عاد الربيعُ فتفتحت بمقدمه الزهرات وعادت معه السهرات، حلّ الربيعُ فرجعنا إلى موسم الأفراح والحفلات، فجهّزوا أنفسكم ، بني قومي ، لقضاء أحلى وأمتع الأوقات ، وتمعنوا جيداً في هذا التوجه وفي هذه الكلمات :
أُخاطب أولاً أصحاب الأعراس والمناسبات: توجهوا حالاً إلى البنوك واستلموا القروض لسد النفقات ، أو بيعوا ما تملكون من أرض ٍ وعقارات ، لكي يظهر فرحكم بأجمل الحلات ! أُدعوا لحفلكم كل المقريبين والقريبات، أهل البلدة من جميع الجهات والفئات ، وإذا خانتكم ذاكرتكم استعينوا بدليل التليفونات! حضّروا أنفسكم لأُسبوعٍ من السهرات ، قدّموا فيه ما طاب من المقبلات والمأكولات ، ولا تنسوا نوعاً من أنواع الحلويات ، بالإضافة طبعاً إلى كم ٍ هائلٍ من المشروبات ، ولكن تذكروا : حتى لو قدّمتم كل هذه التضيفات ، ستبقى الوجوه عابسة حتى تحضرون للمدعوين " عروس السهرات " ، هي الأرجيلة – " زينة الحفلات "!!! دخانها يتناثر حتى يصل أبعد السموات ، وسمومها تتغلغل في أجسامنا تخترق الجسيمات ، رائحتها تنعشهم وتقتلنا ، فهل من معترض؟ هيهات، هيهات!!!
يبدأ فرحكم فتغلقون الطرقات ، وتصل موسيقاكم إلى أقصى الحارات، أسبوع فرح ينسى فيه جيرانكم وأقرباكم طعم السُبات ، ينتصف الليل وصوت موسيقاكم يفترس سكون الليلات ...
ولا بدّ من كلمة أوجهها إلى جمهور المدعوين والمدعوات : أسرعوا أنتم أيضاً إلى موظف بنككم مُستفسرين حول القروضات ، فأمامكم عشرات الأعراس والمناسبات ،فرح قريب وفرح حبيب وأعراس أبناء العمات والخالات . حضّروا نقودكم واخفوها داخل المغلفات .انتقلوا من عرس لآخر ، منتقدين ما قُدّم من الوجبات، فحتى لو أطعموكم بملعقة مصنوعة من فضة وذهب – لن ترحموهم من الانتقادات! وإذا شاركتم في فرح في إحدى القاعات ، "استغلوا" كل قطرة من الكحول والمشروبات ، فعندها ستضحكون عالياً على أتفه المُسببات ، وستفتعلون مشكلة مع أحد المدعوين أو المدعوات ، ليبدأ صراخكم عالياً فيهّز جميع الركنات ، وتبدأون بالشتم والضرب وربما بتلقي اللكمات ، غير آبهين بصاحب الفرح وما تكلفه من النفقات !!!
هذه ، أعزائي ، أحوالنا في الأفراح والمناسبات ، أكتبُ ويختلجني حنين إلى زمن مضى وفات ، كانت فيه بلدتي صغيرة كباقي البلدات ، وكانت سهراتها وأفراحها من أجمل السهرات ، فصوت أبي سعود وأبي غازي عَبقَ حينها بأجمل النغمات ، ورجال اصطفوا جنباً إلى جنب من كل الطوائف والفئات ، كانت تُزيّن أعراسنا الألفة والمحبة وأسمى العلاقات ، رجال شاركوا بقلوبهم مقدمين العون والمساعدات ، ولا يُركزون جلّ اهتمامهم للهمس والانتقادات ، يتفاخرون بتقاربهم وبمحبتهم وليس بالألعاب النارية والمفرقعات!!!
عُدتَ يا موسم الأفراح ، فهنيئاً لجميع المحتفلين والمحتفلات ، وجعل الله أيامكم مليئة بالخير والبركات والمسرات...