الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 03:02

إلى كل العرب لقد خلقتم لتكونوا عظماء/ بقلم: بولس أبو رحمون

كل العرب
نُشر: 17/01/14 12:14,  حُتلن: 07:27

بولس أبو رحمون في مقاله:

أعظم مأساة يعاني منها البشر في هذا العالم الغريب ليس الموت وإنما الحياة على الأرض بدون هدف

إن فشلت في بادئ الأمر باكتشاف تلك المواهب لا تعتبر ذلك فشلاً بل أطلق عليه اسم (تجربة غير ناجحة) 

 سر نجاح العظماء الذين تركوا بصمة فخر واعتزاز في التاريخ البشري يكمُن في أنهم جميعاً تبنوا تلك العقيدة وآمنوا بوجود إله عظيم يدير هذا الكون بحكمة

بإستطاعتك تصميم مستقبلك بيديك وأن تغير العالم للافضل وأن تحدث أثراً عميقاً في عصرك وأنت قادر على جعل هذا العالم قبل أن تتركه أفضل مما كان عليه عندما دخلته

أيها الإنسان العربي، لقد أتيت إلى هذا العالم بدون إرادتك وما معك شيء، فمهما طالت الحياة، فإنك سوف تتركه يوماً ما، وأنت خالي الوِفاضْ .

هل تعلم ؟؟
لماذا أنت موجود على هذا الكوكب ؟
ما هو الهدف الذي خُلقت لأجله ؟
ما هي الرسالة التي يجب أن تؤديها قبل رحيلك ؟
أي طريق يجب أن تسلك حتى تصل إلى مرفأ الأمان ؟
إن هذه التساؤلات قد حيَّرت كبار الفلاسفة وعمالقة المفكرين على مدى آلاف السنين .

ما هي أعظم مأساة يعاني منها البشر؟
إن أعظم مأساة يعاني منها البشر في هذا العالم الغريب ليس الموت، وإنما الحياة على الأرض بدون هدف، فما أشقى ذلك الإنسان الذي يعيش على الأرض بلا هدف، إنه كمثل مسافر يسير على غير هدى في النصف الأول من حياته، فلا عجب أن يتعب باطلاً في النصف الثاني من عمره .

ليس بالأمر السهل اكتشاف هذا الهدف الذي خُلِقت لأجله، إنه شبيه بالبحث عن الكنز المخبأ بمكان ما، بدون السعي والكد والاجتهاد والبحث المستمر لا يمكنك إيجاد ذلك الكنز، إن هذا الكتاب سوف لا يقدم لك ذلك الكنز على طبق من ذهب, بل سيساعدك، ويسهل عليك اكتشاف الهدف الذي خلقت من أجله، نعم كل إنسان على وجه الأرض خلق لإنجاز هدف وتأدية رسالة وخصوصاً أنت بالذات , أتعلم لماذا؟

لأن بداخلك تكمُن ثروة دفينة، وعشرات بل مئات من المواهب والكفاءات الدفينة ترقد في سبات، إنها بحاجة إلى من ينبشها ويُوْقظها من سباتها، ولن يتوفر لك العثور على كنوز مواهبك واستثمارها ما لم تجاهد وتكافح، حيث إنك لا تعرف ما تجيد إلاّ بعد أن تجرِّب .

لا تستسلم للفشل!
فإن فشلت في بادئ الأمر باكتشاف تلك المواهب لا تعتبر ذلك فشلاً، بل أطلق عليه اسم (تجربة غير ناجحة) . يذكر لنا التاريخ بأن العبقري "أديسون" قد فشل عدة مرات وأن "لنكولن" العظيم محرر العبيد قد فشل ، وأن عملاق الصناعات الامريكية "هنري فورد" قد أفلس مرة وفشل فلا تترك لليأس سبيلاً إلى نفسك لأن أبواب النجاح كثيرة، فإن أغلق باب وثانٍ وثالثٌ فلا بد أن يُفتح لك باب في النهاية ويبتسم لك الحظ، فالنجاح حليف من يثبت ويكافح وينتظر، فمن صبر ظفر، ومن تأنى نال ما تمنّى، لا تلتمس الأعذار بأنك خلقت ضعيفاً فإن أغلب الرجال والنساء الذين غيّروا وجه التاريخ خلقوا ضعفاء. إن أغلبية البشر لا يهتدون إلى ذلك الكنز بسبب كسلهم وخوفهم من المجازفة، فيحصرون جل همّهم في توفير الأكل والشرب والاستمتاع بالحياة والانقياد وراء شهوات الجسد، فيبيعون الدين بالدنيا ,فتغويهم المادة, ثم يذهب العمر كله كَلَمْح البصر، فيضيعونه، فتأتي الشيخوخة، ويلوح شبح الموت ليُنغِّص حياتهم, فيعيشون حياة عادية لا معنى لها، وليس لها أية غاية, ثم يلفظون أنفاسهم الأخيرة ويوضعون في حفرة على آثار من سبقوهم، فيموتون وتموت معهم مواهبهم وكفاءاتهم دون أن يعلم بها أحد .

هل تعلم ماذا يوجد في المقابر؟
إن في المقابر ملايين من المواهب والعبقريات التي لم تكتشف بل دفنت مع أصحابها إلى الأبد .
إن حياتك على الأرض ما هي إلا معركة ضد الطبيعة العمياء التي لا تَرحم، إن لم تتخذ لك سلاحاً فعالاً حتماً فسوف تكون من الخاسرين، إن هذا السلاح يدعى (الإيمان) أو الثقة بأنه توجد قوة عظمى تدير هذا الكون تعمل لصالحك، عقل مدبر أوَّل لهذا الكون، بدون هذا الإيمان ستغدو حياتك مجرد مغامرة حمقاء لا معنى لها وليس لها أي غاية, وستؤدي بك إلى طريق مسدود، فلا تفتخر أو تفرح إذا حققت بعض الإنجازات أو النجاحات، إن تلك النجاحات ستكون مؤقتة، مزيفة وسريعة الزوال. (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) (آل عمران:196)، وأكد لنا المسيح بأن الشجرة الصالحة تُعرف من ثمارها وليس من حُسنِ منظرها أو خضرة أوراقها .

لقد قال الفيلسوف كانط Kant: «إنه من الضروري على الإطلاق أن تؤمن بوجود تلك القوة المحركة للكون ولكن ليس ضرورياً أن تعرف كيف تبرهن عن وجودها».

بعض المفاهيم عن تلك القوة الكونية
1. إن تلك القوة والعقل المدبر للكون قد ميّز الإنسان عن باقي المخلوقات، فزيّنه بالعقل ليرتَفِع عن مستوى الغريزة ويسمو عن الحيوان، ويطمح إلى ما فوق المادة, إلى عالم الروح، وزيَّنه بالحرية والذكاء ليصبح صورة مصغرة له بين جميع خلائقه .

2. إن هذا العقل المدبر وبالرغم من ظهور بعض الفوضى وانهيار مؤقت للعدالة، وانتصار ظاهري للشَّر، فهو يمهيمن على كل شيء ويسيطر ويسود على كل الكون ويتمتع بسيادة عظمى، ويتحرك عبر التاريخ، متحكماً بمصائر الشعوب والأفراد على السواء.

3. إن هذا العقل المدبر للكون يعتني بخلائقه ويمتاز بمحبة لامتناهية تجاه أبنائه البشر، من الصعب استقصاء نوع تلك المحبة، ومع ذلك يجب الوثوق بها .

وعليه فبدون التسلح بتلك العقيدة ستغدو حياتك على الأرض أشبه بسفرة في مركب تَمْخُر عُباب خضمِّ متلاطم الأمواج، وسط عواصف هوجاء تتقاذفه الأمواج بدون رحمة، فما من ربان يهديه ولا من دفة توجهه، ولا من ميناء يؤمه، وستغدو فريسة سهلة لوحش الإحباط واليأس، ولكن في اللحظة التي تجعل تلك العقيدة والإيمان نقطة ارتكاز لرحلتك القصيرة على هذا الكوكب ,فإنك تترك قيادة مركبك لربان ماهر قاهر، يمسك بدفته ليوصلك إلى مرفأ الأمان بسلامة، فالإنسان الذي لا يخضع لله يخضع للفوضى .

ما هو سر نجاح العظماء ؟
إن سر نجاح العظماء الذين تركوا بصمة فخر واعتزاز في التاريخ البشري، يكمُن في أنهم جميعاً تبنوا تلك العقيدة وآمنوا بوجود إله عظيم يدير هذا الكون بحكمة، فأدركوا الهدف الذي خلقوا لأجله،هذا النجاح بدأ بفكرة تبنوها واختمرت بكيانهم، ثم مالوا إلى تحقيقها في عالم الواقع، لقد أيقظوا مواهبهم من سباتها العميق فاستفادوا وأفادوا البشرية وهذا ما لخصه لنا الفيلسوف( رِسكِن Ruskin) بقوله :
إزرع فكرة... تحصد عملاً
إزرع عملاً... تحصد عادة
إزرع عادة... تحصد خلقاً
إزرع خلقاً... تقرر مصيراً.

إحذر!
ان المجتمع بشرائحه المتعددة يحاول قتل وتبديد حلمك قبل ان يتحقق , اما انا فاقول لك تشجَّع وانطلق ,لا تكترث لهذه الاقوال، حطِّم حاجز الخوف، واصل المسير نحو الهدف، فالله في عون العبد ما دام العبد في عون نفسه.
إن اغلبية العظماء على مر التاريخ البشري , والذين حققوا اهدافا عالية واجههم وابل من القوى السلبية التي حاولت تبديد حلمهم قبل ان يتحقق ، لكن بايمانهم واصرارهم ومثابرتهم التي لا تعرف الاستسلام, سبحوا عكس التيار , تيار المقولات والخزعبلات العقيمة التي لا تصب إلاّ في مستنقع الخمول و"الروتين" المألوف, فتركوا بصمة فخر واعتزاز على صفحات التاريخ البشري .

أهداف عالية
أخي العربي ضع أمامك أهدافاً عالية، واسعَ إلى تحقيقها، في بادئ الأمر ستواجهك عراقيل وصعاب تحاول كسر معنويتك وتدعوك إلى الاستسلام، فلا تستسلم للخوف، فإن الخوف هو العدو اللدود لنجاحك، وهو السجن الذي تفرضه على نفسك لتبقى داخل قوقعتك، فيمنعك من تحقيق الهدف الذي خلقت لأجله، فالأشخاص المنقادين بالخوف يفقدون غالباً فرصاً عظيمة بسبب خوفهم من المجازفة، واصل طريقك إلى الأعالي غير آبه بالصعاب، لأن تلك التحديات تساعدك على اكتشاف الخبرة من الحياة، فتشكلك لتكتمل شخصيتك لتحقيق هدفك، فإن كثرة الاحتكاك بالصعوبات هي التي تشعل الشرارة الأولى لمواهبك .

ضع أمام عينيك دوماً تلك الكتابة التي نقشوها على ساعة شمسية في جامعة اكسفورد: "الساعات تمر وسوف تُؤدي عنها حساباً" . باستطاعتك تصميم مستقبلك بيديك وأن تغير العالم للافضل ، وأن تحدث أثراً عميقاً في عصرك، وأنت قادر على جعل هذا العالم قبل أن تتركه أفضل مما كان عليه عندما دخلته . واخيراً..أخي العربي : لا تحزن.... لا تستهِن بالقوى الكامنة فيك، أنت لست صدفة، لقد خلقت لتكون عظيماً واعلم علم اليقين بأن الرجال والنساء الذين غيروا وجه التاريخ للافضل تشكلوا بمطرقة الألم وازميل المحنة !

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة