الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 04:02

كي لا نحلي البحر الميت بمعلقة سكر/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 21/03/14 09:01,  حُتلن: 11:40

وديع عواودة في مقاله:

لبيد بموقفه العنصري الأخير يعكس موقف طبقته الوسطى ويعبّر عن التيار المركزي في الشارع الإسرائيلي

اشتراط التخفيضات الضريبية بالخدمة العسكرية مرتبط مباشرة بالمساعي الإسرائيلية المحمومة لتجنيد الشباب العرب خاصة أبناء الطوائف المسيحية ليس طمعا بتقوية قدرات الجيش بقدر ما هو إضعاف قوة مناعة المجتمع العربي

هناك مؤشرات هامة تنذر بأن الأحزاب العربية أيضا ربما تقع بنفسها ضحية منافساتها التناحرية وبقائها عالقة في خطاب المحقين ومتحجرة على مسيرات احتجاجية وخطابات بعثية إنشائية داخل البلدات العربية

يتوجب حل لجنة " المتابعة " الحالية وانتخاب أخرى جديدة تتيح مشاركة قيادات شابة وحيوية تضع الوطن في مكانه الطبيعي

في حال أصرت الجبهة على موقفها الرافض فستزداد حصتها بالمسؤولية عن استمرار الوضع الراهن الخطير وعن المستقبل الأخطر

كشف رئيس " عتيد " وزير المالية يئير لبيد أن المستقبل في إسرائيل للعنصرية بمنحه الامتيازات الضريبية لليهود فقط تاركا الشباب العرب عالقين داخل علبة سردين يئنون تحت وطأة الازدحام السكاني. لبيد بموقفه العنصري الأخير يعكس موقف طبقته الوسطى ويعبّر عن التيار المركزي في الشارع الإسرائيلي. كالعادة المخفي في إسرائيل أيضا أعظم ولا شك أن اشتراط التخفيضات الضريبية بالخدمة العسكرية مرتبط مباشرة بالمساعي الإسرائيلية المحمومة لتجنيد الشباب العرب خاصة أبناء الطوائف المسيحية ليس طمعا بتقوية قدرات الجيش بقدر ما هو إضعاف قوة مناعة المجتمع العربي والإجهاز على تطلعاته بالتبلور جماعة قومية أصلية مع ما يترتب عليها من حقوق مكفولة بالقانون الدولي أيضا.

البيت المفقود
في مسحها الاقتصادي- الاجتماعي تتوقع جمعية الجليل أن يبلغ عدد الشقق السكنية المفقودة لدى العرب في العقد القادم نحو 100 ألف شقة. إجراءات الوزير لبيد لا تشمل أزمة السكن الخانقة للأزواج الشابة العربية أصلا لعدم انتشار ثقافة اقتناء البيوت لديهم، والطريق لحلها يكمن بالتوقف عن خنق البلدات العربية بخرائط هيكلية ومسطحات بناء لم توسع منذ عقدين.
هذه الأزمة السكنية، وبفعل مؤثرات أخرى أهمها البطالة واتساع الفوارق بين طبقات المجتمع، تنذر بأزمات اجتماعية غير مسبوقة في خطورتها تدفع للقول إن ما نشهده من عنف وجرائم اليوم هو " مناظر " لفيلم الرعب بات على عتبة الباب وسنشاهده كافتنا بالبث الحي والمباشر وعلى مسرح الواقع. وهذا ما تدركه جيدا المؤسسة الحاكمة وتستثمره كي تحّيد " الخطر الكامن" بطريقة ماكرة وهي تراهن على كسب المعركة الحاسمة مع المجتمع العربي بـ " فرق تسد " وبإسقاط الشباب العرب في شرك الخدمة العسكرية وبدائلها وبإشغالهم بهموم ومشاكل داخلية تسلبهم القدرة على إدارة نضالات حقيقية على الجبهة الخارجية.

سوق عكاظ البرلماني
ما لا يقل خطوة عن سياسات تدبر بالظلام يكمن برد فعل الضحايا،يكتفي بالاستنكار وببيانات صحفية خشبية وبمسابقات عكاظ الخطابية البرلمانية. هذه الردود سهلة ومريحة لكنها عقيمة والطريق للتغيير الحقيقي في واقع الحقوق المدنية المسلوبة، حماية الجبهة الداخلية ومناعتها هي كما في كل مكان وزمان طريق جبلية صعبة وطريق صحراوية حارة. دون تنظيم المواطنين العرب بصورة عصرية واتفاق الفعاليات السياسية والأهلية على مشروع جامع يتجاوز " الحسابات الحزبية والشخصية، يشدد على الحقوق المدنية واستحقاقات المواطنة لن يلوح تغيير حقيقي بالأفق. هناك مؤشرات هامة تنذر بأن الأحزاب العربية أيضا ربما تقع بنفسها ضحية منافساتها التناحرية وبقائها عالقة في خطاب المحقين ومتحجرة على مسيرات احتجاجية وخطابات بعثية إنشائية داخل البلدات العربية ولها ولنا عبرة في تجربة الحركة الوطنية الفلسطينية يوم أكلتها الخلافات بين القادة والزعامات ويوم انقسمت " فصائل السلام" عن الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936،ويوم استخف بها العدو والعالم لانقسامها بين رام الله وغزة،حكومتين بلاد دولة وبلا عقل وربما بلا ضمير.

نحن بحاجة لمشروع نضالي واحد يعتمد خطابا مدنيا، ينقل الاحتجاج للميدان وأمام المؤسسات من مقر الحكومة حتى بيت يئير لبيد،يستغل طاقات الشباب وقدرتنا على المناورة ولعب دور " المزعج " للجانب الآخر دون قطع الخيوط معه ودفعه للتمترس خلف جدران الخوف من " طابور خامس" وللمزيد من العنصرية. وهذا يعني حل لجنة " المتابعة " الحالية وانتخاب أخرى جديدة تتيح مشاركة قيادات شابة وحيوية تضع الوطن في مكانه الطبيعي، فوق الحزب والمواطنة فوق الأفراد. الغريب أن الأحزاب العربية متفقة على ذلك عدا الجبهة المتخوفة من " الدلالات القومية الانفصالية " للمبادرة المشتهاة ،رغم أن الحزب الشيوعي كان أول من عمل لتنظيم المتبقين في وطنهم،حتى داخل معسكرات الاعتقال عام 9/1948.

الحزب الشيوعي
في حال أصرت الجبهة على موقفها الرافض فستزداد حصتها بالمسؤولية عن استمرار الوضع الراهن الخطير وعن المستقبل الأخطر. بالطبع لا يعني انتخاب المتابعة الانفصال عن إسرائيل أو مساعدة الراغبين بذلك، وما يحق للأقليات القومية في كندا، بريطانيا وأستراليا يحق لنا أيضا. لا سيما أن محاولة اختراق الوضع الراهن كانت وستبقى بحاجة لدعمها في الجانب الإسرائيلي حتى لو كان صهيونيا لأن الرهان على كل شيء أو لا شيء ليس حكيما. كذلك الاكتفاء بمطالبة إسرائيل أولا وأخيرا بالتخلي عن يهوديتها الآن ودفعة واحدة يعني دخول مواجهة خاسرة معها. في ظل ذلك واختلال كل موازين القوى فإن محاولة إحراز مكاسب حقيقية ستبقى كتحلية البحر الميت بمعلقة سكر، لأن هذه المواجهة تحتاج لصبر وطرق التفافية ولترتيب البيت وتمكين الجبهة الداخلية إلا إذا كنا ما زلنا نعتقد أن بالإمكان الانتصار على " أولاد الميتة" بـ " عصا مسوسة " ! بدون ذلك ستجد الفعاليات ووالقيادات نفسها بواد والشعب بواد آخر ليس أخضرا وفي مراع غريبة وخطيرة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة