الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 15:02

الموقف الدولي من الأزمة العراقية/ بقلم: د. يوسف نور عوض

كل العرب
نُشر: 20/06/14 07:58,  حُتلن: 08:01

د. يوسف نور عوض في مقاله:

من الخطأ أن ننظر إلى مايجري في العالم العربي من الزاوية السياسية الخالصة وحدها، ذلك أن الصراع الدائر هنا ليس في جوهره سياسيا بل هو ثقافي وعرقي وطائفي

موقف رئيس الوزراء البريطاني السابق «توني بلير» نفى أن يكون غزو بلاده للعراق في عام 2003 سببا في حالة العنف التي تجتاح العراق حاليا

إعتبر مفتي جبل لبنان الشيخ «محمد على الجوزو» أن ما يحدث في العراق هو حرب طائفية تحركها دولة أجنبية، ويقف وراء هذا الصراع من وجهة نظره رئيس الوزراء «نوري المالكي»

لا تملك الجامعة العربية الوسائل التي تحدث بها تغييرا فعالا في العراق خاصة أن صراع العراق يأخذ في كثير من جوانبه منحى طائفيا وذلك ما قد يحدث انقساما واضحا في مواقف بعض الدول

إذا نظرنا إلى سائر مناطق العالم فلن نجد منطقة ملأى بالصراعات كما هو الحال في المنطقة العربية، صراعات تتميز بالعنف والاعتداءات التي حيرت كثيرا من دول العالم وجعلتها تنأى بنفسها عما يجري في هذه المنطقة. ولعله من الخطأ أن ننظر إلى مايجري في العالم العربي من الزاوية السياسية الخالصة وحدها، ذلك أن الصراع الدائر هنا ليس في جوهره سياسيا، بل هو ثقافي وعرقي وطائفي، تتحكم فيه المعتقدات الثقافية التي ظل يتوارثها الناس ويتعاملون معها كحقائق لا تقبل التغيير.

وإذا أخذنا نموذجا واحدا لذلك وهو النموذج الطائفي الذي يحدث الانقسام بين السنة والشيعة، وتساءلنا ما إذا كان الناس يعيشون حقا مثل هذا الانقسام في حياتهم الواقعية؟ كانت الإجابة هي بكل تأكيد لا، لأن الناس في العالم العربي لا يتذكرون خلافاتهم المذهبية، إلا حين يثيرها الزعماء في ساحات الصدام، وهكذا في مجتمعات تغيب فيها نظم الدولة الحديثة ليس من المستغرب أن تخضع هذه المجتمعات من وقت لآخر لمثل هذه المشاكل كما هو الشأن في العراق الذي يخضع لحروب أهلية مدمرة لا جدوى منها، وهي حروب تؤثر على مسيرة الحياة بصورة كبيرة، وذلك ما يجعلنا نتوقف أمام ما يحدث في العراق من منظورات مختلفة لنرى كيف يبدو الواقع العراقي في رأي كثير من القياديين في العالم، وأيضا من منظور المؤسسات التي تعنى بالشؤون الدولية.

ونبدأ هنا بموقف رئيس الوزراء البريطاني السابق «توني بلير» الذي نفى أن يكون غزو بلاده للعراق في عام 2003 سببا في حالة العنف التي تجتاح العراق حاليا، وقال «بلير» إن التقاعس عن مواجهة الموقف في سوريا هو الذي جعل الدول الغربية تشعر بالندم على ما يحدث في العراق، وقال إن الزعم بأن الإطاحة بنظام «صدام حسين» هي التي أوجدت الوضع الحالي غير صحيح لأن الاستيلاء على محافظة الموصل خطط له عبر الحدود السورية. وقال «توني بلير» إنه يتفهم عدائية المواقف ضد حرب أفغانستان والعراق، ولكنه لا يعتبر الموقف في سوريا شبيها بالمواقف من هذين البلدين. وقال «بلير» شاهدنا سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية تنزلق إلى أسفل، وظلت تلف حبالها حول خاصرة الدول الغربية من أجل جرها إلى أسفل أيضا. وأكد «بلير» أن ذلك لا يعني ضرورة التدخل العسكري في العراق، ولكن إذا كان من الضروري اتخاذ موقف من الإرهاب فيجب أن يكون ذلك بإرادة وحزم. وقال «بلير» إن الرئيس «أوباما» كان مصيبا عندما قرر طرح الخيارات كافة في العراق، بما فيها التصدي بالقوة للإرهاب.

ومن جانبه اعتبر مفتي جبل لبنان الشيخ «محمد على الجوزو» أن ما يحدث في العراق هو حرب طائفية تحركها دولة أجنبية، ويقف وراء هذا الصراع من وجهة نظره رئيس الوزراء «نوري المالكي»، ورفض المفتي الفكرة التي تقول إن «داعش» وحدها هي التي تخوض المعركة، لأن من يخوض المعركة من وجهة نظره هم أهل العشائر الذين عانوا كثيرا من تعصب المالكي، بالإضافة إلى العسكريين الذين ظلمتهم الولايات المتحدة الأمريكية. وقال «الجوزو» إن هيئة علماء المسلمين أرسلت رسالة إلى من وصفتهم بالثوار لتجنب الحرب المذهبية. وهنا تساءلت صحيفة «ليسكبريس»الفرنسية ما إذا كان العالم الغربي يستعد لحرب رابعة في هذه المنطقة لمقاومة استيلاء «داعش» على أجزاء من أرض العراق؟ وقالت الصحيفة الفرنسية إن واشنطن تسرعت في قرارها بعدم إرسال قوات أمريكية إلى العراق، على الرغم من ضغط بعض أعضاء الكونغرس على الرئيس «أوباما» لتوجيه ضربات جوية لثوار العراق. وقالت الصحيفة إن الدبلوماسي السابق «دينيس بوشار» قال إن التجربة في «مالي» أكدت أن مقاومة مثل هذه الجماعات لا يمكن أن يتحقق إلا على الأرض. ونسبت الصحيفة إلى «بوشار» قوله إن رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي» يتحمل مسؤولية كبيرة في الصراع القائم بين الطوائف، والتي دفعت الكثير من السنة إلى الانضمام إلى «داعش».

وتساءلت صحيفة «الديلي تلغراف البريطانية»، هل سيكون موقف الولايات المتحدة من العراق بداية عهد جديد بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية؟ وقال بعض الناصحين للرئيس الأمريكي إن مصالح أمريكا ستكون أفضل، إذا ما أقام تحالفا مع ما سمته عدو بلاده اللدود، لكن من وجهة نظر الصحيفة إن ذلك مثل حال الغريق الذي يبحث عن «قشة» من أجل النجاة.
وتساءلت صحيفة «كرستيان ساينس مونيتور» قائلة مع تدهور الوضع في العراق، على من تلقى المسؤولية؟ هل هي بسب قرار الرئيس السابق «جورج دبليو بوش» غزو العراق، أم بسبب قرار الرئيس الحالي «باراك أوباما» سحب القوات الأمريكية من العراق قبل عامين؟ وقالت الصحيفة إن حربا كلامية بدأت تشتعل بسبب موقف الولايات المتحدة عدم إرسال قوات أمريكية إلى العراق، وأيضا تذكيرا بأخطاء قال الكثيرون إنها صاحبت حرب غزو العراق. وقال الكاتب الأمريكي «جوردون آدمز» في مقال نشرته صحيفة «فورين بوليسي» إن ما لا تفعله الولايات المتحدة الآن وما فعلته سابقا يوصف بالفشل، ولكن الذي يتحمل الأعباء والنفقات هو شعب الولايات المتحدة. وقال «آدمز» إن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على بناء دول أخرى، أو بناء جيوش هذه الدول، وضمان أمنها عبر الاحتلال أوعبر تجهيز الجيوش.
ومن جانب آخر بحث وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» مع نظيره العراقي «هوشيار زيباري» عبر الهاتف الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق، وأكد «كيري» خلال هذه المحادثة أن الولايات المتحدة سوف تدعم مواقف العراق في مواجهة الإرهاب.
وأما في الإطار العربي فقد عقد اجتماع غير عادي في جامعة الدول العربية حضره المندوبون الدائمون برئاسة المغرب، وناقش الاجتماع ما وصفه بالأوضاع الخطيرة في العراق، وعبر الأمين العام لجامعة الدول العربية «نبيل العربي» عن قلقه مما يحدث في العراق متمنيا أن تعود الأوضاع إلى حالتها الطبيعية قريبا، وقال إن الاجتماع الذي سيعقد في جدة لوزراء الخارجية العرب سيدرس الوسائل والخطوات التي يجب اتخاذها لمساعدة العراق على الخروج من مأزقه.
وبالطبع لا تملك الجامعة العربية الوسائل التي تحدث بها تغييرا فعالا في العراق، خاصة أن صراع العراق يأخذ في كثير من جوانبه منحى طائفيا، وذلك ما قد يحدث انقساما واضحا في مواقف بعض الدول التي لا تريد للجامعة أن تدخل نفسها في مثل هذه الصراعات. 

 * نقلاً عن القدس العربي

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة