الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 23:02

شبابنا في حالة من فوضى الذات والتخبط النفسي/ بقلم: المحامية ريم شدّاد- قبطي

كل العرب
نُشر: 10/06/14 09:05,  حُتلن: 11:58

المحامية ريم شدّاد- قبطي في مقالها:

عامل التطور التكنولوجي هو جزء لا يتجزأ في مسببات الوصول لوضعية تراكم الديون

هناك من يستمتع باستغلال ضعف شبابنا الصاعد وعدم تجربته وقلة خبرته في الحياة

أتوجه الى عامة الأهل وأناشدهم بمراقبة أبنائهم خاصة من منهم في جيل المراهقة واحتضانهم ومتابعتهم وإرشادهم والتودد اليهم لمنع حالات كهذه من الضياع النفسي والمادي

خلال أحد عشر عاما من عطاء في مهنة المحاماة وخدمة الجمهور، عرفت جيلا من الشباب يفتقر الى السلام والأمان الداخلي. شباب يفقد السيطرة على قراراته المصيرية، يفتقد الى الصبر والتواصل. يتأرجحون في قراراتهم فتراهم صباحا يقررون شيئا ما، وفي الظهيرة تجدهم مع قرار مختلف، وفي المساء ينسون اصلا ما كان، وكأن ثلاث شخصيات تجمعهم في شخصية واحدة، الأولى تقرر، الثانية تلغي، والثالثة تنسى أو تتناسى. شبابنا اليوم يعيشون حالة من فوضى الذات والتخبط النفسي.

التقيت الكثير الكثير من جيل الشباب ما بين الأعمار 18 - 23 عاما يأتونني محملين بأثقال من الديون. أعي جيدا أن ظروف الحياة وضغوطاتها والسعي وراء لقمة العيش أبعدت بشكل نسبي التواصل الدائم بين الأب والابن، الأم والابنه، الأخ وأخته.. مما أدى الى لجوء جيل الشباب الى مصادر اخرى لتلقي التوجيه والنصيحة، وهنا نشير الى أن لعامل التطور التكنولوجي جزء لا يتجزأ في مسببات الوصول لوضعية تراكم الديون.

عندما يعمل الأب جاهدا، يكد ويتعب ليفي بحاجات منزله وابنائه فيعود الى منزله منهك القوى. .لا يوجه ولا ينصح او يكرس القليل القليل من وقته لمن هم في حاجاته من توعية، توجيه وإرشاد، وكذلك زوجته التي تعمل خارج المنزل لمعاونته في لقمة العيش، تكد لتحقيق التوازن بين ما يطلبه منها عملها من التزامات، وبين منزلها، وأبنائها ولكنها على الرغم من كل ذلك لا تستطيع القيام بواجب التوعية والإرشاد لوحدها بشكل كامل ولذلك تعطي هذا الجانب القليل القليل من الوقت.

في مثل هذا الحال يلجأ جيل الشباب الى اكتساب التوعية والإرشاد من مصدر خارجي غير أمين. اذا تطرقنا الى الجانب المادي مثلا يلجأ الشاب في البداية الى صديق له ويقترض منه بعض المال. ولتسديد المبلغ الذي كان قد اقترضه من صديقه يلجأ الى صديق آخر ويقترض منه المال، ولتسديد القرض الثاني يتوجه الى صديق ثالث، وهكذا دواليك على أمل أن ينسى احد أصدقائه المبلغ الذي اقرضه إياه يوما ما، لكن ذلك من النادر أن يحدث.

يستمر الشاب في هذه الدوامة من الدين حتى يتعرف الى الأشخاص الخطأ ويقترض مبلغا منهم او بما يسمى "السوق السوداء" وفجأة يرى نفسه قد "داخ" في هذه الدوامة التي أصبحت تحيطه من كل الجهات ويقع في مشاكل مادية كبيرة وتكبر فجوة الديون حتى يصبح من الصعب التخلص منها بسهولة. يضطر هذا الشاب الى الكد والعمل لاغيا كل أحلامه وطموحاته في بناء مستقبل واعد الى اجل غير مسمى وذلك ليتخلص من دوامة ديونه.

قال لي شاب لجأ الي لمساعدته وتخليصه من ديونه، انه عندما كان في جيل 18 كان يرى جانبا مختلفا في تعامل الأشخاص معه. في البداية كانوا لطفاء وودودون، ولكن عندما تكلم معهم عن المال كشروا عن أنيابهم كما الذئاب المفترسة. هناك من يستمتع باستغلال ضعف شبابنا الصاعد وعدم تجربته وقلة خبرته في الحياة.. والموقف الأصعب عندما يأتي الأب او تأتي الام ويبدآن بمعاتبة النفس وقد فات الأوان. من هنا أتوجه الى عامة الأهل وأناشدهم بمراقبة أبنائهم خاصة من منهم في جيل المراهقة واحتضانهم، ومتابعتهم وإرشادهم والتودد اليهم لمنع حالات كهذه من الضياع النفسي والمادي.

نهايه أقول لجيل الشباب توخوا الحذر واقبلوا إرشاد ذويكم حتى ان كُنْتُمْ وفي قراركم مقتنعون عكس ما يعطى لكم من نصائح وإرشاد، لأنه وعلى المدى البعيد ستقتنعون ان ما أعطي لكم كان لصالحكم ولمصلحتكم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة