الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 19:02

الحق الدستوري والمكانة القانونية تحت أجندة السياسة /بقلم:بلال شلاعطة

كل العرب
نُشر: 16/05/14 08:24,  حُتلن: 08:27

بلال شلاعطة في مقاله:

على القيادة السياسية في المجتمع العربي أن تسرع سن قانون أساس للحفاظ على حقوق الأقلية وحتى كنت أقول بالتعاون مع اليسار الإسرائيلي

الصراع القائم ما بين يهودية وديموقراطية الدولة هو صراع يقوم على أساس تاريخي يرتكز على رواية الشعبين اليهودي من جهة والفلسطيني من جهة اخرى 

اقتراح قانون قومية الدولة والذي يتم تسريعه من قبل رئيس الحكومة جاء ليحد أيضا باعتقادي من قوة القضاء الإسرائيلي كعنوان أخير للحفاظ على مبادىء أساسية تستمد قوتها من قبل قوانين أساس 

طرأت تحولات عديدة على المكانة القانونية للمجتمع العربي في البلاد وخاصة في العقد الأخير. لا شك أن هذه التطورات لها علاقتها مع الحراك السياسي والشعبي للأطر الفاعلة في المجتمع العربي. الصراع القائم ما بين يهودية وديموقراطية الدولة هو صراع يقوم على أساس تاريخي يرتكز على رواية الشعبين اليهودي من جهة والفلسطيني من جهة اخرى . الأقلية العربية في البلاد تستمد حقوقها الاساسية بالأساس من قوانين أساس والتي تشكل "دستورا " مستقبليا مثلما تم إطلاق هذه التسمية عليها من قبل السلطة التشريعية، وبالرغم من هذا تحوي هذه القوانين الأساسية تحصينات معينة وخاصة في قانوني حرية الإنسان وكرامته وقانون حرية التشغيل.

في هذا السياق بالتحديد تم ضخ كل ما يعرف بالمساواة وتحصيل الحقوق للأقلية العربية في البلاد. مثلما ذكرت للحراك السياسي انعكاساته في سن قوانين جائرة بحق الأقلية العربية في البلاد لأنها بالتالي محصلة لائتلافات ومساومات سياسية ، وبالتالي برزت عملية مد وجزر في طابع سن قوانين لتحصيل حقوق المجتمع العربي في البلاد إلا أن الصراع القائم ما بين يهودية الدولة من جهة وديموقراطيتها من جهة اخرى وضع تحديات أمام المنتخبين من قبل الجمهور العربي. وضعية الأقلية العربية ومن خلال قوانين الأساس لا زالت تشكل مرونة في كل ما يعرف بالتفسيرات والتأويلات التي تعطى وفق موازين حددها القضاء الإسرائيلي مثل حرية التعبير عن الرأي أو مبدأ المساواة إلا أن الاعتبار الأمني لا زال مسيطرا في جهاز القضاء والذي يستمد قوته من قبل تفسيرات وتحليلات القضاة سواء اتجاه قوانين أو أسبقيات قانونية قضائية.

اقتراح قانون قومية الدولة والذي يتم تسريعه من قبل رئيس الحكومة جاء ليحد أيضا باعتقادي من قوة القضاء الإسرائيلي كعنوان أخير للحفاظ على مبادىء أساسية تستمد قوتها من قبل قوانين أساس ويحاول القضاء الإسرائيلي الحفاظ عليها لأنها بالتالي تشكل جسرا في الحفاظ على مكانته الدولية وخاصة في الأروقة القانونية العالمية وفي محاكم العالم الغربي، لا سيما أن القضاء الإسرائيلي يعتمد على تشريعات دولية وبالذات من قبل جهاز القضاء الأمريكي، والبريطاني والألماني. ومن هنا بالتحديد كنت أقول أن جهاز القضاء الإسرائيلي سيواجه صراعاً مع السلطة التشريعية التي تحاول الحد من قوته. عملية الموازنة ما بين السلطة التشريعية والقضائية وفي أي دولة مقرونة بالحراك السياسي وبإتباع استراتيجيات عمل تلائم المرحلة، وهنا ياتي دور الجمعيات والمؤسسات الحقوقية لتقول ما لديها في هذا السياق بالتحديد وبالاعتماد على ما جاء في قوانين الأساس في كل ما يعرف بمبدأي المساواة وحرية التعبير عن الرأي للحفاظ على المكانة القانونية والحقوقية للمجتمع العربي.

حتى الآن لا يوجد دستور في الدولة مع أن سن قوانين الأساس في الدولة وكما طرح في الماضي أتت لتشكل الدستور المستقبلي والصراع القائم ما بين القومية والدين في المجتمع اليهودي لا زال يشكل حاجرا أمام سن دستور من هذا النوع ليحمي المكانة الحقوقية للأقلية العربية في البلاد. في ظل هذا الوضع يمكن للمنتخبين العرب أن يقوموا بتقديم اقتراح لقانون أساس مع إثارته إعلاميا وبالاعتماد على وثائق دولية تضمن له حقوقه وتدعم من مكانته القانونية. ذكرت في مقالات سابقة انه على القيادة السياسية أن تقوم بإقامة لوبي ضاغط في المؤسسة التشريعية وذلك للحفاظ على التوازن التي أوجدته قوانين الأساس في الماضي من جهة وكسب جهاز القضاء الإسرائيلي لطرفها من جهة اخرى لأنه يستمد قوته من أسبقيات وقرارات حكم سابقة حاولت أن تحافظ على المكانة الحقوقية للأقلية العربية في البلاد وذلك من خلال العديد من الأسبقيات القضائية. على القيادة السياسية في المجتمع العربي أن تسرع سن قانون أساس للحفاظ على حقوق الأقلية وحتى كنت أقول بالتعاون مع اليسار الإسرائيلي. الحراك السياسي لا يمكن أن يكون قويا ومتينا إذا لم يرتكز على أسس تشريعية فالحراك السياسي كان ولا زال مرتبطا بالحراك التشريعي من جهة وبالحراك الإعلامي من جهة اخرى. هذا التواصل ما بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية هو تواصل تاريخي في عرض كل القضايا المركزية التي تخص الشعوب. على النخبة السياسية والنخبة المجتمعية من خلال منظمات المجتمع المدني أن تتواصل مع النخبة اليسارية ومنظمات المجتمع المدني اليهودي فالخطاب الإعلامي عليه أن يكون متكاملا وفي هذا السياق بالتحديد يجب أن يفرز صوتا من المجتمع اليهودي في كل ما يتعلق بالمكانة الحقوقية للمجتمع العربي. على الخطاب السياسي أن يتجاوب مع الخطاب الإعلامي ومن خلال إجماع على ضرورة تحصين الأسس والمباديء التي تضمنتها قوانين أساس هي المنفذ الوحيد للحفاظ على المكانة الحقوقية للأقلية العربية في البلاد. الظرف السياسي القائم الآن يحتم حراكاً مهنياً متواصلا مع الخطاب اليساري في المجتمع اليهودي وغير منفصل عنه لان النخبة السياسية اليسارية في المجتمع اليهودي باستطاعتها التأثير لا سيما اننا نتحدث عن كتاب وإعلاميين لهم تأثيرهم أيضا على قرارات حكومية وحتى على سن قوانين هامة . على الصوت العربي أن لا يكون منفصلا عن محاولات مجتهدة لليسار الإسرائيلي للحفاظ على الوضع الراهن وبالتالي يمكن تدعيم الجهاز القضائي لأنه يعتمد فقط على القوانين أو على أسبقيات قضائية لها مركزيتها في المجتمع الإسرائيلي، مما يحتم تغييراً في أداء الحراك السياسي لدى النخبة السياسية في البلاد.

الكاتب هو إعلامي وعامل اجتماعي جماهيري ومختص في الإدارة العامة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة