الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 00:02

متاهة المفاهيم... للشباب الفلسطيني في الضفة الغربية/ بقلم: عدنان الشعراوي

كل العرب
نُشر: 11/01/14 15:23,  حُتلن: 07:27

عدنان الشعراوي في مقاله:

علينا الآن أيها الشباب الفلسطيني الجلوس جميعا عند شرفة وأن نعد شعارات جديدة لحراكاتنا وثوراتنا القادمة

يجب أن لا يترك الشباب الفلسطيني الوطن تماما كما الأدوية في متناول الشيوخ والكبار الهرميين وأن لا يكتبوا كثيرا على الحيطان فطالما قلنا أن للحيطان أذان 

نريد ثورة بلا حواجز تفاوضية وتنسيقات أمنية مع المحتل وان لا يجني من عادوا وفي احضانهم الحلم لكي يضحوا بعد حين حراسا لنوايا المحتل بقصد او لربما يكونوا قد سقطوا في هذا الشرك سهوا

لا يمكن أن تكون فلسطين بنت العالم القديم فقط فأركض أيها الشاب فأنت النهر الجارف الذي يطهر الوطن من حالة المستنقع الضحل من كل أحتلال وعفن وطحالب الكراهية والظلم وهتك الحقوق والتطبيع وسوق الشعارات

هل يستطيع الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية، بمختلف ألوانه وتوجهاته وما بينهما، من فهم ميل العالم أن يكون جديدا، ونزعته للمضي للأمام؟ وهل هذا الشباب قادر على تلمس مستقبله رغم القصف الهائل الذي يتعرض له من قبل المؤسسات والبرامج الدولية، والإندثار والتهالك الفصائلي، والوطنية الجوفاء وشعارات التسويق الشخصي للمسؤولين؟ فلا حدود للروايات، أصبحنا فرجة، وأصبح هناك شرخ ونفاق غريب عجيب.... إلي ضدك كيف يصوره، وإلي معك كيف يصوره !!! فالقتل والكذب في العرف الفلسطيني كما العربي، متلازمان. والكذب يسبق القتل. ولكي نفهم، يجب أن نتوقف عن الاستغراب عاطفيا، ونستوعب مجريات الأمور، وسرعة التحول والتغير. وتبني فكر ثاقب ونقدي..

فبما أن هذا العالم الجديد لا يوجد، من وجهة نظر شبابنا، فإن شبابنا الفلسطيني مطلوب منهم أن يخرجوا ليتدبروا فيسبوكهم، ومواقع تواصلهم الاجتماعي... كأن يلتقطوا صورا لوجوههم قرب دوار، أو إعلان ضخم على مفترق شارع بني وعبد هدية ورعاية من (UASAD). أو قرب إعلان عن ورشة عمل برعاية مؤسسة(NGOs)، أو مؤسسة من إنتاج إتفاق أوسلو، أو قرب نافورة مستحدثت في وسط شارع. فصورة قرب هذه النافورة من أجل خصوبتهم، بأن يقفزوا قرب سرب بط متخيل، لحلم بأمن وبوطن، كرصيد جانبي للجنون.

شعارات جديدة
عند ذاك، سيكون علينا الآن، أيها الشباب الفلسطيني إذن، الجلوس جميعا عند شرفة، وأن نعد شعارات جديدة لحراكاتنا وثوراتنا القادمة. من أجل أن نصحوا من سكرات الحياة مفاوضات، وأن نحرص على أن لا نقع في جب: إذا الشعب يوما أراد الحياة، لأن الحياة هي من تريدنا رافضين للإستسلام والركون للنفاق والمزايدات والتملق والفساد وبيع الأوطان. أكثر، لا بد أن تريد شيئا آخر ذا قيمة وأهم ..... إذا الشعب يوما أراد الأوطان، لا بد أن يقطر من جسمه دما، وقادر على دفع الثمن . فهذا الوطن العزيز يترنح الأن مثل الثمرة المعطوبة التي توشك على السقوط، والكل يتفرج بل ويتواطأ. عند ذاك نكون كما قال محمود درويش: " تبا لهذا الفساد.... وتبا لبؤس العباد الكسالى.... ترى من الشعب يا شعب؟... وهل كل كائن يسمى مواطن؟..".

لذا يجب أن توضب المظاهرات توضيبا آخر، وأن لا تكون هناك صفوف خلفية، وأن لا يكون هناك سعال وقلب يخفق فوق العادة ... أن نكون كاملي الفيتامينات والبروتينات، وكل ما يلزم السعاده بالمقاومة، ورسم الحلم بتصويب المسار ولدرء الأخطار. وأن نجابه الغازات المسيلة والمسممة بالأهانات والضربات والتحرشات وأستعراض العضلات، بالقهقهات. وأن نكون على قناعة من أن سبت طبيت غاضبة من الخيانة والتنازل عن الأوطان في وجه رجال الأمن المعولمين والمهندسين والممولين لحماية الأخر، هي لا يمكن أن تسيء لأي زميل ومشارك في- هو وهي - هذا الرفض، لهذا النهج التنازلي والتطبيعي. بقدر ما هي صرخة في وجه هؤلاء الدخلاء الغريبين عن أخلاقنا وقيمنا  صارخين في وجوههم ردا على أتهامنا نحن الشباب بالعبث، نحن الشباب نعبث لينطلق المستحيل، ونكتبه على ألواح الحياة، ونعبث لئلا يضيع منا الجميل وينكسر. لأن هناك حاجة ملحة إلى أن نقول كل شيء، لنتخلص من ثقل أشياء عدة، ترمي بثقلها على الذاكرة، كما على الجسد والروح . لأننا نشعر أن كل سنوات الحياة تهرب، ونحاول أن نلتقطها، ونستوقفها ونستدعي كل شيء مجددا.  أن نحمل الخصوية في الوعي والفكر كشعار الشعارات: نعم سنتوالد من هذا الرحم الفكري الرافض لكل ما هو نتاج تيار التفاوض العبثي ...... نعم الشعب يريد أن يطير ويحلق بثوابته وبعودته وبحق تقرير مصيره...... لأن هذه أرادة الشباب وأيمانهم بحق وطنهم وكامل ترابهم في الحرية والكرامة والأنعتاق من المحتل. جعلهما يحققان على أرض الواقع ما قاله الشاعر أبن الرومي منذ قرون:
لي وطن أليت ألا أبيعه وألا أرى له غيري مالكاً.

نحن نريد ثورة
أن لا يترك الشباب الفلسطيني الوطن، تماما كما الأدوية، في متناول الشيوخ والكبار الهرميين. أن لا يكتبوا كثيرا على الحيطان، فطالما قلنا أن للحيطان أذان !!! وربما التفكير في أسقاط الحيطان المستقرة في الأذان. كما يقول أحد شعارات الثورات الأوروبية. وأن لا نترك أطفالنا يخلطون بين الألوان ..... رغم بعض الثقوب في الأنف والحاجبين. وأن لا ننسى الشدة من فوق ثاء الثورة، حتى لا تتناقص نقاط الثاء إلى تاء أو نون. وأن لا ننسى أيضا أن نمسك بالطين وبالفلس، لآن لولا الطين لما كان هناك شجر زيتون غارس جذوره منذ قرون خلت، ولا نبات الزعتر المكمل لوجبت الفطور مع الزيت. والفلس الذي أرتضى أجدادنا به عملة وقيمة للتداول به على هذه الأرض. وتنافس وتخاصم وتقاتل من أجل هذا الفلس مسؤولينا وقسموا الأوطان، وتاهوا في صراعات الزواريب والأزقة. عند ذلك يمتزج الفلس بالطين ويأتي مخاض الحمل مبشرا بمولود أسمه فلسطين... وأن لا نركض وراء هدف أنهكوا مسامعنا به أغنيات وشعارات. تبا لأهداف الثورة التي تنازل رافعيها أمرا أو أغراءا. فتنازلوا وفشلوا ولم يستطيعوا حماية ولا تطوير أهداف نضال حركة تحررهم، ليعلنوا أنهم غادروا مواقع حركات التحرر.
نحن نريد ثورة بلا حواجز تفاوضية، وتنسيقات أمنية مع المحتل، وان لا يجني من عادوا وفي احضانهم الحلم لكي يضحوا بعد حين حراسا لنوايا المحتل بقصد، او لربما يكونوا قد سقطوا في هذا الشرك سهوا . ونريد شعار " عوده، حريه، كرامه وطنيه"، ثورة كما هي . أن لا نخطىء في رسم الهمزة في الأخبار العاجلة، خاصة تلك الأخبار المتعلقة بهمزة المرأة الواقفة. أن نترك مجالا للسريالية أن تحل المشاكل الريالية (الواقعية) الداخلية الفلسطينية والتي أكثرها على تقاسم الحصص أكثر من التزاحم على أداء الواجب الوطني. أن نحترم نحن الفلسطينين أستخدامات اللغة التي تختلف عن العلكة التفاوضية الطويلة الأمد، ونسقط كلمات مثل: (أتفاق أوسلو،المرحلة الأنتقالية، المفاوضات، وتقريب وجهات النظر، والدوله المؤقته، والمسار الأنتقالي، والتنسيق الأمني، والحكم الذاتي، وأتفاق الإطار، والتطبيع). ونسقط أيضا، تقسيمات الديمغرافيا، والجغرافيا: مناطق(48، 67، مخيمات ولاجئين ونازحين وشتات). ومناطق وتقسيمات أوسلو:( A,B,C ). H1, H2)). وأن نسقط كلمات التنمية السراب والوهم، والغير مبنية على تنمية مرتكزت على الناس ولأجل الناس. وغير ذلك من مصطلحات البنوك والقروض والرواتب لنصل لقول " أتسع الرق في ضيق الراتب". وغير ذلك من مصطلحات جلبتها النكبات والنكسات علينا.

لتكبر أيها الفلسطيني 
لهذا يسقط المتراقصون فوق الأزمات الواقعية، والإنقسامات الفصائلية، والتجارة التفاوضية بكلام بارد. وكل هذه العلكات الأوربتيه التفاوضية.. يسقط هذا القاموس المزدحم التافه الكريه الذي لا يختلف كثيرا عن الباندول الموجه مشكلات ضرس مثقوب في فم أنهكنا كذبا وشعارات.  أضحك أيها الشاب الفلسطيني، الرافض المقاوم. ولا تفكر فيما يقول الكهول، والهرميين والمتناقصيي الأسنان، والتفليي اللسان، والمتكلسين بالكرسولوجيا، وبالرتابة والنمطية... " أللهم أعطنا خير هالضحكة". أضحك ولا تهتم بشفتي الجمل الضاحك لأول مرة لتنفلقا !!! قل " أنا " أيها الفلسطيني دون تخفيض منها بأعوذ بالله من كلمة أنا. لتكبر أيها الفلسطيني ولا يهمك، فليس عليك أن تفكر في أنه " لا يكبر في داره إلا القرع (اليقطين)" . فأين ستكبر إن لم تكن في دارك؟ وماذا لو كنت يقطينا وكبرت، لتسقط الأمثال الشعبية التي جاءت تحت تأثيرات الإستعمار والإحتلال ووكلائه . وتسقط الأسطورات الخيالية والمستنقعات الضحلة التي شيدها الماضي الملغم بالإحتلال والظلم والكراهية والأقصاء، صروح وهم في مخيلاتنا، وقيود ورقيب على تفكيرنا وأبداعنا وتجسيد حلمنا كسائر الشعوب....

لذا لا يمكن أن تكون فلسطين بنت العالم القديم فقط. فأركض أيها الشاب فأنت النهر الجارف الذي يطهر الوطن من حالة المستنقع الضحل من كل احتلال وعفن وطحالب الكراهية والظلم وهتك الحقوق والتطبيع وسوق الشعارات.... أركض خلف حلمك، وحلم شعبك، وخلف أشيائك، بما في ذلك سعادتك، لأن بك أرض فلسطين تزهر. أركض وراء وصولك، أركض من أجل ألف شهوة..... بما في ذلك الحرية والوطن الشهيد والأسير والعودة والقدس والكرامة والعدالة.... فأركض من أجل مواطنون أحرار في وطن حر وحر... فأركض فعالم شعارات الكهولة القديم بتعاسته وتنازله يركض وراءك!!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة