الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 22:02

حينما يأكل الأسير لحمه/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 07/06/14 10:40,  حُتلن: 12:54

وديع عواودة في مقاله:

الطاقات كامنة وكبيرة وتنتظر من يستثمرها بالتعبئة والتثقيف ومحاربة اللامبالاة والاسترخاء

بيدنا ما نقدمه أكثر مما قدمناه حتى الآن لمن يجسّدون بتضحياتهم وجدان ونضال الشعب الفلسطيني العادل من أجل الحرية والحقوق

هذه المرة ولكون إضرابهم جماعيا ومفتوحا يستحق الأسرى الإداريون المضربون عن الطعام هبة شعبية أكبر تحتج على مضي السلطات الإسرائيلية بهذه الجريمة

مع إشراقة الشمس هذا اليوم يدخل الإضراب الجماعي الأول للأسرى الإداريين يومه الرابع والأربعين وقد نقل حتى الآن أكثر من سبعين منهم للمستشفيات الخارجية لكن " يمعان الإسرائيلي مش هون ". أن تتجاهل إسرائيل عذابات الأسرى ونضالاتهم ويبحث رئيس حكومة عن وقانون يبيح إطعامهم عنوة هو أمر متوقع كيف لا وهي تمعن باحتلالها لشعبهم وأرضهم طيلة عقود غير آبهة بشيء. لكن الأمر غير الطبيعي أن رد فعل الشارع الفلسطيني عبر طرفي الخط الأخضر ما زال ضعيفا وتفاعله خجول.

صحيح أن المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل لا يعايش قضية الأسرى في حياته اليومية لأسباب موضوعية معروفة. لكن ذلك لا يعفيه من واجبه الوطني، الأخلاقي والإنساني بالانتصار الفعلي لهؤلاء الأسرى المناضلين فاهتزاز مشاعرنا الأخلاقية غير كافية وهم يحتاجون لإسناد فعلي.

تدل تجارب الحراك الشبابي ونشاطات الفعاليات السياسية في الماضي أن بيدنا ما نقدمه أكثر مما قدمناه حتى الآن لمن يجسّدون بتضحياتهم وجدان ونضال الشعب الفلسطيني العادل من أجل الحرية والحقوق. تجلى ذلك بمساندة مشرفّة لهذه الفعاليات والاحتجاجات الأهلية والحزبية بمساندة الأسير المحرر سامر العيساوي صاحب أطول إضراب عن الطعام.

لا شك أن الطاقات كامنة وكبيرة وتنتظر من يستثمرها بالتعبئة والتثقيف ومحاربة اللامبالاة والاسترخاء فهذا أقل استحقاقات الانتماء لشعب نؤكد ليل نهار أننا منه وله. " الإضراب عن الطعام " يعني أن الأسير يقتطع من لحمه ويأكل عضلاته لينتصر لكرامته وحريته بل لحرية وكرامة شعبه الذي صادفت قبل أيام الذكرى السنوية لاحتلال القسم الثاني من وطنه. ويجسّد الاعتقال الإداري مثالا صارخا على انتهاك الحقوق الأساسية للإنسان الفلسطيني الذي ينتزع من بين أحضان أسرته ليلقى خلف القضبان لشهور أو سنوات دون محاكمة وأحيانا دون السماح له بلقاء محاميه.

تقدم إسرائيل على هذه الاعتقالات وغيرها من أساليب القمع وكسر الإرادة يوم يوم باسم الأمن الذي سخر منه الناشط الشيوعي الراحل ابن غزة وحيفا علي عاشور بقوله " باسم الأمن فقدنا الأمن وصار الأمن عدو الأمن ". وتستند إسرائيل في هذه الاعتقالات على أنظمة الاستعمار البريطاني البائد غير مكترثة بقوانين دولية تتحفظ من استخدامها وتحصره في حالات نادرة يكون فيه المعتقل خطرا داهما على سلامة الجمهور. أما في الحالة الفلسطينية فـ" الإرهابيون " هم نواب في التشريعي ومحامون وكتاب وصحافيون وناشطون سياسيون ووفق معطيات " بتسيلم" اعتقلت إسرائيل حتى الآن نحو 20 ألف فلسطيني بواسطة " الاعتقالات الإدارية" ما يكشف عن أهدافها غير المعلنة. هذه المرة ولكون إضرابهم جماعيا ومفتوحا يستحق الأسرى الإداريون المضربون عن الطعام هبة شعبية أكبر تحتج على مضي السلطات الإسرائيلية بهذه الجريمة.

تدلل تجربة العيساوي ورفاقه أن مثل هذه الهبة الشعبية المشتهاة تؤخذ بالحسبان وتقض مضاجع كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين اضطروا في الماضي لإرسال رسائل طمأنة لامتصاص الغضب حتى أفرجت عن المضربين وكفوا شرهم عنهم تحت وطأة احتجاج شعبي وشبابي مثابر عابر للخط الأخضر. أن تقض مضاجع الظالمين وتقلق راحتهم رد فعل طبيعي وعمل مشروع حتى بالمفهوم الديموقراطي وعلينا استغلال هذه الأدوات حتى لا يستريح الظالمون على أكاليل الغار. منذ قامت لم تفهم إسرائيل سوى لغة الضغوط وقاموسها أمني ولا تتورع عن بناء غوانتنامو إسرائيلي خاص بالأطفال الفلسطينيين كما يظهر تقرير " الحركة العالمية للدفاع عن الطفل " هذا الأسبوع. مع احترام للبيانات والاستنكارات فهي تبقى كالدعاء على الجرح دون " حبة قطرونة " .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة