ضمن برامجها اللامنهجية، أحيّت مدرسة الجليل الثانوية في الناصرة ذكرى مرور ستين عاما على النكبة الفلسطينية. حيث أقامت سلسلة من المحاضرات والندوات على مدار أسبوع كامل، هدفها تثقيف الأجيال الجديدة من الطلاب وزيادة التوعية بموضوع الرواية التاريخية الفلسطينية، وتعريفهم بما جرى في عام 48 فترة التهجير للشعب الفلسطيني. كما أقامت المدرسة معرضًا ضخمًا خاصًا بهذه المناسبة.

وقد ضم المعرض زوايا هامة من حالة النكبة الفلسطينية وهي: جناح خاص للفن الكاريكاتيري الساخر للفنان الفلسطيني المبدع الشهيد ناجي العلي ابن قرية "الشجرة ". وجناح خاص من الصور الفوتوغرافية النادرة والكبيرة من حياة اللاجئين اثناء عملية التهجير وفي الشتات، مبينة مراحل تطور القضية الفلسطينية وحالة اللاجئين السياسية، الاجتماعية والمعيشية، ومواقف الحكام والأنظمة العربية من كل ذلك. بالإضافة إلى زاوية خاصة من المعلومات الكتابية الهامة التي تعرّف بقضية اللاجئين وحق العودة أو التعويض وإمكانيات تطبيق هذه الأمور في مشاريع الحلول والتسوية السياسية الجارية في هذه الأيام. كما تم عرض معلومات حول الهوية الوطنية ومركباتها، والعديد من اللوحات والقصائد الشعرية لشعراء أدب المقاومة. كما اشتمل المعرض على زاوية خاصة من الوثائق التاريخية قبل خمسين عاما حول الاحتجاج الجماهيري ضد الحكم العسكري الذي فرض بعد النكبة على الأقلية الفلسطينية الباقية في الوطن. عمل على جمعها الباحث الشاب نادر زعبي ضمن وظيفته البحثية لنيل الدكتوراة من جامعة حيفا. كما تم عرض شرائح محوسبة حول القرى المهجرة والرسم والفن التشكيلي الفلسطيني من لوحات فنية ورسومات للفنان إسماعيل شموط.

وقد زار المعرض، الذي استمر أسبوعا كاملا، بالإضافة إلى طلاب المدرسة، العديد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية وعدد كبير من طلاب مدرستي تيراسانطة ومار يوسف.
هذا وقد استضافت المدرسة وعلى مدار أسبوع كامل السيد خالد عوض رئيس جمعية "السباط" في الناصرة، في لقاء هام مع الطلاب حول التراث الفلسطيني وأهميته في بلورة الشخصية الفلسطينية ودوره في تعميق الانتماء الفلسطيني لشعبه وعاداته وتاريخه، وأهمية الحفاظ على هذا التراث ليس كجزء من الماضي بل كامتداد تاريخي للانتماء والحفاظ على الهوية.

كما استضافت المدرسة الكاتب والأديب والصحفي الأستاذ سالم جبران في لقاء مع طلاب المدرسة، تحدث فيه عن دور الأقلية الفلسطينية في الحفاظ على الهوية والبقاء،  والتحديات التي واجهت  وما زالت تواجه المجتمع الفلسطيني في إسرائيل على مدى ستين عاما من النكبة. وشدّد الكتاب سالم على أهمية الوحدة الوطنية كرد على المخططات السلطوية للنيل من صمود الفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى أيامنا، محذرا من تشرذم المجتمع الفلسطيني وانعكاس ذلك على مناعته الداخلية ومشروع البقاء في الوطن.

هذا وقد تم تتويج نشاطات أسبوع النكبة بإقامة ندوة هامة يوم الجمعة الماضية في قاعة المركز الثقافي البلدي في الناصرة، تحت عنوان: "ستون عاما على النكبة"، حضرها طلاب من الصفوف العاشرة  والحادية عشرة، وتولى إدارتها الأستاذ عايد علي الصالح - مركز البرامج اللامنهجية في المدرسة، وشارك فيها كل من: الدكتور يوسف جبارين رئيس مركز "دراسات"- المركز العربي للحقوق والسياسات، والمحاضر في القانون في جامعتي حيفا وتل أبيب، والمحامي وكيم وكيم  سكرتير "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين في إسرائيل"، والأستاذ الكاتب والصحفي وديع عواودة.
وقد تحدث د. يوسف جبارين عن عملية التوعية للأجيال الجديدة لطلاب المدارس بالتاريخ والهم الفلسطيني وأهمية الحفاظ على الهوية والانتماء وتعميق ذلك في شخصية الطالب، وعن أهمية الوعي الثقافي وحب اللغة وعن القضايا القانونية ومعالجة القانون الدولي وحقوق الإنسان لحالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وكيفية تنكر إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية الخاصة بحل وتسوية هذا الصراع الطويل.

المحامي واكيم واكيم تحدث عن حق المهجرين في الداخل كجزء من الحل لهذا الصراع، وآفاق تحقيق السلام في المنطقة، وعن القرى المهجرة وعن معاناة اللاجئين في الشتات، مؤكدا أن لا سلام بدون حق اللاجئين في العودة إلى قراهم.
وتناول الأستاذ الكاتب والصحفي وديع عواودة في حديثه  أهمية التوعية للذاكرة الجماعية لدى الجيل الجديد وأهمية الحفاظ على هذه الذاكرة ودور الرواية التاريخية والشفوية للشعب الفلسطيني في إقناع الرأي العام المحلي والعالمي بعدالة القضية الفلسطينية، وتجنيدهما إلى جانب الحق والنضال الفلسطيني العادل.