الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 09:02

الحسابات الايرانية في اليمن السعيد/بقلم:زهير ابن عيّاد

كل العرب
نُشر: 30/03/14 08:20,  حُتلن: 09:48

زهير ابن عيّاد في مقاله: 

إتبعت إيران بأخصائييها سبل عديدة كما عممنا سابقا لتخطي أي عقبة إجرائية في الوصول لبغيتهم ولليمن تخصيصا وإخضاعه لنفوذها رأت ان ذلك لا يتم لهم ولا يتأتى إلا بنشر الفوضى والاضطرابات في تلك المنطقة

جماعة الحوثي في اليمن هي جماعة شيعية بامتياز تتلقى دعما وافرا من إيران ولديها قوة عسكرية صمدت بها في ستة حروب أمام الجيش اليمني بل لا مبالغة إن قلنا إن القوة العسكرية للحوثي تضاهي إن لم تتجاوز القوة العسكرية للجيش اليمني 

سقط العراق بحماقات دكتاتورية لقياداته وملأت إيران المشهد فورا رغم أنف بريمر واستيقظت السعودية وأمريكا في النهار التالي على كابوس الأكمام العريضة وقد فات الفوت وغدت أوراقهم بائرة 

في غمرة الإضطرابات التي تواجه العالم العربي ، يبدو النظام الملالي في ايران ، زاحفا بتصميم أكثر واعرض في إمضاء مشاريعيه التوسعية على أكبر قدر من مساحة المشرق العربي المفكك ، وقد قطع في تحقيق قابلية ذلك شوطا معقولا ، مستثمرا كل القواعد اللاأخلاقية في تكريس وترسيخ " المؤامرة " الايرانية حيال بلاد العرب ، إنطلاقا من منظومة أهداف وغايات خطّت في مراتب متقدمة بأضابير تراتبية الاستراتيجيات الإيرانية ، والربيع العربي - بصرف النظر عن نتائجة - كشف لنا بوضوح لن يخامره شك عن ساق تلك الغايات، التي أتقنت ايران لعبها من خلال سياسية عميقة لها جذور وأصول فكرية ترقص بها على أوتار الطائفيات والأثنيات والعرقيات، مستخدمة لوسائل وأساليب مافيويه لا حضارية بالنسبة لدولة تحترم نفسها لأجل عراقة تاريخها، فتتبنى مجموعات قتالية تؤمن برؤيتها عقائديا ، وتتعامل مع ميليشيات إرهابية متنوعة ، وتتدخل في شؤون الدول الأخرى فتوقظ الفتن والقلاقل والصراعات ، وتعمد لإثارة الفوضى الأمنية ، وتصطنع الولاءات ، وتمول الاعلام المضاد ، تحقيقا لمقاصد عديدة ، سنذكر نتفا منها :
- رأس الأمر هي سياسية إيرانية خمينية توسعية طمعية ، لزيادة القوة الاقليمية .
- إستهداف العرب ، فقوميا وعقائديا العرب لدى الفرس هم أعدى الأعداء ، فالهدف شعوبي بحت يهدف لإعادة السيطرة على بلدان العرب بغطاء ديني .
- نشر التشيع وتعرية البلاد الإسلامية من المذاهب السنية ومقارعة الوهابية والسلفية ومنافستها على النفوذ الإقليمي والفكري . وبالجملة تركيع العالم الإسلامي تحت عباءة المذهب ألاثني عشري ومجاراة الحلم الصوفي القديم .
- كسب قوى إضافية تكون خالصة ومخلصة أكثر مما هي حليف .
- الربيع العربي شكل معضلة فجائية للمدّ التركي - السمح الديمقراطي حسن النية - والمدّ الإيراني في المنطقة ، وعليه تجاهد إيران لإستباق أي خسائر تلحق بها جراء ذلك فتسعى لمدّ نفوذها في مناطق عربية أخرى .
وبالمحصلة فإن خلاصة عين الأهداف الإيرانية هي سياسة كولونيالية تتدثر بعباءة إنما نحن مصلحون ، على خلاف السياسات الاستعمارية السابقة لبريطانيا وفرنسا المكشوفة .

اليمن في الواجهة 
في محاولات إحيائية تاريخية تجهد إيران نفسها للسيطرة على اليمن الذي يتربع منتشيا على موقع استراتيجي حيوي مهم جدا أقصى جنوب غرب شبة جزيرة العرب ، فلحظّه بين دول غنية بالنفط ، ويقابل القرن الافريقي المضطرب ، ويقع بالقرب من خطوط الملاحة الدولية ، إحتل مكانا متقدما في الإستراتيجية الإيرانية منذ القدم كما روجنا لذلك سابقا .
اليمن منطقة حبلى بالمشاكل وتفاقمت عللها أكثر فأكثر عقب ثورتها التي نصّت بوجهها العراقيل والمطبات ، فتفشي القبلية ( 85% من سكان اليمن قبائل ) ، وجود القاعدة والإرهاب ، مقتل المئات من عناصر الجيش اليمني بلا جناية ، بنية سياسية أمنية هشة ، أزمة اقتصادية خانقة ، ركاكة اجتماعية قاتلة ، حراك انفصالي متطرف في الجنوب ، الحوثيون في الشمال ، افكار وثقافة قروسطية ، وسط هذه الأحوال الحالكة ، والتي تعدّ مرتعا خصبا لقوى الشرّ ، دفعت مرآة الأغراء بالمشروع الإيراني لأن يسعى في تحقيق تطلعاته الدينية الطائفية السياسية العسكرية الاقتصادية بهذا البلد بالذات ، وقصد عينه جملة من الأهداف ، التي لا ننكر أنه حقّقّ بعضها وبجدارة ، بل بتطرف لغوي أكثر " إنتصر " في هذا المشروع ، والدليل هرولة الغرب والولايات المتحدة للتعامل والتفاوض مع هذا " المنتصر " فهي كذلك التقاليد الدولية في التعامل دائما مع المنتصر ..
وهذه الأهداف والتي تتنوع طبقا ووفقا لاعتبارات وأهواء النخبة من مرسليها ، والذين فيهم الطامع الاقتصادي أو السياسي أو المتشدد المذهبي الفكري ، أو الحالم القومي التاريخي ، أو الباحث عن المجد , تراكمت خريطة الأهداف لتوائم تطلعات هؤلاء بأسرهم ، والنتيجة واحدة ، تقسم ككعكة بينهم كلا بحسب شأوه :
1 - تصدير الثورة الإيرانية ، وإعادة حكم الإمامة البائد وسط دولة تتمتع السنة بالأغلبية فيها بمقابل فئة زيدية معتدلة .
2 - رواية اليماني والمعتقدات حوله في الماركة الشيعية ، وعن خروجه من اليمن هي محرك رئيس لأطماع وجوه قمّ المستديرة في اليمن .
3 - تعويض حليفا استراتيجي كسوريا ، فسوريا هي على وصف الرئة الإيرانية في المنطقة ، وتتعرض إلى ما تتعرض له من إيلام ، دفع بإيران لمحاولة نقل ثقلها من سوريا إلى اليمن ، وهذا بالضبط ما أشارت إليه تقارير السي أي آي والبنتاغون وفق إذاعة البي بي سي ، بمحاولات طارئة ومستعجلة لايران لنقل عبئها من سوريا إلى اليمن ، وليست غريبة نظرية الاستباق تلك ، فهذا التحرك الحوثي السريع قبل أسابيع حتى مشارف صنعاء ، يثير قلقا لمحاولة مبكرة في التحول واصطناع حلفاء جدد بالإكراه .
4 - استهدافا للسعودية والخليج عامة ، فالسعودية تتمتع بعداء نديّ خفي مع إيران وتذكرون جيدا قضية البحرين ، ودعم النظام السعودي للقبائل اليمنية المعارضة للحوثي ، وإيران نفسها تتحرك تجاه السعودية بوحي من الأحقاد التاريخية المذهبية ، ورأي المراقبون حيال ذلك أن إيران تسعى بسعيا صريح لحرب خليجية ثالثة ، وعيونها على الخليج وبلاد الحرمين والأمن القومي للسعودية – القطيف كمثال - الذي تسعى إيران لوضعه بين كماشتي العراق واليمن .
5 - الطموح الإيراني في الحظوة بشيئا من النفوذ على الممرات المائية الدولية كمنافذ مهمة جدا ، والسيطرة كذلك على مداخل البحر الأحمر عند مضيق عدن قبالة السواحل اليمينية ، أو باب المندب أهم الممرات المائية في العالم ، وبهذا تهدد إيران طرق الملاحة والإمداد العالمية ، لهذا رأينا محاولات أنصار الله الحوثيون للسيطرة على تعز التي تطل على باب المندب ولها أهمية جغرافية إقليمية ، ومحاولة الحوثيون كذلك للاستيلاء على ميناء ميدي الاستراتيجي القريب من البحر الأحمر والمياه السعودية .
6 - وفي السياقات الإقليمية كذلك ، ترجو إيران ومن النافذة اليمنية تحصيل نفوذا ما في القرن الأفريقي الذي يعاني من فوضى تلائم تلك الأهواء لتعشوشب فيها وتنمو ، كما في الصومال .
7 - تحويل اليمن لشماعة صراع دولية ، بين إيران من جهة والولايات المتحدة والغرب في المقابل .

تخطي أي عقبة إجرائية
ولنيل مساعيهم في كل ذلك وأكثر ، إتبعت إيران بأخصائييها سبل عديدة كما عممنا سابقا ، لتخطي أي عقبة إجرائية في الوصول لبغيتهم ، ولليمن تخصيصا وإخضاعه لنفوذها ، رأت ان ذلك لا يتم لهم ولا يتأتى، إلا بنشر الفوضى والاضطرابات في تلك المنطقة ، وحاولوا بشتى الوسائل تحقيق هذا الحال ، إما عن طريق السفارة والملحق الثقافي , وإما عن طريق المراكز الطبية أو النشاط الاقتصادي والمنح الدراسية , أو اصطناع وكلاء مذهبيين ودعاة ، وجرّ السلفيين والاصلاحيين والاخوان المسلمين لمعركة بائرة مع الحوثيون ، وكذلك تبني ولاءات سياسية تساهم في بناء النواة الإيرانية داخل اليمن بحجج رطانات أيدلوجية ظاهرها حبّ آل البيت والتشيع لهم ، وباطنها تمهيد الأرصفة للحلم القومي الفارسي، الذي بدأه السجين وهرز الفارسي حين قوضّ بوابة صنعاء الشهيرة لكي لا ينكس رايته 516 ميلادية .
وسياسيا لم يعدم الدلاي لاما الايراني الوسيلة ، فتبنى وزمرته أحزاب يمنية تقف في وجه المشروع اليمني الديمقراطي السنيّ ، كحزب الأمة الذي تأسس 2012 ، والحزب الديمقراطي اليمني (2010) ، وأبغض من ذلك دعم انفصال اليمن الجنوبي عن شطره الآخر ، فدلفوا بسهوة الى صفوف الحراك الانفصالي الجنوبي ونشروا الأفكار المتطرفة وسطه ، وندرك جميعا أن قواعد هذا الحراك المتطرفة تدربت على يد عناصر من حزب الله والحرس الثوري ، وقبل أيام طالعتنا الأنباء عن تعاون وثيق بين القاعدة وعلي سالم البيض ، فهل ثمة علاقة شبكية هنا ؟!

الحوثيون 
جماعة الحوثي في اليمن ، هي جماعة شيعية بامتياز تتلقى دعما وافرا من إيران ولديها قوة عسكرية صمدت بها في ستة حروب أمام الجيش اليمني ، بل لا مبالغة إن قلنا إن القوة العسكرية للحوثي تضاهي إن لم تتجاوز القوة العسكرية للجيش اليمني ..
شاهدتم جميعا الحرب الأخيرة في اليمن بين جماعة الحوثي التي تسيطر على صعدة ، وقبائل حاشد وأرحب ، وهاتين القبيلتين من أكبر القبائل اليمنية وهما حواضن السنة والتوجهات الإسلامية من إخوان وسلفية سليمة بمذهب دعوي لا تتداخل والسياسية البتة . شارف الحوثيين في حربهم الأخيرة مع حاشد مشارف صنعاء وكادوا يحتلونها ، ولم يتحرك العالم ولم ينبت ببت شفة تجاه الجرائم التي يرتكبها شيعة الحوثيين - للمقارنة عندما شارفت المعارضة السورية السنية على احتلال دمشق ، قامت الولايات المتحدة وسحبت البساط من تحت أقدامهم باكذوبتها الشهيرة بأنها في الليلتين القادمتين ستضرب بشار ونظامه ، مما احدث تلكأ وتضاربا في قوات المعارضة ، وتعلمون أنه بعد يومين تم التوصل لحل محصلته تسليم الكيماوي وبهذه الاكذوبة المزركشة تم إنقاذ دمشق من المعارضة السنية بفضل التعاون الروسي الايراني.

فض النزاع 
حاصلة الحديث الأول ، أرسل الرئيس اليمني هيئة وساطة لفض النزاع - لاحظ ان الرئيس اليمني هنا يتصرف كطرف ثالث ويكون وسيط ، وكأن تلك الحرب في افريقيا وليست على ارض اليمن ويتوسط فيها الرئيس اليمني كمفاوض دولي- ..
توصل الطرفان - بفضل وساطة الرئيس- الحوثيين وحاشد لاتفاق هش سرعان ما انهار يفضي لوقف النزاع ، هدنة بنكهة الفوز الخالصة للحوثي ، استطاع رسم شروطه بأريحية ، معمار هذه الشروط هو ترحيل سنة دماج – 30 الف نسمة - ودماج هذه مدينة فيها أكبر جامعة عالمية لتدريس السنة تسمى بدار الحديث .. وقد بدا الأمر مزعجا ومشهدا مقززا حين رأينا قوافل السنة تهجر من دماج ليلا في الظلام كي لا يتطلع العالم على حجم هذه المأساة ...وقد كشفت صحيفة عكاظ السعودية أن انصارا من حزب الله وايران شاركوا " في حملة الإبادة ضد قبائل دماج " لأن دماج جغرافيا هي العقبة الكئود في وجه الحوثي للسيطرة على المحافظات اليمنية الشمالية ، وقد أكدّ حقائق هذا الدعم الفني واللوجيستي ألاستخباراتي ألتهريبي الإيراني للحوثي ، الرئيس عبد ربه منصور هادي اوآخر سبتمبر 2012 إذ كشف أن إيران تدعم تيارات بعينها في اليمن سياسيا وعسكريا لمصالح ترتئيها.

سياسة عامة 
وبالرغم من ان سنة دماج لا يتدخلون في السياسة العامة ، لم يشفع لهم ذلك فهاجمهم الحوثيون واتهموهم بأنهم تكفيريون وسلفية أصولية ، ومالوا بعدها الى زيدية حاشد لبغية أبعد ، فكانت معارك تمازجت فيها الحروب القبلية لاسترجاع أراضي الآباء باعتبارات مذهبية لمآرب إيرانية . تقدّم الحوثيون تقدما مشبوه في غفلة من التجاذبات السياسية في اليمن وسط فراغ سياسي عسكري ، مشكلّة كيانا عسكريا قويا يماثل دولة داخل دولة ، حاول مرارا ليّ ذراع القبائل اليمنية واستهدافهم كونهم البوابة الشمالية لصنعاء من ميل ، ومن ميل آخر نكاية بأثقل وأعرض القبائل حاشد وبكيل وأرحب ممن ساهموا في الثورة اليمنية المجيدة ، وما زالوا عقبة في تقويض الشره الإيراني ، أضف لذلك أن حاشد وهمدان وأرحب وبعضهم من مرد أخواني ، والأخير بحقد طائفي هو باعتبار إيران خصم ألد ، فبرّزّوا له الحوثي ليقوّض هذا الخندق الأولي في الدفاع عن العروبة والسنة.
لم يعد همسا أن الحوثيون ما هم إلا طبعة إيرانية لحزب الله في لبنان ، فالحوثيون المنبهرين بالخمينية بولاء للمذهب الأثني عشري سياسيا وفكريا زعيمهم الأول تلقى تعليمه في إيران ، بل إن الكوادر العسكرية الحاضرة تتلقى وتلقت التدريب والتقنيات على يد الحرس الثوري الإيراني ، وهم تماما من أتاح لإيران قاعدة نوعية للتدخل السياسي الإعلامي الأمني في اليمن ، بدورها قامت إيران بدعم الحوثيون سياسيا وإعلاميا وتسليحا ، وقد أشارت تقارير دولية إلى قيام إيران ببناء قاعدة عسكرية في ارتريا لمد الحوثيون بالسلاح ، وأشار مركز سترا تفور للاستشارات الأمنية في تكساس إلى أن السفن الموجودة في منطقة خليج عدن التجارية وغيرها ، ما هي إلا لتهريب السلاح لليمن ، وأن هناك عمليات تهريب منتظمة تتم في ميناء عصب الاريتري إلى السواحل القريبة من اليمن والتي تجوبها آلاف السفن يوميا ، مما حدا بالقوت السعودية مؤقتا لفرض طوق أمني على سواحل اليمن الشمالية ، وردت إيران بإنشاء أسطول آخر يتمركز في سواحل عدن .

استهداف خفي للطراز السني
يستهدف الحوثيون - وبخطوتين وراء - ايران كذلك، من خلال أعمالهم تلك أهداف عدة ذكرنا بعضها آنفا ، على أن أوضح الوجوه في هذه الأمور هو استهداف خفي للطراز السني في المنطقة بأسرها ، في صراع - نكرر - مذهبي سياسي أمني فكري متواتر منذ أزمان ، فبيد يرفع هؤلاء الحوثيون خصيصا شعارات الموت لأمريكا وإسرائيل ، وباليد الأخرى تبطش بالسنة وتستهدف تعز والقبائل السنية وصنعاء وآل الأحمر ، وتعرضت لدماج ودار الحديث فيها وتطعن في الشيخ مقبل الوادعي وتناكف بالكتب والمصنفات الخبيثة اهل السنة ، وكل ذلك بموائمة سيزيفية مع الحرس الثوري وأعضاء من حزب الله . فالحوثيون وأتباعهم يمدون بلا شك بولائهم للنظام في إيران ، وأتباع الحوثيون هؤلاء أفراد وشخوص من القبائل ، شخصوا لآل الحوثي دون أن يملكوا أي أهداف وطنية إنسانية ، فأصبحوا أتباعا مؤدلجين طائفيا تحزبيا جهويا قبليا ..
بخطاب مذهبي وتقية خالصة تسعى إيران لمدّ أذرعها الأخطبوطية لليمن ، في سياق المكايدات الإقليمية القائمة ، حيثها تكالبت هناك دون أدنى ذرة قيم أخلاقية فبسببهم هجر مئات الآلاف من اليمنيين وقتل مثلهم ويزيد ، كل ذلك بدافع حقد مذهبي تغذيه الشعوبية الفارسية ، فصنعت الأحداث وأدارت الأزمات وحاولت تصدير ثورتها المزعومة ، في طيّات بيئة خصبة ممهدة لنشر التشيع تحت غطاء محبة آل البيت ، وبثوا التطرف في صفوف الزيدية هؤلاء الذين يلتقي معهم السنيون في نقاط تماس أكثر من نقاط إلتقاء الحوثي بإيران .

حرق بيت جارك 
إن حرق بيت جارك فحصن دارك: نعود ونؤكد كغيرنا ممن استطرد كثيرا في هذه الناحية ، إن ما تودّ ايران تحقيقه في اليمن هي في المحصلة أطماع قديمة تهدف لتطويق بلاد السنة المركزية ، ونعقل جميعا أن الطوفان الإيراني أعاق كلما أستطاع إلتئام الجرح اليمني ومرارا عديدة افشل المبادرات الخليجية لحل أزماته ، فهذا الطوفان حقق الكثير من رؤاه ، فتعالوا نغض الطرف متناسين أدواره في إسقاط العراق وأفغانستان ها هو يبحث من خلال نافذة اليمن عن إكمال دوره الإقليمي حتى يلتف للخليج ويصارع كذلك أمريكا على بلاد الخليج وكبش الفداء ، يمن العرب السعيد .

ما العمل ؟
سقط العراق بحماقات دكتاتورية لقياداته ، وملأت إيران المشهد فورا رغم أنف بريمر ، واستيقظت السعودية وأمريكا في النهار التالي على كابوس الأكمام العريضة ، وقد فات الفوت وغدت أوراقهم بائرة .
ولكي لا يتكرر هذا السيناريو في اليمن ليقال حينها أكلت ساعة أكل الثور الأبيض ، على السعودية والخليج إجراء حسابا " أكاديمي " بعيد الرؤية لهذه القضية ، تبادر بعده لإتخاذ خطوات جدية لاستدراك اليمن اقتصاديا ثقافيا اجتماعيا سياسيا تعليميا ، والحل الأمثل بحدود رأي الكثيرين هو إلحاقهم بمجلس التعاون الخليجي ، ودعم قبائل السنة ، وإرساء ردة فعل فورية موازية للدفاع عن الهوية ، وهو رد فعل تقليدي مشروع ، وتوعية الشعب اليمني من الخوض في الأفكار المتطرفة - لأن إيران لا شك هي من تتعامل مع قاعدة اليمن التي قتلت وتقتل جنود اليمانية بلا ذنب اقترف - وعليهم دعم المشروع اليمني السياسي السلمي بتقوية نظام الأحزاب تماما كما تحث إيران الحوثي على تشكيل تكتل وحزب سياسي ..
على الولايات المتحدة والتي فعليا تفعلّ نظام الطائرات بدون طيار بفعالية في اليمن ، والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والدول العربية وكل العالم الحر ، تعمير ودعم وتهيئة الأجواء لليمن حتى يستعيد سعادته وينال عافيته ، لأن تهديد اليمن هو تهديد للاستقرار العالمي والسلم العربي خاصة إذا كانت فيه قوة كإيران بيدها ورقة الحوثي تملك تكنولوجيا الصواريخ الباليستية .
على هؤلاء جميعا النهوض باليمن ومده باسباب القوة ، وبعث اقتصادة وسوقه حتى يقوى عوده ،لأننا سئمنا كعرب التعامل معنا كأحصنة طروادة ما بين تركيا وايران او بين امريكا والغرب وروسيا ...
الهلال الشيعي يزداد تفصيلا وإمعانا :
بدا الهلال الشيعي مكتمل الملامح بوضوح تام من طهران حتى بيروت مرورا ببغداد ودمشق ، وليشكل بالتالي استعراضه الاستعلائي المشرأب بروح الاستحقار الفارسي في اليمن وعلى تخوم بلاد الخليج ، ودعوني هنا افتح قوسا أبين فيه أن لا غرابة بطمع الإيرانيين في الحرمين لأهميته في ضمير الأمة ، وقد حدثني أحدهم ممن زار مكة لأداء فريضة الحج أن الإيرانيين والحوثيون ينتشرون بكثافة هناك مفتخرين بتآلفهم الفكري الديني .
فوسط انقسام السنة في كل ركن - سوريا كمثال - يفرك آيات الله أيديهم فرحا لتمتعهم بحلف شيعي صلب أكثر تنظيما وتماسكا في كتلة واحدة تحت قيادة مخملية لإيران ، فالعراق وسوريا ولبنان ويوشك اليمن ، في قافلة واحدة ، هذا وإن أخذنا بالاعتبار أن الجنوب اليمني فعلا وواقعا هو تحت الإرادة الإيرانية ، فهذا الجنوب بقبائله التي كانت بعلاقة وطيدة وحلف تقليدي مع السعوديين ، تآكل تدريجيا لمصلحة إيران ، برضا من بعض الدول الخليجية التي تبحث عن رضا إيران من البوابة الخلفية ، وهذه الجزئية الأخيرة اعترف بها السفير الأمريكي في صنعاء وفق قناة العربية في 14 يناير2013 جيرالد فايرستاين فاتهم الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض بتلقي دعم من إيران لفصل اليمن عن شماله ، واتهم إيران كذلك بدعم العناصر المتطرفة في الحراك الانفصالي الجنوبي .
بلغ المدّ الإيراني بعض غايته ، وتكشّفت علاقاته الشكلية الوهمية الزائفة ، وبرزت برامجه المموهة أكثر في الصفقات التي يجريها مع الغرب حول برامجه التسليحية ، وهي صفقات سيكون لها أثرا جليّا على مستقبل بلاد العرب ، لأنها تساهم في كواليسها في إنفاذ الحلم الفارسي وإنجاز آماله ، الذي تزداد محاوره قوة على أرضية الواقع ، ببناء منظومات سياسية عسكرية تجارية في كل طرف من الأرض .
وعودا للحديث عن اليمن فإن كسب المشروع الإيراني معركته هناك ، فلا مرية بعدها أن الخميني سيؤم بالمحافظين في مسجد بني أمية ويصلي مغربه في صنعاء .
على طول خط الاتفاق والافتراق للطبقة المخملية الإيرانية المتمثلة في ولاية الفقيه ، أثبتت هذه الطبقة بصورة ما تمتعها بذكاء سياسي ودهاء ساساني حافلا بالأحداث والمواقف ، فالمؤشرات حتى الساعة تفيد أن إيران ماضية في نهجها ، وانتخابات الرئاسة الإيرانية التي أحرزت تقدم المحافظ حسن روحاني المتدرع بعباءة الإصلاحيين ما هي إلا خدعة استميلت بها أطراف عدة .. باختصار هنا يتمثل ويتشكل الذكاء السياسي لإيران ، بغض النظر عن مقتنا وكرهنا لهذه السياسة إلا أنه - دهاء وتلاعب ورقص على الحطام ببراعة - تفتقده جميع الدول العربية ، فإيران - وذوي الأكمام الوسيعة الراقدين في قم ومشهد - بهذه الحنكة تستطيع التماهي مع ظروف عاصفة عصفت بها في عين العاصفة ، فأكملت مشروعها في العراق لدحض السنة وإخضاعهم للمدّ الفارسي وفي سوريا تحارب بكل ثقلها للسيطرة على الأغلبية السنية والبحرين ما بين مد وجزر ، والقطيف تغلي ، ولبنان الضاحية تحكما جداريه ضخمة لآية الله ، وبهذا ترى أن إيران تملك أوراقا كثيرة ، فكيف لو استوى لها الأمر وملكت القنبلة النووية ؟! اترك لك الإجابة.

إستراتيجية جيوسياسية
أخيرا ، الحوثيون سيطروا على مناطق كثيرة في اليمن وطردوا أهلها السنة ، وتصرفوا بامتهان سافر مع خاصرة عربية مهمة ، والعالم يتصرف إزاء ذلك بلا مبالاة ودون تبصرا للعواقب ، لست طائفيا بدوري ولكن لا بد من قناعة " ردة الفعل " على أم الطائفية الأخرى ، ولتتأكد أن إشكالية اليمن المؤقتة هي حقيقة إستراتيجية جيوسياسية يجب لفت الأنظار صوبها واستيعاب تلك الأحداث ومعرفتها حق المعرفة لأن اليمن بلاد جنتي سبأ، وبلاد العرب السعيدة على وصف اليونان ، أولا وأخيرا بغطاءها البشري هي من حيث العمق قضية عربية إسلامية سنية ، حبذا لو تم استبعادها عن الصراع الطائفي المقيت الذي تتبناه إيران لا استعبادها !!

* زهير ابن عيّاد- كاتب وصحفي - النقب

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة