الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 18:02

وعي وحدة الوجود مطلق غير قابل للدرس/ بقلم: كميل فياض

كل العرب
نُشر: 28/08/14 07:58,  حُتلن: 08:21

وحدة الوجود التي تقول ان الله والكون والطبيعة والانسان شيء واحد .. بل لا يمكن الفصل بين الأشياء ، فالله وحده قائم او ما يسمى كذلك، اذ التسمية كل تسمية هي من العقل والفكر ، وفيما يتعدى العقل والفكر وجود مطلق غير قابل للاتصاف والتحديد اللغوي ..هذا الكلام ليس فلسفة ولا هو عقيدة او وجهة نظر ، انها الحقيقة والحقيقة المطلقة ، التي لا شك فيها .. نحن نأخذ من هذا الوجود اللاشكلي واللا إسمي واللاصفتي، أشكالا وأسماء وصفات ، ثم نرى الوجود والموجودات بمعقولية ومفهومية الأشكال والاسماء والصفات ، وهكذا نخلق التجزئة والانفصال عن الواحد الاحد بتلك الأسماء والصفات . لكن التأمل والتحقيق يبين ان الشيء هو غير اسمه . فالجبال والسهول والبحار ، الكواكب والنجوم ،والطيور والحيوانات ، نحن البشر من عقولنا وافكارنا نطلق عليها الأسماء ، ومن حواسنا نطلق عليها الصفات والجهات ، فهي في عالم افكارنا مسماة ومصنفة ، كما نسمي ونصنف بعضنا لاشخاص وعائلات وطوائف وشعوب وامم ، بينما هي جميعًا في وجودها الموضوعي مظاهر لوجود واحد ولحياة واحدة ولوعي أساس واحد هو وعي الوجود ذاته ، حيث لا يمكن الفصل بين وعي الوجود وبين الوجود ، كما لا يمكن الفصل بين الشمس وضوء الشمس ، هي مرة أخرى أسماء وصفات مختلفة لجود واحد لا يتجزأ .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هو اذا كان الامر إزاء ما نشعر نرى ونفكر هو هذه الوحدة المطلقة ، لماذا لا ندرك جميعًا هذا الامر ..؟ لماذا لا نعرف لا نرى جميعًا وبالبداهة تلك الوحدة ، كما ندرك نعرف نرى بالبداهة الذهنية والحسية الموضوعات الحسية المحسوسة ؟

في الواقع ورغم ان الوحدة وحدة والوجود التي هي وحدة الوعي ، أساسًا مشتركا في الكل ، فان اندماج هذا الوعي الواحد مع الكثرة البارزة في الحواس ، من أشياء والوان واشكال واجسام ، يترك في الوعي انطباعات بصورة تلقائية ، ان الوجود هو كما تظهره الحواس ، وما الفكر في الحقيقة سوى ظهور الأشياء في الوعي بصفات وأسماء ، حيث بدون الفكر لا وجود مستقل عن الله او وعي الوجود وهما شيء واحد . وما إدراك الحقيقة لدى قلة من البشر الا لكون هذه القلة تنبهت في لحظة ما الى وحدة وجودها مع كل شيء ، وذلك إثر انقطاع الفكر وتوقفه لديها في يقظة فوقية وتمييز عميق ، بين الوعي والاشياء .
كما لو ان مرآة تنبهت الى الفرق بينها وبين الصور التي تنعكس فيها ، رغم الاندماج التام معها .
هل تفيد تمارين ورياضات معينة للكشف عن هذه الحقيقة المطلقة ؟
اذا لم تحصل الاستنارة واليقظة من تلقائها ، فان كل ممارسة وكل تعبد لا يفيد ، بينما ذلك يفيد بعد الاستنارة واليقظة . فالنائم نوم عميق لا يساعده إشعال الضوء في غرفته لكي يستيقظ ، لكنه يستفيد من الضوء فقط بعد ان يستيقظ .
واذا كان بالإمكان ايقاظ النائم نوما بيلوجيًا في العالم الحسي من قبل الآخرين وبوسائل مختلفة ولطيفة ، فان النائم نومًا سيكلوجيا مركبًا من العقل والعاطفة والمنطق والذاكرة واللاوعي الخ . فهذا يتوقف على النائم نفسه .
في النوم الحسي يتم الايقاظ من الخارج على يد اي شخص واي منبه وهو سهل ، بينما في النوم الروحي لا يتم الايقاظ الا من الداخل فقط وذاتيًا فقط .
وقد يكون النائم أستاذا في العلوم ،معتقدا انه في ذروة الوعي واليقظة .
بينما قد يكون اليقظ اميًا كراما كرشنا ..
التحصيل العلمي لا يعني شيء في ذاته هنا ، فهناك أطباء وخبراء وأساتذة يقظين كديباك شوبرا ، ايكارت تول ، ووين داير ، ومثلهم عاديين جداً ، والعكس صحيح .
الموضوع كله يعود الى التكوين الداخلي للشخص.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة