلا أن ما يعنيني في هذه السطور ليس هذا العدوان الدموي بحد ذاته، رغم وحشيته، فماذا يتوقع المرء من احتلال شرس، كالاحتلال الصهيوني!؟ صحيح أن هذه الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات على الجانب الفلسطيني تدمي القلوب وتكدر العيش، ولكن الأخطر من حملة العدوان الصهيونية هذه، تلك الحملة التبريرية أو سمها "التذريعية" إن شئت. مرة أخرى، الأمر أبعد من تبرير الولايات المتحدة الرخيص، بأن هذه حرب دفاع عن النفس تخوضها إسرائيل. فالإدارة الأمريكية، إدارة فاقدة للمصداقية، وليست بحاجة إلى من يثبت عكس ذلك نيابة عنها، وذلك ببساطة لأنها لن تجد. المؤلم في هذا السياق، هو ذلك التبرير الذي يقدمه بعض المحسوبين على الفلسطينيين لمثل هذا العدوان. ولماذا المواربة والتعمية والضبابية، فالمقصود هنا بوضوح بعض المحسوبين على حركة فتح وحلم السلطة المبدد، رغم أنها لا زالت عمليا في جيوبهم.



محمود عباس، والذي يقول أنه رئيس لكل الفلسطينيين، يلقي باللائمة على حماس وحكومتها، وفصائل المقاومة الأخرى. وكأن إسرائيل، حمل وديع، لم تتحول إلى كلب شرس له أنياب إلا بعد نجاح حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة وتشكيلها للحكومة الفلسطينية!. ففي مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط "اللندنية" في عددها الصادر يوم الثلاثاء (7-11-2006)، يقول أبو مازن:
"... أن تكون هناك تهدئة تخلصنا من هذه الصواريخ السخيفة التي تطلق وليس لها مبرر ولا نتيجة ولا فائدة... نعم تهدئة متبادلة. وهذه أول مرة ستكون فيها تهدئة متبادلة. في الماضي توصلنا إلى تهدئتين ولكن بيننا كفلسطينيين".
يعني المشكلة عند أبي مازن تتمثل في صواريخ المقاومة التي يصفها بـ"السخيفة". والانطباع الذي يعطيه أبو مازن هنا، هو أن جرائم إسرائيل هي رد فعل على هذه الصواريخ "السخيفة". الشعب الفلسطيني وبكل صراحة، يستحق رئيسا أشرف من أبي مازن، بل الشعب الفلسطيني وبكل صراحة لا يستحق أبدا رئيسا من طينة هذا الرجل. ألا يخجل أبو مازن عندما يقول بأنه يريد تهدئة متبادلة. ألم تقدم كل فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، وبناء على طلب منه شخصيا، وبرعاية مصرية غير شريفة، تهدئة (هدنة) منذ أواخر عام 2004؟ ألم تلتزم كل فصائل المقاومة بها؟ أولم تكن حماس الأكثر التزاما بها بشهادة الإسرائيليين والأمريكيين أنفسهم؟ ألم تقتل إسرائيل منذ تهدئة "أبي مازن" مئات الفلسطينيين وتجرح الآلاف وتهدم عشرات المنازل وتعتقل المئات!؟ ألم "تبصق" إسرائيل في وجه أبي مازن عندما كان رد شارون عليه بأن هذه التهدئة "الهدنة" هي من طرف واحد، وليس لإسرائيل علاقة بها!؟ وها هو الآن في ذات المقابلة المشار إليها أعلاه يزعم بأن هناك موافقة إسرائيلية على تهدئة مشتركة! أويبلغ الكذب بالإنسان إلى حد أن يزاود على دماء المئات من شعبه!؟ أويبلغ الإفك بصاحبه أن يغض نظره عن حقيقة كون أغلب الشهداء والمصابين هم من النساء والأطفال والمدنيين، ممن لا ناقة لهم ولا بعير في المقاومة!؟ إسرائيل توافق على تهدئة متبادلة وترفضها المقاومة وحكومة حماس!؟ إنه لعمري كذب وتزوير وإجرام ما بعده إجرام. كيف لا توافق المقاومة، وهي ذات المقاومة التي لا زالت ملتزمة إلى اليوم بعدم الرد بعمليات تفجيرية داخل أراضي عام 1948!؟ كيف لا تريد حكومة حماس ذلك، وجناحها العسكري لا يقوم بالغالب إلا بالتصدي للاجتياحات وبالرد بالصواريخ "السخيفة"، كما يحب أبو مازن أن يحيل إليها!؟ أبو مازن يعرف قبل غيره أن الخيار الفلسطيني الوحيد لتجسير هوة ضحايا الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، هي عمليات التفجير البشرية في العمق الإسرائيلي. ولكن أيا من فصائل المقاومة لم يسع لمثل هذه العمليات، أو على الأقل لم يحاول بجدية تنفيذها، وذلك احتراما للتهدئة التي هي من طرف واحد فعلا كما تقول إسرائيل. لقد قبلت المقاومة الفلسطينية بمعادلة الرد على العدوان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، على الرغم من أنها أول من يعلم أنها بذلك تقدم نفسها فريسة سهلة لجيش مدجج بالسلاح والعتاد، وبأنها بذلك تنزع من يدها ورقة الإيذاء الوحيدة القادرة على تجريع الإسرائيليين مرارة ما يتجرعه الفلسطينيون كل يوم. وأما حكاية الصواريخ "السخيفة"، فهي كحال الغريق الذي يتشبث بقشة، وذلك على الرغم من أن لها آثارا سياسية ومستقبلية واستراتيجية أكبر من آثارها العسكرية. إن هذه الصواريخ "السخيفة" هي أحد وسائل خلخلة منطق العمق الأمني الإسرائيلي الاستراتيجي. ولكن طبعا هذا كلام لا يفقه أبو مازن، لا لأنه لا يفهمه، بقدر ما أنه يضعف منطقه التفاوضي التفريطي الذي باع كل شيء ولم يبق على شيء. أبو مازن يريد من الفلسطينيين أن يتمثلوا حال الكبش بين يدي ذباحه. يريدهم مستسلمين لسكينه حين يستلها وحين يحز بها رقابهم.



وليت أبو مازن وفصيله يتمثلون هذا الوضع حينما يأتي الأمر إلى التصعيد مع الأخ الفلسطيني. أترى أن أبا مازن لا يخجل فعلا عندما يقارن بين ما فعلته بنادق ورشاشات وزعران فتح في الشعب الفلسطيني وبين صمتهم المطبق وغيابهم المخزي عن ساحة المواجهة والدفاع عن أعراض وأرواح وممتلكات شعبهم في بيت حانون!؟ أترى أنه قد عدم الرجال في قطاع غزة حتى تهب النساء لنجدة المقاومين من كل الفصائل (عدا فتح) في بلدة بيت حانون، في حين يلتزم زعران أجهزة الأمن الذي زكموا فضاء غزة قبل أيام من ذلك بريح البارود والرصاص المتطاير في احتجاجاتهم ذات النوايا الانقلابية على الحكومة الفلسطينية وذلك لأنها عرت فسادهم!؟ أترى لا زال عباس يصر على أن قوات "التنفيذية" التي شكلتها الداخلية الفلسطينية لحفظ الأمن وحماية غزة، هي "ميليشيات حمساوية"، في حين أن قوات "أجهزة الأمن" هي السلاح الرسمي والشرعي الوحيد، وذلك بالرغم من الأجساد والأرواح الفلسطينية التي مزقها وتلك التي أزهقها رصاصها!؟ لقد قدمت قوات التنفيذية نماذج تستحق الإجلال والاحترام في الدفاع عن أهلها ووطنها، في حين التزمت أجهزة الأمن بغالبيتها مواقعها الفضائحية بأوامر من "رئيس كل الشعب".
أبو مازن لا يوقف افتراءاته عند هذا الحد، بل هو يزعم أيضا أن منطق حماس في التفاوض للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شليط، يقود إلى المزيد من الكوارث وأنه هو وحده القادر على إدارة هذا الملف. يقول أبو مازن في ذات المقابلة:
"لذلك اشترطت لكي تكون هناك حكومة جديدة لا بد من الإفراج عن الأسير (الجندي غلعاد شليط).
* من دون مقابل؟
- لا بمقابل، لكن ليس بالطريقة التي تريدها (حماس). أعطني الأسير وأنا سأتفاوض مع الإسرائيليين (بشأن أسرانا). وهم مستعدون أن يعطوني أكثر من الأسرى. هذا واحد، ثانيا أن يخرج الوزراء والنواب، وثالثا أن تكون هناك تهدئة تخلصنا من هذه الصواريخ السخيفة التي تطلق وليس لها مبرر ولا نتيجة ولا فائدة. هذه ثلاثة شروط إذا ما نفذت تأتي الحكومة على نظافة وتستطيع أن تعمل.
* وفي أي مرحلة يتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين؟
- أولا نضع جدولا يخرج بموجبه (الجندي الأسير) وتضع لجنة الأسرى المعايير (قالها بالإنجليزي). وبالمناسبة قالوا لي إنه لو التقينا (أبو مازن وإيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي) لأفرج عن عدد من الأسرى ما كان ليخطر على بالك.
* أنت تتحدث عن فترة ما قبل أسر الجندي..
- نعم قبل أسر الجندي، وكان العدد سيكون أكبر بعد أسره.
* هل كانوا جديين في حديثهم عن إطلاق أسرى قبل أسر الجندي؟
- نعم نعم.. وهذه كانت من النقاط التي كانت ستبحث في لقاء مع أولمرت قبل قصة الأسير.
* الآن هل هناك ضمانات إسرائيلية بالإفراج عن أسرى بعد الإفراج عن شليط؟
- الآن لا أتابع هذا الملف، وللأسف يتابعونه مع كل العالم، إلا نحن.. وهذه نقطة تؤخذ عليهم.
* هل تتحدث عن إسرائيل؟
- لا عن حماس". 
ماذا يملك المرء أن يقول أمام منطق هذا الرجل!؟ إنه الكذب بعينه والتزييف ذاته. ألم يكن أبو مازن هو عراب أوسلو الذي وقع لإسرائيل على حقها في الوجود في أعظم هدية تتلقاها هذه الدولة منذ إنشاءها!؟ أولم يكن هو ذاته الذي اشترطت إسرائيل والولايات المتحدة وجوده على رأس الوزارة الفلسطينية وأرغم عرفات على القبول به، وذلك بذريعة أنه معتدل ومحب للسلام!؟ أولم يكن هو ذات الشخص الذي وقفت لصالحه أمريكا وإسرائيل في انتخابات الرئاسة، ووعد الفلسطينيون بالمن والسلوى إن هم نصبوه زعيما!؟ إذا كان كل ذلك صحيحا، وهو كذلك، فلماذا لم تفرج عن الأسرى يا حضرة "الرئيس"!؟ وإذا كنت صادقا فلماذا كانت السلطة الفلسطينية التي كنت أنت نفسك زعيما فيها زمن حياة عرفات، هي ذاتها من يُفٌشِلُ عملية تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي الأسير نحشون فاكسمان عام 1994 في بير نيبالا، على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك اسحق رابيين كان على أبواب إتمام هذه الصفقة، إلى أن جاءت أجهزتكم الأمنية العتيدة وكشفت مكان الجندي، وبسببها فشلت العملية برمتها، وإن كان قتل يومها الجندي الأسير وأربعة من قوات الكوماندوز الإسرائيلية والخاطفون الأربعة. أليس ذات القادة أجهزة الأمن في ذلك الوقت هم مستشاروك وقادتك اليوم، فلم الثقة فيكم؟. أوليس جبريل الرجوب مستشارك "للأمن القومي"!؟ أوليس محمد دحلان ورشيد أبو شباك وتوفيق الطيراوي هم أقرب المقربين لك اليوم وقادتك الأمنيين!؟ أولم تعد منذ أسابيع قليلة إسماعيل جبر من التقاعد إلى قيادة قوات الأمن الوطني في الضفة الغربية!؟ أوليس هو ذات إسماعيل جبر الذي أرغمته منذ أشهر على الاستقالة بذريعة الفساد!؟ أولم يكن كل من ذكرت أسمائهم من قبل وغيرهم، ممن يحتلون المناصب العليا في سلطتك، مسؤولين يوم أفشلتم صفقة تبادل الأسرى عام 1994!؟ فلماذا نصدقك اليوم!؟ أنت نفسك تعلم أنك غير صادق.. بل وتكذب. بل وأبعد من ذلك، فأنت تزعم بأنه قيل لك بأنه لو فاوضت أنت شخصيا على الجندي الأسير في لقاء مع أولمرت لحصلت على أكثر من مجرد الأسرى الفلسطينيين. آسف… آخر ما قرأته من أسابيع هو أن أولمرت هو من يرفض مقابلتك في حين أنك أنت من يتوق ويزحف لمثلها!؟.



شعب فلسطين يستحق أفضل من ذلك. شعب فلسطين لا يستحق أمثال محمود عباس. نساء بيت حانون اللواتي تلقين الرصاص بصدورهن لن يعقمن أن يلدن الرجال الرجال.. ولكن بإذن الله ستعقم كل أرحام نساء فلسطين على أن تلد أمثال عباس والرجوب ودحلان وعزام الأحمد وأبو علي شاهين وغيرهم من "شلة" سقط المتاع.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.71
USD
3.99
EUR
4.63
GBP
231834.65
BTC
0.51
CNY