الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 14:02

مزايا وخفايا في الحب /بقلم:كميل فياض

كل العرب
نُشر: 12/03/14 09:17,  حُتلن: 09:19

لا اقصد هنا الحب باي معنى وباي مجال سوى الحب الاكثر شيوعا والاكثر خطورة .. الا هو الحب بين الرجل والمرأة .. الشاب والفتاة ..
الاكثر شيوعا ، لانه حديث الشباب في السر والعلن وهمهم .. ولانه نبض الشعراء ومصدر الهامهم .. ولانه دافعا مكنويا خفيا محركا ومؤثرا في الاخلاق والسلوك الفردي ..
والاكثر خطورة ، لانه ينطوي على عناصر تحد ومغامرة ومجازفة .. وفيه تكمن اشد المفارقات وترصده احدّ المتناقضات .. وهو مكشوف لشتى الاحتمالات والنتائج ..
ذلك ان امر الحب ليس مواجهة نظرية لموضوعه ولما يحيط به .. ليس مجرد فلسفة .. موقف .. وهو ليس تجربة يمكن وضع مقدمات منطقية صارمة لها ، وبالتالي نتائج ملائمة ..
فلو كان امر الحب خاضع للتخطيط والتحضير والتوجيه الواعي تماما ، لكان اقل خطورة بكثير ، وربما فقد من سحره ومن لذته ايضا..
فتجربة الحب اولها وقوع وسقوط .. " لقد وقعت في حب فلان او فلانه .." فالحب جبري طغياني ويحدث فجأة ومن دون كثير مقدمات .. قد ينبع من نظرة ، من جملة كلامية ، من التفاته تحمل فيها القلب برمته ..
فاذا انقدحت الشرارة الاؤولى لتلك النار ، بفعل نظرة ، جملة كلامية ، التفاتة .. صوت .. ملامح انغرزت في احشاء العاطفة .. وما لا ادري ..
يبدأ الحب بقوة .. ويصبح وسواسا وقلقا وتركيزا ذهنيا وصورا للحبيب ، يدور حولها الفكر وينشغل فيها .. بينما تتموج العاطفة خلف ذلكم كله ، كامواج البحر ، ارتفاع وانخفاض ..
حتى يتم اللقاء بالحبيب صوتا وصورة وحضورا .. قد يكون هذا الشغف وهذا الحب في طرف اشد منه لدى الطرف الآخر .. ولا بأس في ذلك طالما هناك توافقا طبيعيا غير متكلف .. وغير صناعي ..
ما هو العمر الطبيعي للحب – في هذا المستوى - ؟ اعتقد ان عمر الحب يشبه اعمار البشر ، اي متفاوت في الصحة والطول والقِصَر ..
قد يعيش شهرين .. سنتين .. ليتحول ذكرى .. قد يمتد الى سنوات وحتى آخر العمر ، بين ضعف وشدة .. لا احد يعلم مسبقا .. فما يأتي دون وعي مسبق به ، يذهب كذلك ..
لكن وان كان الحب لا يبدأ بمقدمات يخطط لها عقليا .. فله مقدماته واسباب ولادته ونموه وكبره ونضوجه .. كذلك له اسباب نهايته وموته ..
فالحب معاناة تحتمل وجهين .. احدهما ايجابي وآخر سلبي .. الايجابي هو ما يمنح النشوة والفرح والسعادة ، وهو الوجه الطبيعي في العلاقة الحبية . فاذا حال حائل فجائي – سواء من داخل العلاقة نفسها بتطورات معينة ، او من المحيط - قد ينقلب الحب الى تعاسة الى خيبة الى احباط فكآبة .. ويحدث احيانا ان يمتد تأثير الفشل الى ما هو اخطر من ذلك ..
وهناك ايضا من يشفو سريعا من تجربته ، وهناك من تطول معاناته .. ولان الحب تجربة تاتي بمقدمات خاصة استثنائية ، وهي ليست تجربة جنسية كقاعدة بيلوجية عادية مرتبطة بطبيعة التكوين الفردي لدى الجميع .. ولانها تجربة لا نختارها ولا نخطط لها ، ولانها تطوي احتمالات وحالات مختلفة من المعاناة والنتائج .. فهي حالة اعتبرها مرضية ، ولهذا ربما يقال : شفي فلان من حبه .. او شفيتُ من ذلك الحب الخ .. فالحب حب المرأة للرجل والعكس ، هو مرض ، وهو ظلمة .. ولذلك يقال ايضا وبحق : الحب اعمى .. لانه يقود صاحبه من نشوة غير مبرمجة ، الى حزن غير متوقع .. ومن سهل اخضر وشمس طالعة وعصافير مغردة ، الى ضباب وبرد وضياع ..
الحب الحقيقي – او الصحي هنا ضرورة - يرتبط ارتباطا وثيقا وسببيا بطبيعة الموضوع ، موضوع الحب ..
لو كان امر الحب اختياريا لاقتضت الحكمة ان نحب الله ونعشقه وحده ..فهو المعبود والمحبوب الوحيد ، الذي لا يتقلب لنا ولا ينقلب علينا ، ولا يتأثر بتأليب او تحريض ، ولتشويه سمعة ، ولوساوس ومخاوف وترسبات اجتماعية .. والله هو الحياة .. هو الحياة ذاتها ..

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة