الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 03:02

الوعي الإنساني أوّل خطوة للتغيير المجتمعي /بقلم: رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 04/02/14 12:12,  حُتلن: 15:25

رزان بشارات في مقالها:

ما يحتاجه صاحب الإعاقة نفسه لا يقل عمّا يحتاجه مجتمع كامل يطالب بالحقوق والمساواة والعدالة

هنالك أمور صغيرة يجب أن نحرّرها من قيد الألم والسيطرة التي كثيرًا ما ترتبط بمعتقدات زائفة مصدرها آراء مسبقة ومفاهيم خاطئة

يتشكّل المجتمع من أفراد وعند معالجتنا لمجتمع كامل أو محاولة تغيير واقع فئة أو أقلية تعاني من التمييز من الناحية الاجتماعية علينا أولا الانتباه إلى الأمور الصغيرة

ما زالت الأصوات صاخبة عالية ومكبوتة في الوقت ذاته، وما زال أصحاب الإعاقات في مجتمعنا يعانون من التمييز بكافة أشكاله. ومع أنّ هنالك تغييرًا معينًا لدى بعض الأفراد من حيث التقبل وتخطّي الآراء المسبّقة، ولكن التغيير الأساسي يتأتّى من خلال معرفتك بأصحاب الإعاقات.

جدار قاسٍ خالٍ من الوعي
كان "بشير" (اسم مستعار) يتبع خطاي وتلاحقني نظراته هنا وهناك وأنا أرتّب الأوراق تارةً أو أرتّب الكتب في المكتبة تارةً أخرى. انتظرته إلى أن يبوح ولو بكلمة، فاجأني صمته في الوقت الذي كانت به الكلمات تُزخرف قاموسه وتدفعه إلى البوح علنًا دون مؤشر أو منبّه. فأدركتُ حساسية الموقف وفهمتُ أنّ دوافعه ستهزم صمته وسيتكلم.
وبعد برهة من بعثرة الموقف، أطلق العنان لمشاعره وبدا الأمر أكثر وضوحًا باستخدامه بعض الهمهمات والكلمات التي كانت تقودني أحيانًا إلى الطّريق وتضللني أحيانًا أخرى، حتى قال بهدوء تام: "بدّي يكون عندي صاحب، أروح أنا واياه مشاوير وبدي يحكي حدا معي حقيقي. أنا بعرف.. بعرف إنو عندي إعاقة!".
ذُهلتُ واخترقت نسمات الحقيقة باطن أفكاري وحبال معرفتي العميقة بمجتمعي وبما يسبّبه من ألم لصاحب الإعاقة، وما يحيطه به من جدار قاسٍ خالٍ من الوعي. تملّكني الفضول وأكملت الحوار الشفاف معه، وبدأت أفهم أكثر فأكثر. وصارت الأمور أوضح ومع كل كلمة كنا نتداولها كنت أدخل أكثر في عالم الإنسانية.

الإنسان المهمش

يتشكّل المجتمع من أفراد، وعند معالجتنا لمجتمع كامل أو محاولة تغيير واقع فئة أو أقلية تعاني من التمييز من الناحية الاجتماعية، علينا أولا الانتباه إلى الأمور الصغيرة، وأن ندقّق النظر إلى أبعد الحدود داخل الإنسان المهمّش اجتماعيًا، لعلنا نحاول فك الرموز ومن ثم الصعود بالسلم إلى أعلى درجات التغيير.
إنّ ما يحتاجه صاحب الإعاقة نفسه لا يقل عمّا يحتاجه مجتمع كامل يطالب بالحقوق والمساواة والعدالة. فهنالك أمور صغيرة يجب أن نحرّرها من قيد الألم والسيطرة التي كثيرًا ما ترتبط بمعتقدات زائفة مصدرها آراء مسبقة ومفاهيم خاطئة. في النهاية المطاف، لدى كل إنسان إعاقة ما، تشكّل حاجزًا يمنعه من الوصول إلى هدفه في الحياة، وجميعنا نعمل بجد ومثابرة لكسر هذه الحواجز الذي يمليها علينا واقعنا السياسي والاجتماعي.

الكاتبة طالبة في قسم علم الاجتماع بجامعة حيفا، ومتطوّعة في جمعية "المنارة" لدعم ذوي الإعاقات في المجتمع العربي

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة