الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 06:02

حماية لبنان بالأمن والسياسة/ بقلم: وليد شقير

كل العرب
نُشر: 15/02/14 08:17,  حُتلن: 08:18

وليد شقير في مقاله:

لبنان بات يحتاج لضمان حمايته بالكامل من ارتدادات الأزمة السورية حلاً سياسياً لأزمته باستعادة سلطة حكومته وبانتخاب رئيس جديد للجمهورية

ليس لدى أي من الفرقاء قرار بالانزلاق الى الفتنة الداخلية لا سيما السنّية – الشيعية نتيجة الانقسام الكبير حول الأزمة السورية وأبرز تجلياته دخول «حزب الله» في القتال داخل سورية

قدم الجيش اللبناني مطلع الأسبوع نموذجاً عما يمكن للقوى العسكرية والأمنية اللبنانية أن تفعله تحت عنوان حماية لبنان من تداعيات الأزمة السورية الفائضة عن الحدود في اتجاه الداخل اللبناني، عبر اصطياده نعيم عباس أحد قادة «كتائب عبدالله عزام»، وهو الطريدة الثمينة التي من طريق وضع اليد عليها أمكن تجنيب لبنان كوارث أمنية ومأسوية خطيرة. فما كشف عما كان ينويه عباس والشبكة المتعاونة معه من جرائم إرهابية ليس إلا جزءاً يسيراً مما كان وأعوانه يخططون له.


وسبق للأجهزة الأمنية اللبنانية أن نجحت في كشف جرائم من تلك التي تصنف تحت عنوان الارتدادات الدموية للأزمة السورية، منها كشف ما يسمّى مخطط سماحة – مملوك عام 2012، وغيره. ولئن كان ذلك يؤكد تمتع تلك الأجهزة بكفاءة عالية تتخطى عملية إخضاعها في كل مرة للتجاذبات السياسية الداخلية الناجمة عن الانقسام الداخلي، فإنه يثبت أن مظلة الحماية للبنان، داخلياً وإقليمياً ودولياً فعالة، بدءاً بحسن التنسيق بين الأجهزة الأمنية، مروراً بتعاونها مع أجهزة أمنية عربية، وصولاً الى الدعم الذي تتلقاه لوجيستياً وفي المعلومات من أجهزة دولية وغربية.


وتقاطعت مصالح وسياسات عدة تسمح بالقول إن هناك قراراً بحماية لبنان من ارتدادات الأزمة السورية، يمكن تلخيصها كالآتي:
1 – ليس لدى أي من الفرقاء قرار بالانزلاق الى الفتنة الداخلية، لا سيما السنّية – الشيعية، نتيجة الانقسام الكبير حول الأزمة السورية وأبرز تجلياته دخول «حزب الله» في القتال داخل سورية. ومهما علا الصوت في سياق الخلاف الحاصل، فإن ما يجري هو «مواقف وتصريحات نارية لكن من دون نار»، كما يصفها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون.

2 – إن دوائر القرار الدولي، على رغم اعتبارها ساحة لبنان ثانوية بالنسبة إليها، في إطار خريطة الأزمات الإقليمية، لا سيما في سورية، فإنها مع صعوبة توافقها على معالجة هذه الأزمات تصر على الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار اللبناني، بصرف النظر عن اعتقاد معظمها بأن «حزب الله» بإقحام نفسه في الحرب السورية ضاعف عوامل تهديد الاستقرار فيه. وهي عينها على لبنان من باب الحؤول دون نشوء ساحة ملتهبة أخرى تضاف الى الساحة السورية وغيرها من الساحات في العراق واليمن... وترجمت هذه الدوائر الدولية اهتمامها بلبنان عبر تزويدها الأجهزة الأمنية اللبنانية بالمعلومات التي تعينها على تحقيق الإنجازات، وساهمت الاستخبارات الأميركية في الآونة الأخيرة، بنجاح 3 عمليات على الأقل لإحباط مخططات التفجيرات الأمنية آخرها المعطيات التي قدمتها لمخابرات الجيش اللبناني عن تحركات المدعو نعيم عباس ورصد تحركاته. وقبلها قدمت معطيات عن مخطط تفجيري سمح تتبع خيوطه بإلقاء القبض على الشيخ عمر الأطرش الذي كان يتولى، مستظلاً عمامته، نقل السيارات المفخخة.

3 – شكّل دعم الجيش اللبناني بالسلاح والعتاد عنواناً جامعاً بين كل المواقف الدولية، في إطار دعم استمرارية المؤسسات اللبنانية بدءاً من مجموعة الدعم الدولية للبنان، الى كل الدول الأعضاء منفردة، انتهاء بالدول العربية المعنية، واختزل القرار السعودي منح الجيش سلاحاً وعتاداً بقيمة 3 بلايين دولار هذا التوجه باعتباره خياراً بعيد المدى لحفظ مقومات الدولة اللبنانية وقدرتها على ضمان تعزيز المؤسسة العسكرية في وجه ارتدادات أزمات المنطقة على لبنان، إن على صعيد استخدام إيران أرضه في سياستها حيال سورية، أو في مواجهة بروز التشكيلات الإرهابية في بعض مناطقه.

وساهمت الصلات السابقة لبعض المجموعات المتطرفة مع إيران وحلفائها في إطار سياسة «الممانعة» ومواجهة السياسة الأميركية في المنطقة، في العراق وسورية ولبنان وفلسطين، في كشف بعض هذه المجموعات، التي أخذت تتحرك في شكل مستقل بعد أن تعارضت أيديولوجياً وعملانياً مع السياسة الإيرانية بدعم النظام السوري.
حتى أن القرار السعودي تجريم من يقاتل خارج الأراضي السعودية، من مواطنيها، يستفيد منه لبنان في مواجهة هذه المجموعات التي ولدت من رحم الأزمة السورية، والتي ازداد نشاطها في لبنان في الأشهر الماضية.

وعلى رغم اجتماع كل هذه العوامل، التي تستفيد منها القوى العسكرية والأمنية اللبنانية في مواجهة الارتدادات الأمنية للأزمة السورية على أرضه فإن المظهر الأهم لهذه الارتدادات المتمثل بالأزمة السياسية الداخلية بوصفها فرعاً رئيساً من فروع الأزمة السورية، يبقى بلا علاج. فنجاحات الجيش وسائر القوى الأمنية في تأمين بعض الحماية للبنان من ارتدادات ما يجري في سورية عليه، تبقى قاصرة إذا لم تقترن بحل للخلاف بين اللبنانيين على تكوين السلطة السياسية، والذي يتجلى منذ سنوات بتعطيل قيام هذه السلطة، بالتوازي مع تصاعد الأزمة في سورية. وهو ما اصطلح على تسميته منع قيام سلطة تمارس كامل صلاحياتها في لبنان بموازاة رفض قيام هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات في دمشق.

بات لبنان يحتاج، لضمان حمايته بالكامل من ارتدادات الأزمة السورية، حلاً سياسياً لأزمته، باستعادة سلطة حكومته وبانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ومن دون المستوى السياسي للحماية، تبقى الحماية الأمنية قاصرة. فهل تكون القمة الأميركية – الفرنسية، التي تناولت الوضع اللبناني والقمة الأميركية – السعودية المرتقبة الشهر المقبل، بداية البحث عن تسوية أوضاعه وتركيب سلطته؟

نقلا عن الحياة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة