الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 03:01

التركيز على تعليم الجيل الجديد تراثنا المجيد/ بقلم: د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 25/04/14 12:07,  حُتلن: 08:10

الدكتور صالح نجيدات:

الأهل يعيشون الماضي نهجا وتفكيرا وأبناؤهم يعيشون الحاضر والمستقبل فحصلت فجوة وتباعد وصراع بين الاجيال ، وكيف لنا الإصلاح ونحن في زحام هذه المشاكل

مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل يعيش بلبلة كبيرة وصراعا بل انفصاما في شخصيته فهو قفز السلم مرة واحدة بدون اساس أو تحضير مناسب أو مرحلة بعد مرحل فمن جهة مبنى المجتمع قبلي -- وعائلي

المدرسة في تأخر وتراجع تربوي وتعليمي المدرس لم يعد قدوة لطلابه وتلاميذه فالتعليم أصبح بنظرهم تجارة لا يدرس بضمير حتى يحتاج الطلاب للدروس الخصوصية إلى جانب التعليم الذي لا يتطور في مضمونه

يعيش مجتمعنا واقعا اجتماعيا صعبا ، فهنالك انفلات وفوضى في الكثير من قرانا وعنف وتعصب وتقطب عائلي، بسبب أن الجيل القديم فشل في تعليم و نقل تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا الى الجيل الحاضر ، اما بسبب الجهل أو الاهمال والانشغال في هموم الدنيا ، فتأثر هذا الجيل بثقافات وقشور حضارات مستورده من الخارج عن طريق التلفاز والانترنت لا تتلاءم مع طبيعة شعبنا الذي لا زال محافظا ، لذا الجيل الصغير فقد الكثير من قيم وعادات وتقاليد ابائه وأجداده ، والسبب كما اسلفت أن الآباء لم ينجحوا بتربية ابنائهم التربية السليمة ، فالأهل يعيشون الماضي نهجا وتفكيرا وأبناؤهم يعيشون الحاضر والمستقبل ، فحصلت فجوة وتباعد وصراع بين الاجيال ، وكيف لنا الإصلاح ونحن في زحام هذه المشاكل ، فالمجتمعات من حولنا تفخر بإنجازاتها وصرامة وقوانينها ونحن نفوز بالمركز الأول بالجهل والعنف والتخلف ، فلنأخذ على سبيل المثال المجتمع اليهودي ، نجد ان نسبه عالية منهم يتمسكون بالعادات والتقاليد التي كانت قبل ألاف السنين وينقلونها بدقه متناهية الى اجيالهم المتعاقبة ويحافظون عليها ،ونحن أهملنا في نقل الموروث الحضاري لأولادنا ، فكما يقول المثل العربي : " اللي ما الو قديم ما الو حاضر " .

مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل يعيش بلبلة كبيرة وصراعا بل انفصاما في شخصيته ، فهو قفز السلم مرة واحدة بدون اساس أو تحضير مناسب، أو مرحلة بعد مرحلة، فمن جهة مبنى المجتمع قبلي - وعائلي ، ومن جهة ثانية الجيل الصغير متأثر ويقلد نهج المجتمعات الغربيه تقليد أعمى ، فيحصل الصراع والصدام وانفصام الشخصية عند الشباب بين عاداتنا وقيمنا السائدة في مجتمعنا وبين ما يتبناه شبابنا من الحضارات الاخرى التي يؤمنون بأنها أفضل من قيم الاباء والأجداد ، فنرى عند البعض المعصية والتذبذب والتدني والانحراف بشتى أنواعه ، وظواهر سلبية ومتنوعة وغريبة تكثر في مجتمعنا منها العنف والعدوان الزائد دون سبب مسبق ، وانفتاح جنسي وغيرها من ظواهر سلبية لان ليس للشباب ناصح أو مرشد أو موجه .

وأرجع السبب الرئيسي كما قلت للأسرة والمدرسة ، لكونهما أقوى مؤسستين تربويتين تصقلان شخصية الفرد ، اليوم الأسر في انشغال دائم عن أبنائها ، يرون أن التربية هي تلبية الحاجات التي فوق الأساسية منها الكماليات ، دون التركيز على الخلق والتربية النفسية والاجتماعية ، فيلجأ الفرد منهم إلى الخارج ليتعلم مفاهيم الحياة التي يفتقر إليها داخل أسرته بغض النظر عما اذا كانت سليمة أو فاسدة ، إلى جانب الجفاف العاطفي الذي يجعل من المراهق والمراهقة يلجئون إلى إقامة علاقات غير شرعية لإشباع ما ينقصهم من حاجات نفسية واجتماعية في غياب المفهوم والفكر الصحيح إلى جانب استعمال المخدرات والإدمان وغيرة جراء مصاحبة رفاق السوء ، أما بالنسبة للأطفال فالانحراف يكون بالإطلاع على مفاهيم سابقة لأوانها في الانترنت لقلة رقابة الاهل إلى جانب الشخصية العدوانية والمفتقرة للعاطفة ، ونجد في الوقت ذاته الأب ينشغل بمشاغل كثيرة ولا يكرس الوقت الكافي للجلوس مع اولاده ، والأم بالمنزل معهم منشغلة بأعمالها المنزليه الخاصة دون الاحتكاك بأولادها والخوض في مشاكلهم ونفسيتهم وهمومهم.

أما المدرسة فهي في تأخر وتراجع تربوي وتعليمي ، المدرس لم يعد قدوة لطلابه وتلاميذه ، فالتعليم أصبح بنظرهم تجارة ، لا يدرس بضمير حتى يحتاج الطلاب للدروس الخصوصية ، إلى جانب التعليم الذي لا يتطور في مضمونه تبعا لاحتياجات المجتمع المتغيرة النفسية منها والاجتماعية ، إلى جانب اهمال غرس الوازع الديني الذي أصبح ضعيفا جدا لدى أبنائنا والذي يفتقرون اليه في زمن الضياع ، إلى جانب الفكر الضعيف والثقافة المتدنية ، المدارس تركز على التعليم دون الاهتمام بغرس القيم والإخلاص والتفاني في العمل من أجل المجتمع وأبنائه.  نحتاج لجهود إنسانية جبارة ذات ضمير وصرامة ، نحتاج إلى قانون صارم يحد من أيدي الفساد والعبث في بنية المجتمع النفسية والاجتماعية ، يقول الله عز وجل في كتابة الحكيم :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة