الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 22:01

نهاية النكبة... بإحياء القومية..


نُشر: 20/05/08 17:07

الذكرى الستين لنكبة الشعب الفلسطيني أكدت، مرة أخرى، لكافة شعوب العالم وخاصة الشعب اليهودي أنها ذاكرة تأبى النسيان. فهذه النكبة وان دونت في كتب التاريخ وعقول الجماهير ونحتت في قلوب أبناء شعب أبي ما زالت حلقاتها وفصولها مستمرة بخطى صهيونية عنصرية. فالنكبة التي وقعت عام 1948 ، لم تكن سوى انطلاقة لمشروع مدروس ومنظم بحق الشعب الفلسطيني، بدأ التخطيط له في عام 1915 وكانت أحداث ثورة 1936 وغيرها من الأحداث التي سبقت النكبة عبارة عن جس نبض الشعب الفلسطيني واختراق صفوفه، الأمر الذي يثبت أن النكبة بحق الفلسطينيين بدأت أحداثها سنوات عديدة قبل العام الشؤم 1948 والذي كان تنفيذا فعليا وتدشينا للمشروع الصهيوني.
الأحداث التي توالت على الجماهير العربية بالداخل عقب عام 1948 هي اكبر دليل واثبات على وجود مخطط إسرائيلي وضع منذ زمن بعيد هدفه هو إقامة الدولة العبرية العظمى. دولة "طاهرة" تحتضن فقط اليهود.
من هذا المنطلق كان واضحا للجميع سيناريو مشروع النكبة المتواصلة بحق جماهيرنا حتى اليوم، كما أن بنود المشروع ساطعة ومميزة. فعلى سبيل المثال وبغية إقامة دولة عبرية "صافية" تجمع اليهود فقط، كان لا بد من تطهير المنطقة والأرض من كل ما هو غير يهودي، وبذلك كان "التطهير العرقي" عنصرا هاما في مشروع النكبة بحق المجتمع العربي بالداخل.
سيناريو النكبة لم ينته بل ما زال يحمل حلقات ولقطات عدة. فالأمر الوحيد الذي تغير هو الأسلوب والوسائل التي تستعملها المؤسسة في تنفيذ مشروعها. ففي عام 1948 اعتمدت المؤسسة القوة والبطش بحق الجماهير العربية . أما اليوم فالأساليب عديدة، تتمثل في التمييز والترانسفير والعنصرية، وتضيق الخناق الاقتصادي والاجتماعي، ومحاصرة القرى والمدن العربية بالجدران والمستوطنات اليهودية، هذا ناهيك عن زرع الفتنة وإيقاظ مسخ الطائفية في المجتمع العربي. هذا المسخ هو الخطر الداهم الذي بات يهدد مجتمعنا دون حراك أو ردود فعل كفيلة بإجهاضه  أو محاولة حصره.
نعم مسخ مخيف وخطير. ولعله اخطر شبح بات يهددننا إلى جانب النزاعات الحزبية. لقد استطاعت الجماهير العربية أن تتخطى بصورة أو بأخرى، العقبات والمخططات التي وضعتها المؤسسة لإضعاف المجتمع العربي وتحويله لفريسة سهلة المنال، من تعامل عنصري وتمييز وملاحقات سياسية وحرمان وكراهية لكل ما هو عربي. إلا أن جماهيرنا وللأسف لم تنجح في دحض خطر الطائفية عنها ومحاولة قتل هذا المسخ قبل خروجه من قمقمه.
إن الطائفة عبارة عن تكتل بشري في المجتمع، له مصالح واحدة وتجمعه رابطة العقيدة أو الثقافة أو المكان. والطائفية هي أحد الأساليب السياسية التي تتبعها الطائفة لتحقيق رؤية ومصالح هذا التكتل البشري. ومهما كان سبب انبعاث الطائفية فان المحصلة سلبية على وجود الأمة ومستقبلها، ولذلك فان سياسة الاستعمار والمؤسسة كانت وما زالت تضع المخططات والمشاريع التي ترمي إلى تغذية الانقسام الطائفي، وإقامة الدويلات الطائفية، واستثارة الخوف عند الأقليات، لان ذلك يخدم مصالحهما التي تتعارض حتما مع مصالح الجماهير ووحدتها بعيدا عن الطوائف.
إن حل مشكلة وآفة الطائفية يكون باتجاه إحلال وحدة الشعب ودحض دابر مخططات المؤسسة لزرع الطائفية والفرقة، وبذلك لا يعود هناك مبرر لطائفة أن تسحق بقية الطوائف من اجل مصلحتها هي، ولا مبرر لحزب أن يخضع بقية الأحزاب لمصلحته ولا مبرر لقبيلة أن تخضع بقية القبائل لسلطتها ومصلحتها، أو أن تسحق طبقة بقية الطبقات لمصلحتها، وذلك لان إباحة هذه التصفية تعني نبذ الحرية الإنسانية ونبذ منطق الديمقراطية، والاحتكام إلى منطق القوة، الذي هو عمل دكتاتوري لا يخدم مصلحة المجتمع الذي لا يتكون من طائفة واحدة، ولا قبيلة واحدة أو طبقة واحدة أو حزب واحد. إنه عمل دكتاتوري لان المجتمع يتكون من أطراف متعددة وقيام احدها بتصفية بقية الأطراف ليبقى هو فقط، عمل ليس في صالح المجتمع العربي، بل يخدم مصالح فئة دون غيرها.
إن كبح جماح الطائفية المستفحلة في مجتمعنا يكون بعودة الجماهير العربية إلى الرابطة الاجتماعية الأساسية ألا وهي القومية التي تربط جماعة بشرية بعضها ببعض. والرابطة التي تربط القوم الواحد، هي الشعور المشترك، واللغة الواحدة، والعقيدة الواحدة، والتاريخ والتراث المشترك، وهذه الرابطة الاجتماعية أي القومية، أساسها الدم، وهو الأصل الواحد، والانتماء والمصير المشترك، والمصالح الواحدة، لذلك كانت العلاقة القومية، هي علاقة اجتماعية، أي علاقة الإنسان في التكوين الطبيعي الذي ينتمي اليه والذي يبدأ من الأسرة، فالقبيلة، فالأمة، فالمجتمع الإنساني، ولكن هذه العلاقة أو الرابطة تفتر كلما انتقلنا من الأسرة إلى القبيلة إلى الأمة، إلى المجتمع الإنساني.. لذلك كانت الحركات التاريخية أو القومية، هي حركات باحثة عن الذات القومية للمجتمع الواحد، من اجل نفسه ومن اجل تأكيد ذاته، بغية استقلاله عن مجتمع آخر ليس مجتمعه.
فالقومية في عالم الإنسان مثل الجاذبية في عالم الإجرام والكواكب، فلو تحطمت جاذبية الشمس لتطايرت غازاتها وفقدت وحدتها التي هي أساس بقائها، والبقاء أساسه عامل وحدة الشيء. وعامل وحدة أي مجتمع أو جماعة هو القومية باعتبارها الإطار الأول لبناء مجتمع لشعب موحد في انطلاقه للتعامل مع باقي الشعوب والمجتمعات على أسس إنسانية.
ولهذا السبب تكافح المجتمعات والجماعات من اجل وحدتها القومية، لان في ذلك بقاء كيانها، وضمان استمراره في ظل تحول إنساني نحو العالمية ( أو ما يسمى بالعولمة) وهي صمام أمان لبقاء المجتمع والشعب حرا سيدا لنفسه. إن تجاهل هذا القانون الطبيعي أو الاصطدام به يفسد الحياة والمجتمع. والحركة القومية هي حركة قوم من اجل قضاياهم. والقوم جماعة واحدة، ذات حياة واحدة، وحاجات اجتماعية واحدة يتم إشباعها بشكل جماعي وينتفع بها كل الأفراد على حد سواء من غير أن يكون لهذه الحاجات أي صفة فردية أو طائفية.
إن الرابطة القومية، هي أساس وحدة الأمم وسر بقائها، والأمم التي تحطمت أو تفككت قوميتها، هي التي تعرض وجودها للخطر، بعد أن تحولت من أمة موحدة لمجموعة أقليات دينية وطائفية تعاني من الاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي. إن الرابطة الاجتماعية أي القومية هي عامل حياة، ولهذا كان العامل الاجتماعي محركا طبيعيا لتاريخ المجتمعات، فالوسيلة الأمثل إذن، لإبادة داء الطائفية واجتثاثها من عقول أبناء المجتمع العربي، هي إعادة بناء الذات القومية لمجتمعنا، وهذا لن يتحقق إلا إذا قامت حركات جماهيرية قومية من اجل تحقيق الذات القومية للمجتمع العربي، وبنائه وتشكيله على أسس قومية ووطنية، من جهة وعلى أسس اجتماعية تقدمية متنورة ولبرالية تكفل تماسكه وثباته في التحديات التي يواجهها من قبل المؤسسة والدولة، بهذه الطريق نوقف مسلسل النكبة الذي تتعرض له جماهيرنا في الداخل، ونمهد الطريق نحو أجيال المستقبل لضمان حياة حرة وكريمة.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.73
USD
4.00
EUR
4.67
GBP
220467.89
BTC
0.51
CNY