الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 11:02

وهل من مجيب؟ / بقلم: يوسف شداد

كل العرب
نُشر: 04/06/14 10:12,  حُتلن: 17:38

يوسف شداد رئيس تحرير موقع العرب في مقاله:

كثيرة هي الأيام القاسية والناشفة...كثيرة هي الاحلام التي تتبخر بفعل المشاكل التي تهد حيل البشر..وهذا طبيعي لأن ألوان الحياة ليست زاهية دوما وطعمها ليس سكرا

لماذا صرنا نعتقد أن كل ما نسمعه في يومنا عن القيم والأخلاق ونصرة الضعفاء والاستقامة ونظافة اليد ومصلحة المجتمع مجرد كلام في كلام وكأنه عسل مخلوط بالسم؟

 يسأل كثيرون في يومنا لماذا هذه المنافسة الشديدة والعمياء بين البشر والتي تصل الى حد الكراهية ؟ لماذا هذه الرغبة الجارفة "بإسقاط" فلان وعلان وقطع رزقه والتي تصل في بعض الحالات الى قمعه ؟

غريب عجيب امر تلك المدارس في مدننا وبلداتنا العربية التي تؤكد بعد كل حادثة عنف تقف من خلفها مجموعة من طلابها تقع في الشارع او في أي مكان عام انها ليست مسؤولة عن تصرفاتهم خارج جدران المدرسة

من غير المعقول أن ترفع المدرسة يدها عن ظواهر شغب تكون أمام مرأى من الناس في الشارع ويكون "أبطالها" طلاب المدارس المشاغبين الذين يبدون كبلطجيين بلباس مدرسي!

"ما قيمة الانسان معتقدا..."
أكتب لكم أعزائي هذه الكلمات القصيرة من وحي الحياة اليومية. ليس من باب تقديم الوعظ والإرشاد ، إنما لأن الكتابة برأيي المتواضع افضل من صم الآذان. يسأل كثيرون في يومنا لماذا هذه المنافسة الشديدة والعمياء بين البشر والتي تصل الى حد الكراهية ؟ لماذا هذه الرغبة الجارفة "بإسقاط" فلان وعلان وقطع رزقه والتي تصل في بعض الحالات الى قمعه ؟ لماذا أصبحت الحياة في يومنا منحسرة بالمال ؟ لماذا كل هذا التدافع الشرس بين البشر ؟ لماذا صرنا نعتقد أن كل ما نسمعه في يومنا عن القيم والأخلاق ونصرة الضعفاء والاستقامة ونظافة اليد ومصلحة المجتمع مجرد كلام في كلام وكأنه عسل مخلوط بالسم؟. مؤكد أن هنالك تدهور اجتماعي مخيف وما يزيده خطورة هو انتقاله الى صغارنا..فهل سننجح في ايقافه ؟

البعض يلومون المجتمع ويسرعون بإلقاء المسؤولية عليه ، ولا تسلم العادات والتقاليد من لعناتهم أيضا متجاهلين الانسان أولا اخلاقا وسلوكا. فكيف لنا الحياد والصمت ونحن نشاهد مخلفات مفاهيمنا الخاطئة والتي اصبحت موروثا ننقله لأولادنا ، فنزيد من اتساع حلقة الأخطاء في حياتنا المعاصرة دون شجب سلوك منحرف؟ بينما يبقى مسلسل القتل والعنف مستمرا ومظاهر الاجرام والانفلات طاغية على المشهد العام في حياتنا وتدور الايام وتمر السنوات ، ونجد ان الحمل زاد وزنا والهم لا ينفرج وأن الصدمة كبيرة لدرجة اننا لا نستفيق منها لأنها نتاج عكسي لما تربينا عليه في صغرنا !!.
كثيرة هي الأيام القاسية والناشفة...كثيرة هي الاحلام التي تتبخر بفعل المشاكل التي تهد حيل البشر..وهذا طبيعي لأن ألوان الحياة ليست زاهية دوما وطعمها ليس سكرا... إنها ظروف علينا أن نفك شفرتها ونحولها الى البداية وهي اولى خطواتنا في الطريق الطويل نحو "المجد" الشخصي لكل منا والانجازات بالعزيمة والاصرار ، لان في يومنا لن تتحقق الاماني دون جد وعرق ، وبالتالي فإن المجتمع الافضل سيتحقق لو ان كلا منا بدأ مع نفسه اصلاحا ونقدا وتطويرا ، فلا منفعة بعد اليوم للهجة الاحباط والانكسار لانه لا مجال بعد اليوم لاتخاذ الحياد موقفا ونهجا. فإما أن تكون مؤثرا أو لا تكون إطلاقا. وأكبر شهادة على ذلك ما قاله الشاعر ايليا أبو ماضي "ما قيمة الانسان معتقدا إن لم يقل للناس ما اعتقدا ؟ ".

الصحافة مسؤولية وأخلاق
ثارت في الأيام الأخيرة في الاعلام العبري قضية قيام قاصرين بممارسة الجنس مع امرأة في مدينة كريات جات. لقد قامت الدنيا ولم تقعد وكانت عناوين الصحافة العبرية جهنمية على النحو التالي – "الاشتباه بنقل فيروس الايدز الى عدد من القاصرين الذين ضاجعوا المشتبهة " وفي عنوان اخر كتب أحد الصحفيين - "أوامر بإجراء فحوصات للمرأة المشتبهة للكشف فيما اذا تحمل فيروس الايدز" ووصف عنوان آخر حال امهات القاصرين القاطنين في كريات جات والمنطقة بشكل رهيب بعد أن أشار الى أن عددا كبيرا من القاصرين في المنطقة قد ضاجعوا المرأة وانه من الممكن ان يكون الفيروس قد انتقل اليهم بمعنى أنهم قد يكونوا حاملين لفيروس الايدز ولا علم لهم بذلك!"..عناوين مدوية، دبت الذعر بين الناس هناك وفي النهاية وبعد فحص للدم أجري للسيدة تبين انها لا تحمل الفيروس ! ولم يتوقف المسلسل الدرامي الصحفي عند هذا الحد، ففي يومنا اطلعتنا الصحافة العبرية على المنعطف الهام في القضية وكشفت أن المرأة التي كانت مشتبهة قدمت شكوى في الشرطة مفادها بأن قاصرين اثنين قاما باغتصابها ! وللاثارة تتمة.
الصحافة هي بالدرجة الاولى رسالة انسانية وليست آلة لاضطهاد البشر ودفنهم تحت تراب الارض وهم أحياء ! قليل من المهنية والخجل لن يضرا. بالمقابل لا يمكن تحجيم دور الصحافة في الكشف عما يتكاثر من آفات اجتماعية في السنوات الاخيرة والدور الذي لعبته في هذه القضية لوضع حد لهذه الممارسات وما أبرزته من تقصير اجتماعي غير مسبوق لم يكن معروفا لا للقاصي ولا للداني ، وبالتالي لعبت الصحافة في هذه القضية دور المربي والمهذب في عصر الانفتاح وهو التوظيف الذي وجدت من أجله.

بلطجيون بلباس مدرسي
غريب عجيب أمر تلك المدارس في مدننا وبلداتنا العربية التي تؤكد بعد كل حادثة عنف تقف من خلفها مجموعة من طلابها تقع في الشارع او في أي مكان عام انها ليست مسؤولة عن تصرفاتهم خارج جدران المدرسة. لست بصدد زيادة أحمال المدرسة بإدارتها ومعلميها ومسؤوليها ، وبطبيعة الحال فإنه من غير المعقول ان تضع المدرسة حارسا على كل طالب بعد الدوام المدرسي ، إلا أنني انزعج لمجرد اطلاق تبرير كهذا يزيح المسؤولية الكاملة عن اهم صرح في حياة الطلاب في فترة تكوين الذات ، فيكون المشاغبون أول المستفيدين لأنهم سيفلتون من العقاب ، بينما ستكون المدرسة أولى الخاسرين لأنها ستتحول الى ساحات قتال بفعل سلوك الطلاب ، الذين سينقلون انماطهم وعنفهم وإجرامهم الى داخل المدرسة وسيمارسونه ضد زملائهم وضد معلميهم أيضا.
الهدف واضح ، ايجاد منظومة عقاب لكل المشاغبين بعد الدوام الدراسي ، لردعهم وذلك بالمشاركة الكاملة مع وزارة المعارف ، لأنه من غير المعقول أن ترفع المدرسة يدها عن ظواهر شغب تكون أمام مرأى من الناس في الشارع ويكون "أبطالها" طلاب المدارس المشاغبين الذين يبدون كبلطجيين بلباس مدرسي!. لا ننسى في السياق مجموعة الطلاب المستضعفين. هؤلاء يقعون ضحية هذا العنف خارج المدرسة ، ويجب الا يفوتنا أن عددا لا بأس به من هؤلاء يخّفون تعرضهم للاعتداءات والملاحقات خوفا من تصفية الحسابات والملاحقة في الشارع. ولأن من واجبات المدرسة توفير ظروف تعليمية وحياتية لطلابها ليتقدموا بشكل تدريجي وسليم في سلم حياتهم الدراسية والاجتماعية ، فإنه من الضروري جدا أن تجد مدارسنا وبإشراف ومساندة كاملين من وزارة المعارف الرد الحازم لهذه الظاهرة العدوانية التي تفتك بصغارنا وتؤذيهم جسديا ونفسيا وذلك لتقديم العلاج الصحيح للعنيفين وللمعنفين من الطلاب. أليس من الواجب أن يسترعي ذلك اهتمامكم ؟.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة