الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 17:01

غزة 2014 ، فلسطين 1948 مشهدان متشابهان /بقلم:د.جوني منصور

كل العرب
نُشر: 21/07/14 11:05,  حُتلن: 14:36

جوني منصور في مقاله:

نفذت هذه المنظمات المجرمة فظائع وجرائم بحق الأهالي العزل من السلاح راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين

 لجوء القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل(وهما واحدة بنظري) إلى ترحيل اهالي الشجاعية، ما هو إلا تأكيد صريح على النهج الذي استعملته وتستعمله الصهيونية وحكومات اسرائيل 

صمود غزة لأسبوعين إلى الآن، هو مدرسة عظيمة في مواجهة الاحتلال والاستعمار ومؤيديه من ذوي القربى والغربة. طوبى لك يا غزة الصمود، وطوبى لكم ايها الغزيون على صمودكم البطل

مشاهد الأشلاء المنتشرة في حي الشجاعية في غزة مؤلمة، بل أكثر من مجرد مؤلمة، إنها افظع جريمة تقترفها يد تدعي الأخلاقية والانسانية والحفاظ على أرواح البشر.
إن لجوء القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل(وهما واحدة بنظري) إلى ترحيل اهالي الشجاعية، ما هو إلا تأكيد صريح على النهج الذي استعملته وتستعمله الصهيونية وحكومات اسرائيل تجاه شعبنا الفلسطيني. ففي العام 1948 نفذت المنظمات العسكرية الصهيونية الهاغاناه والارغون وليحي وشتيرن وبالماح وسواها الاسلوب ذاته. تهديد الأهالي في القرى والمدن، توزيع مناشير تدعوهم إلى ترك قراهم ومدنهم لتقوم هذه المنظمات بتطهيرها من الارهابيين(وفق ادعاءاتها)، وبث نشرات اخبارية بالعربية عبر إذاعاتهم تبشرهم بالنار إذا لم ينصاعوا لاوامرهم.
ونفذت هذه المنظمات المجرمة فظائع وجرائم بحق الأهالي العزل من السلاح، راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين(مجازر دير ياسين، عيلبون، الصفصاف، الطنطورة...). ونفذت اضخم عملية تطهير عرقي في تاريخ المنطقة قاطبة، حيث هجّرت ورّحلت بالقوة والعنف مئات آلاف الفلسطينيين عن ديارهم ومواطنهم الأصلية، وحولتهم بين ليلة وضحاها إلى لاجئين فاقدين لأملاكهم وأراضيهم وتاريخهم وعلاقتهم بالمكان.
كل ذلك من اجل ضمان أمن اسرائيل _ الدولة الفتية الجديدة – وأمن مواطنيها الذين يصعب عليهم العيش في ظل ارهابيين!!.
هذا ما تفعله اسرائيل بغزة في هذه الاسابيع من بطش وقتل وتدمير. تدمير مئات بل آلاف البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وتهجيرهم منها. قتل الأبرياء من المدنيين أطفال ونساء وشيوخ. هو الاسلوب ذاته تستعمله اسرائيل مع اهالي الشجاعية في غزة، وهم اصلا لاجئون من قرى قضاء غزة من العام 1948.
لماذا تلجأ اسرائيل إلى مثل هذا الاسلوب؟ سؤال يحتم علينا دراسة معمقة لنفسية وتوجهات متخذي القرارات في حكومة اسرائيل ومجلس القيادة العسكرية؟ من خلال متابعات مستمرة، وبخاصة متابعة حروب اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني مباشرة في لبنان وفي الضفة الغربية وفي غزة يتبين أن جيشها – جيش اسرائيل – لم يعد بإمكانه خوض حروب مقابل جيوش دول في المنطقة. وذلك نابع من مكونات عدة يتعلق بعضها به وبعضها الاخر بغيره. فما يتعلق بغيره أن مصر والاردن قد توصلتا إلى ابرام تسويات مع اسرائيل فزال الخطر الفعلي والمباشر من جبهتين طويلتين من حيث الامتداد ومن حيث القوة العسكرية. بقيت الجبهة مع سوريا، وهي غير نشطة في ظل الازمة السورية . اما على الجبهة اللبنانية فتواجه اسرائيل حركة المقاومة حزب الله. ولقد لقنت حرب 2006 اسرائيل دروسا عميقة في التعامل مع الورقة اللبنانية. لكن، من يتطلع إلى كيفية تسديد اسرائيل ضرباتها نحو لبنان وبخاصة نحو الضاحية الجنوبية في بيروت، ودعوتها اهالي الجنوب إلى ترك مواقع سكناهم، يجد انه الاسلوب ذاته. معنى ذلك، تفريغ المنطقة من سكانها وهذا بحد ذاته تطهير عرقي يوجب محاكمة دولية بمستوى جريمة حرب، ومن ثم تدمير المنطقة وخاصة البنى التحتية منعا لعودة سكانها. وهذا ما فعلته اسرائيل في العام 1948، حيث اجبرت الفلسطينيين بالعنف الشديد على ترك مواقع سكناهم وحياتهم، ومن ثم باشرت بأوامر باتت معروفة لكل العالم، بتدمير القرى والمدن العربية منعا لعودة الفلسطينيين إليها.
وهذا ما تخطط له اسرائيل في الشجاعية بذريعة أن انفاقا كثيرة تحت بيوت الناس وعليها ان تفجرها وتدمرها فتدعوهم إلى تركها صونا لحياتهم. واهالي الشجاعية كباقي اهالي غزة لا حول لهم ولا قوة يبحثون عن طرق النجاة وهي قليلة للغاية، فتنزل على رؤوسهم القنابل الكيماوية والقذائف المدمرة وتطال الأطفال والنساء والشيوخ العزل والابرياء.
وفيما لو تمكنت اسرائيل من تفريغ كلي للشجاعية، ومن ثم تسديد ضربة للمقاومة الفلسطينية فستقوم بهدم كلي وتجريف لأراضي الشجاعية. هذا ليس تحليلا فقط، بل تمني من قبل قيادات اسرائيلية تعلنها صباح مساء من على وسائل الاعلام المختلفة.
لهذا نستدل من هنا ان اسرائيل تجابه خطرا كبيرا من احد الفصائل الفلسطينية، وهذا يهدد كيانها ووجودها. وأنها لا تحارب عسكريا، إنما تدميريا. وهذا يعني ان جيشها تدميري وليس قائما وفق اسس العسكرية المعروفة في العالم. وبالطبع فإن مقولات ربابنة اسرائيل من سياسيين وعسكريين ان الحرب هي الحرب، لا اساس لها من الصحة مطلقا. فمحاربة المدنيين ليست إلا جريمة حرب بل جريمة بحق الانسانية. وهذا ما يجري في غزة.
إذًا، ينتظر العالم وقوع المأساة الكبرى، ليتحرك، أو ليتفرج.
أمر الساعة هو رفع صرخات مدوية(وهذا أقل الايمان) بوجه العالم العربي والاسلامي والغربي لوقف سيول الدماء البريئة والطاهرة لأهل غزة أبطال العالم. على العالم التحرك فورا، ومن مختلف الأطر الانسانية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدينية لوقف حمام الدم الحاصل في غزة. وعلى العالم أن يدرك حقيقة واحدة نراها مهمة، أنه لن يتمكن احد من تركيع أهالي غزة، الذين اختبروا أكثر من اي شعب في العالم خبرات الموت، وهم اليوم يدافعون بقوة وحزم عن حقهم في الحياة في وطنهم.
قد نختلف مع توجهات حماس الفكرية واي فصيل فلسطيني آخر، إلا ان امر الساعة يطلب منا الوقوف صفا واحدا في وجه من عمل ويعمل على شق الصف الفلسطيني. وهذه الحرب التي تشنها اسرائيل على شعبنا في غزة تندرج تحت باب منع الوحدة والوفاق الوطني الذي تم قبل شهرين تقريبا بين ابناء الشعب الواحد.
إن صمود غزة لأسبوعين إلى الآن، هو مدرسة عظيمة في مواجهة الاحتلال والاستعمار ومؤيديه من ذوي القربى والغربة. طوبى لك يا غزة الصمود، وطوبى لكم ايها الغزيون على صمودكم البطل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة