الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 09:02

رسالة لوزير لا يصون لسانه/ وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 04/07/14 14:51,  حُتلن: 15:02

وديع عواودة في مقاله:

العلاقة السببيّة المباشرة بين العنفيْن الكلامي والجسدي تجلت قبل شهر في تصريح عَجول بائس وأرعن لوزير الشرطة يتسحاق أهرونوفيتش بقوله إنّ الفتاة من العفولة قتلت بمجدال هعيمق على خلفية قومية من دون أيّ دليل حقيقي في اليوم التالي خرج الآلاف من سكان العفولة في مظاهرة عنصرية عنوانها " الموت للعرب " احتجاجًا على قتل عربيّ ليهودية بعد أيام أطلقت الشرطة سراح ستة عرب مشتبهين بالضلوع بالجريمة لكنّ وزيرها لم يعد للقول إنّ خلفيتها ليست قومية

صحيح أنّ قتل ثلاثة فتيان والكشف عنهم بعد 18 يومًا في نهاية مسلسل دراميّ مشحون يؤجّج الخواطر ويرفع منسوب الحقد والتوتر لكن لولا التحريض الرسمي المنفلت لما شهدنا هذا التسونامي غير المسبوق من كراهية تجعل قتل العربي قيمة لا عنصرية. تجلى ذلك بوضوح بصور " السيلفي " ودعوات القتل والذبح والإبادة داخل مواقع التواصل الاجتماعي وبصفحة " شعب إسرائيل يريد الانتقام"

في توقيتها وساديّتها وملابساتها تبدو جريمة قتل الطفل المقدسيّ محمد أبو خضير صهيونية الصنع انتقامًا لقتل المستوطنين الثلاثة. المؤكّد بالقاطع أنّ دم أبو خضير سُفك قبل أن تطلق عليه الرصاصة وشارك بالجريمة كل من انفلت بتحريض هستيري وبكراهية عمياء للفلسطينيين والعرب بمن فيهم وزراء وحاخامات. القتلة داخل غابة دير ياسين هم المسدس والرصاصة فقط. صحيح أنّ قتل ثلاثة فتيان والكشف عنهم بعد 18 يومًا في نهاية مسلسل دراميّ مشحون يؤجّج الخواطر ويرفع منسوب الحقد والتوتر؛ لكن لولا التحريض الرسمي المنفلت لما شهدنا هذا التسونامي غير المسبوق من كراهية تجعل قتل العربي قيمة لا عنصرية. تجلى ذلك بوضوح بصور " السيلفي " ودعوات القتل والذبح والإبادة داخل مواقع التواصل الاجتماعي وبصفحة " شعب إسرائيل يريد الانتقام". وهذا التحريض المجنون هو تعبير واضح عن انزياح الشارع الإسرائيلي نحو التطرف السياسي والديني منذ تغيير مناهج التربية والتعليم عقب اعتلا الليكود سدة الحكم في 1977 وبلوغ البلاد مليون مهاجر من الاتحاد السوفياتي بدءا من 1989 . وتفاقمت الكراهية منذ توقيع أوسلو لكنها بنفس الوقت تعبّر عن أزمة ثقة دفينة مردها عدة أسباب منها " الفزاعة الديموغرافية ". وهذه طبعا تحولات ضروري أن نفهمها لترشيد تعاملنا وتفاعلنا معهم.
العلاقة السببيّة المباشرة بين العنفيْن الكلامي والجسدي تجلت قبل شهر في تصريح عَجول بائس وأرعن لوزير الشرطة يتسحاق أهرونوفيتش بقوله إنّ الفتاة من العفولة قتلت بمجدال هعيمق على خلفية قومية، من دون أيّ دليل حقيقي. في اليوم التالي خرج الآلاف من سكان العفولة في مظاهرة عنصرية عنوانها " الموت للعرب " احتجاجًا على قتل عربيّ ليهودية. بعد أيام أطلقت الشرطة سراح ستة عرب مشتبهين بالضلوع بالجريمة لكنّ وزيرها لم يعد للقول إنّ خلفيتها ليست قومية وهكذا وسائل الإعلام العبرية (باستثناء "هآرتس") نشرت تصريحاته التحريضية ولم تذكر كلمة حول الإفراج عن المشتبهين العرب. وزير الشرطة بالذات ينبغي أن يصون لسانه وعدم الضغط السريع على زناد تصريحات وقت الأزمات وإلا يصبح وزيرا لصب الزيت على النار وهذا في كل الحالات دون استثناء سواء كانت الضحية عربية أو يهودية.
رغم توصيات لجنة أور كانت وما زالت الشرطة في إسرائيل معادية للمجتمع العربي وترى بهم طابورًا خامسًا ولا تنظر لهم إلا كمخرّبين أو مخبرين وبالحالتين يستحقون الازدراء. يتجاوز الحاخامات السياسيين بخطورة تحريضهم وبعضهم دعا لقتل العرب ومن يدخل مواقع المدارس الدينيّة اليهوديّة تفزعه كمية وخطورة التحريض القائم منذ سنوات.
وذهب نوعم فيريل حاخام المدرسة الدينية " بني عكيفا " لحدّ دعوة طواقم الباحثين عن المخطوفين للتحوّل لكتائب انتقام. الناطقة بلسان الشرطة أعلنت أمس أنها ستحاسب وتلاحق جرائم التحريض على العنصرية والعنف لكننا لا نثق بها وبتصريحاتها طالما أنها تشارك بنفسها بالحملة وتكيل بمكيالين. حتى تكون الشرطة جدية وجديرة بالثقة عليها تغيير نفسها أولا وإقران أقوالها بالأفعال وبسرعة توازي سرعة فتح تحقيق مع الطالب العربي في التخنيون غداة كتاباته الحمقاء عن تسديد المنتخب الفلسطيني ثلاثة أهداف! وإلا، فإنّ استمرار التحريض المنفلت لن يتوقف عند تعاظم " تدفيع الثمن " ويصبح وقوع جريمة قتل لعرب مواطنين في إسرائيل مسألة وقت.
عن عملية الخليل ما لها وما عليها وعن دور المجتمع العربي في إسرائيل بين المنشود والموجود حيال قضة الأزمة الراهنة وعن قنطار العدالة ودرهم الحكمة، لنا عودة في مقال منفصل).

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة