الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 04:02

الغنى والفقر من منظور جديد/ بقلم: قيصر إغبارية

كل العرب
نُشر: 23/03/14 12:00,  حُتلن: 14:21

قيصر إغبارية في مقاله:

الوضع الاقتصادي لأي شخص أو أسرة يحكمه أكثر طريقة الإنفاق والتصرف في الدخل وأسلوب الإدارة والتدبير وليس مستوى الدخل ومقداره

الفقير هو الذي تكون نفقاته ومصروفاته أكثر من دخله ومهما كان دخله مرتفعا فهو بالتالي يراكم ديونا في كل مرة، مما قد تضطره الحاجة للجوء إلى الآخرين وطلب العون منهم، فهو بذلك مفتقر إلى الآخرين محتاج إليهم


اعتادت مراكز الأبحاث والمؤسسات البحثية على أن تميز بين الغني والفقير من خلال ما يحقق من مدخولات، وبغض النظر عن إدارته وكيفية تصرفه بهذا الدخل، فمثلا أن تقدر مبلغا من المال لا بد وأن يتحصل عليه الشخص حتى يصنف ضمن الأغنياء، أو بعبارة أخرى: حتى لا يصنف ضمن الفقراء، أو ممن هم تحت خط الفقر.
وكذلك اعتاد الناس وتعارفوا على هذا المفهوم، فمن كان عنده دخل عال اعتبره الناس من الأغنياء، ولو أنه كان غارقا في الديون والالتزامات، وأن من كان دخله متدنيا اعتبره الناس فقيرا حتى لو كان منظما في أموره المالية وعنده حسن تدبير..
ولكن هناك مفهوم آخر للغنى والفقر يغفل عنه الكثيرون، وقد تنبه له بعض الكاتبين، منهم صاحب كتاب: "الأب الغني والأب الفقير"، لروبرت كايوساكي، والذي أعطى مفهوما جديدا للغنى والفقر، فذكر أن الغنى لا يرتبط بالدخل، إنما يرتبط بطريقة الإنفاق، وكيفية إدارة المصاريف، فقال بأن الغني هو الذي تكون نفقاته ومصروفاته أقل من دخله، بغض النظر عن مقدار دخله، وهو بالتالي يتبقى عنده مبلغ للتوفير والادخار، لينفقه وقت الحاجة، وليحقق به أهدافا مستقبلية، فهو بذلك مستغن عن الآخرين، ولا تلجئه الظروف لاحتياج الآخرين وطلب العون منهم.
بينما الفقير هو الذي تكون نفقاته ومصروفاته أكثر من دخله، ومهما كان دخله مرتفعا، فهو بالتالي يراكم ديونا في كل مرة، مما قد تضطره الحاجة للجوء إلى الآخرين وطلب العون منهم، فهو بذلك مفتقر إلى الآخرين محتاج إليهم.
وهذا المنظور هو الذي يدعمه الواقع وتصدقه الأحداث، فكثيرا ما نرى أشخاصا وعائلات تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، وديون وأزمات، ولا نجدها تلبي الحاجات الأساسية في حياتها، مع أنها تحقق دخلا جيدا أو ممتازا، ولكنها تعاني من سوء الإدارة وعدم التنظيم. وفي المقابل نجد أشخاصا وعائلات يعيشون في وفرة اقتصادية ورخاء معيشي، يلبون كل احتياجاتهم ورغباتهم، مع أن دخلها محدود أو متدنٍ، لكنها استطاعت أن تدير نفقاتها وتنظم مصروفاتها بما يتلاءم مع دخلها، فحققت ما تريد، ووفرت ما تحتاج.
إذن، فإن الوضع الاقتصادي لأي شخص أو أسرة يحكمه أكثر طريقة الإنفاق والتصرف في الدخل وأسلوب الإدارة والتدبير، وليس مستوى الدخل ومقداره.
والذي نخلص إليه هو أن ننتبه أكثر لمصروفاتنا ونفقاتنا، ونعمل على تنظيمها وحسن ترتيبها، من خلال ترتيب الأولويات، والتخطيط، حتى تتحسن أوضاعنا المعيشية، وحتى نحقق بذلك رضى الله الذي أمرنا بحسن تدبير المصروفات في قوله: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}.
وبذلك يتحقق وعد الله لنا برغد العيش وحسن الأوضاع إذا نحن التزمنا أوامره واستمكنا بكتابه: {ولو أن أهل القرى أمنوا وتقوا لفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم}.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة