الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 06:02

التمدين العصري هادم للاجتماعيات/ بقلم: طارق بصول

كل العرب
نُشر: 27/05/14 13:58,  حُتلن: 07:49

طارق بصول:

التمدين العصري منوط بالتغيرات الهندسية والتخطيطية التي اجرتها السلطات بالمدى الجغرافي

التمدين هو احدى مجالات الجغرافية البشرية الذي يتمحور حول انتقال مدى جغرافي قروي لمدينة من حيث ازدياد عدد السكان الناتج من التكاثر الطبيعي او الهجرة الايجابية 

فقدان العادات والتقاليد الاجتماعية بمجتمعنا اصبحت ظاهرة مقلقة وملفته للنظر فهنالك العديد من الاجتماعيات التي تربى عليها المجتمع  انقطعت واختفت كلياَ 

بسم الله وبحمده عدد اوراق الاشجار وذرات الرمال وما اظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار والصلاة والسلام على الهادي المنير سيدنا محمد بن عبد الله. فقدان العادات والتقاليد الاجتماعية بمجتمعنا اصبحت ظاهرة مقلقة وملفته للنظر فهنالك العديد من الاجتماعيات التي تربى عليها المجتمع  انقطعت واختفت كلياَ خاصة خلال ال-20 سنة الاخيرة. اسباب فقدان وهدم الاجتماعيات كثيرة فمنها اقتصادية وأخرى نفسية وغيرها ذات امور شخصية ولا مكان للخوض فيها بهذا المقال !!!!! يتمحور هذا المقال حول سبب من نوع اخر لفقدان الاجتماعيات يتعلق بالجغرافية المدنية وهو التمدين العصري الذي لازم مجتمعنا منذ انتهاء الحكم العسكري عام 1966.

التمدين هو احدى مجالات الجغرافية البشرية الذي يتمحور حول انتقال مدى جغرافي قروي لمدينة من حيث ازدياد عدد السكان الناتج من التكاثر الطبيعي او الهجرة الايجابية ومن حيث الانتقال من القطاع الاقتصادي الزراعي للصناعي او الخدمات. اما التمدين العصري فهو منوط بالتغيرات الهندسية والتخطيطية التي اجرتها السلطات بالمدى الجغرافي. هذه الظاهرة غيرت الكثير من المبنى التاريخي والاجتماعي للبلدات والمدن العربية. فقد تميزت المدينة العربية عبر التاريخ بمنى لائم عادات وتقاليد المجتمع فقد تمركز في الحلقه الاولى للمدينة (وسط المدينة) السوق والأماكن الدينية والحمام وبعض المراكز الادارية ومن ثم الحلقة التي تليها اماكن السكن مع فصل حيزي عائلي او طائفي حتى نصل الى الحلقة الثالثة التي احتوت على الاغلب عين الماء الشاهد على الاجتماعيات (فقد سميت عين لأنها ترى كل الناس متحابين مع بعضهم البعض). سكان المدينة اهتموا بالحفاظ على العادات والتقاليد من خلال الالتقاء بالمراكز المختلفة بوسط المدينة او على عين الماء وإتمام الزيارات وحتى الحفاظ على مناسبات تقليدية التي جمعت بين السكان داخل نفوذ البلدة ولكن التمدين العصري (قانون البناء والتخطيط عام 1965) اهتم بتخطيط المدني من خلال استعمال الأرض

فقد طرأت تغيرات عديدة على مبنى المديني التاريخي اهمها:

أ- استعمال الارض: اهتم قانون البناء والتخطيط بتحديد استعمال الارض (صناعة- سكن- زراعة ) فقد تم وضع المراكز الاقتصادية بإطراف المدينة بقرب المناطق الصناعية وبهذا تلقت المراكز التاريخية التي مكثت بوسط المدينه ضربه قويه, جراء سيطرة المراكز التجارية القوية على محيط البلدة مثال : سوق الناصرة الذي ضعف جراء اقامة مركز الشراء بالناصرة العليا (الكنيون بيج فيشين !!!!) مما خفف من عملية تجمع السكان المدينة بالسوق وهدم العلاقات الاجتماعية بينهم بالإضافة الى هدم احدى معالم المدينة، ما ادى الى اخفاء ظاهرة التقاء الناس والتحدث فيما بينهم. من ناحية اخرى اهتمت سلطة المياة (مكوروت) بتزويد الماء للسكان دون الذهاب الى عين الماء، التي تحولت الى تاريخ ينسى او مكان للهو الشباب او مكان للنفايات.

ب- تمدين واقتصاد : احدى مميزات التمدين هو الانتقال من القطاع الاقتصادي الزراعي الذي كان بمثابة عامل للحفاظ على النسيج الاجتماعي فالعمل الزراعي حافظ على التقاء الناس بالحقول الزراعية وعيون الماء وتقربهم من بعضهم البعض حتى انه وصل لحد لمعرفة هموم الاخر وتخفيفها عليه، ولكن بعد ازياد عدد السكان وتفضيل ارض البناء من الارض الزراعية انتهى عصر الاجتماعيات والتلاحم الاجتماعي بين الناس فقد اهتموا السكان بإيجاد مجالات عمل جديدة بمجال الصناعة او الخدمات.
هذه مجالات العمل الجديدة التي تستهلك وقت اكثر من العمل البعيد عن المجتمع المحلي ونقطاع التواصل على عيون الماء ادى الى البعد عن الاجتماعيات حتى وصل الامر الى عدم معرفة ابناء البلدة الواحدة بعضهم البعض.

للختام : هذا المقال لا يهاجم ظاهرة التمدين بل كان عاملا لإيجاد سبب آخر لفقدان الاجتماعيات بمجتمعنا من المنظور الجغرافي , ومن الواجب مجابهة هذه الظاهرة ( فقدان الاجتماعيات) والاهتمام بإعادة النسيج الاجتماعي الذي وحد صف مجتمعنا، اهم التوصيات الذي يعرضها هذا المقال ونسال الله ان تكون فائدة للتغير : أ- تنظيم الوقت بين العمل والأمور الاخرى مثل الاجتماعيات، فلا يعقل بان يكون غالبية وقتنا بعملنا الذي لا ينتهي. ب- السلطة المحلية : يجب الاهتمام بإقامة فعاليات لا منهاجيه لكل الاجيال لكي يلتقون ولو لبعض الساعات الاسبوعية ج- قضاء جميع الحاجات مشيا على الاقدام، فاليوم الجميع يعتمد على السيارة من اجل الذهاب الى المسجد او حانوت الحي او الاشتراك بالمناسبات، الامر الذي يفقد التقاء الناس مع بعضها البعض ويبقى التمدين العصري هادم للاجتماعيات!
 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة