الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 23:02

الو.. ممكن من وقتك/ بقلم: د. محمود الخطيب

كل العرب
نُشر: 18/02/14 13:56,  حُتلن: 07:46

د. محمود خطيب في مقاله :

أحد أهم الأمور التي تصعب على الإنسان التركيز في مهمة هو التشتت الناتج عند اقتحام أمور ملحة لكنها غير مهمة الى حياته

الضرر الأساسي الذي تتسبب فيه المكالمات الهاتفية يتلخص في أمرين اثنين الضرر الأول هو التشتت وعدم قدرتنا على التركيز في المهام التي تحتاج الى تركيز والضرر الثاني هو عندما نكون في حضرة أناس آخرين

الأفضل والأنجع هو أن تغلق الهاتف النقال ولا ترد على المكالمات عندما تكون في حضرة اناس آخرين أو اذا كنت تعمل في عمل يحتاج الى تركيز

أذكر اني كنت قبل مدة مع صديق لي وقد امضى أكثر الوقت يتكلم في الهاتف، وقبل أن أخرج معه كنت مشغولا جدا، لكني أعتبر ان الأصدقاء هم جزء مهم من الحياة لا يقل أهمية عن أمور أخرى. بعد نصف ساعة من خروجنا اكتشفت ان صديقي امضى أكثر الوقت في الحديث في الهاتف، وكان واضحا أنها مكالمات كان يستطيع أن يقوم بها في وقت آخر، فأصابني غضب شديد لأني قبل أن أخرج معه كنت أقوم بشيء مهم جدا وتوقفت عنه لأخرج معه بينما هو يمضي وقته في المكالمات. انتظرت حتى أنهى مكالمته ومن ثم قلت له: "لو اسمحت ارجعني الى البيت"، فقال: "لماذا"، فقلت: "لأنك مشغول وانا ايضا مشغول"، عندها ادرك ما فعله واعتذر واغلق الهاتف.

إن أحد أهم الأمور التي تصعب على الإنسان التركيز في مهمة هو التشتت الناتج عند اقتحام أمور ملحة لكنها غير مهمة الى حياته، فالأفكار الإبداعية تعتمد على التحضير الذي يشمل دراسة دقيقة للموضوع وبعد ذلك فترة نضج متواصلة. لكن التشتت الناتج عن دخول امور كهذه خلال أدائنا لكثير من المهام المهمة في حياتنا يحول دون أن نحصل التركيز والوقت اللازم كي نؤدي أمورنا واعمالنا ونشاطاتنا بإبداع واتقان!.

أضرار
من هذه الأمور المكالمات الهاتفية التي كثير منها ملح لكنه غير مهم. الم يحصل لك أن جلست مع صديق أو قريب أو حتى في جلسة عمل وكانت مدة الجلسة مثلا ساعتين لتكتشف بعد ذلك أن صديقك جلس معك نصف ساعة بينما كان يتكلم في الهاتف لمدة الساعة والنصف!
إن الضرر الأساسي الذي تتسبب فيه المكالمات الهاتفية يتلخص في أمرين اثنين، الضرر الأول هو التشتت وعدم قدرتنا على التركيز في المهام التي تحتاج الى تركيز، هذا التشتت يؤدي الى أداء منخفض وايضا الى ضياع للوقت، ففي أحد الأبحاث الذي أجري على موظفي الصناعات المتقدمة حيث يحتاج الأمر هنالك تركيز عال وجد أن الموظف يحتاج الى 15 دقيقة حتى يعود الى تركيزه بعد أن رد على «الإزعاج» من البريد الإلكتروني!.
الضرر الثاني هو عندما نكون في حضرة أناس آخرين. صراحة فانه عندما نجلس مع الآخرين لا يكون من الذوق أن ننشغل عنهم بالمكالمات الهاتفية! الناس يحبون من يجلس معهم ويعطيهم الاهتمام اللازم ويصغي اليهم. الانشغال عن الآخرين بالمكالمات الهاتفية لا شك ان له ضررا كبيرا واقل ذلك الانطباع السيء الذي نتركه عندهم.

الاستراتيجية الأفضل
يبقى السؤال ما هي الاستراتيجية الأفضل للتعامل مع المكالمات الهاتفية. الأفضل والأنجع هو أن تغلق الهاتف النقال ولا ترد على المكالمات عندما تكون في حضرة اناس آخرين أو اذا كنت تعمل في عمل يحتاج الى تركيز. لكن ان لم تتمكن من ذلك وابقيت الهاتف مفتوحا فعليك في كل مرة يتغلب الشوق والشهوة في ان ترد على الهاتف النقال عندما تكون في العمل أو صحبة أناس آخرين هو أن تسأل نفسك السؤال الآتي: "هل المحادثة مهمة الى درجة انني لا أستطيع أن أؤجلها؟"، كن صادقا مع نفسك. وحتى ان كانت المحادثة مهمة فعليك أولا انت تطلب الإذن من الآخرين في أن ترد على المكالمة لأن ذلك يأتي على حساب الوقت الذي خصصوه ليجلسوا معك، وان لا تطيل الحديث مع مكلمك.

 لصوص الوقت
على صعيد شخصي أنا أستعمل الأسلوبين، في كثير من الأحيان أغلق الهاتف النقال، وان أبقيته مفتوحا أحيانا أرد واحيانا لا أرد، اثناء الطعام لا أرد على الهاتف واثناء كثير من الفعاليات لا أرد على الهاتف الا اذا كانت المكالمة مهمة ومستعجلة.
المكالمات الهاتفية من أكثر لصوص الوقت فتكا بأوقاتنا، والذي يتحكم في تعاملنا معها هو شهوة وغريزة حب الاستطلاع التي لا تترك لنا طاقة لأن نأجل الرد على كثير من المكالمات التي تبدو ملحة ولكنها في الحقيق غير مهمة لدرجة أن ننقطع عن النشاط الذي نحن فيه لنرد عليها. الأمر يعود اليك لكن عليك أن تعلم أن المكالمات الهاتفية هي اخطر لصوص الوقت ان لم تكن اللص رقم 1.

د. محمود الخطيب – مستشار ومحاضر ومدرب ومدير معهد ستيبس للتفكير الاستراتيجي والنجاح الريادي

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة