الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 06:02

من رحم هذا الشعب على الشباب الإنطلاق/ بقلم: عزات فرح

كل العرب
نُشر: 04/01/14 13:54,  حُتلن: 07:50

عزات فرح في مقاله:

القهر والاستبداد سيّدا الموقف لدى الاقلية العربية الفلسطينية فالظالم ينهش ميزانيات السلطات المحلية العربية ويقلل ّ مساحة ارض العربي

الظلم الواقع على شعبنا يغتال احلامنا وضيّق على الاجيال الصاعدة في كل مجالات الحياة الانتاجية التثقيفية التعليمية والحياتية الاخرى

هل الورق مطفاّة للذاكرة؟ كتب الصديق والجار خليل كريني ابو ابراهيم كتابا متواضعا ضمّن نشاط لجنة اليوبيل في كفرياسيف اواسط سنوات السبعين من القرن الماضي. فكتبت له اقول: ان الواقع المرير الذي تعيشه الاقلية العربية في هذه البلاد: والظلم الاّليم الواقع على رقاب العباد والمؤسسات المدنية لا يقاس فهو شرس الى ابعد حدود التصّور والخيال.

القهر والاستبداد سيّدا الموقف لدى الاقلية العربية الفلسطينية فالظالم ينهش ميزانيات السلطات المحلية العربية ويقلل ّ مساحة ارض العربي فيشرعن سرقة الارض ويبتلع القسم الاكبر منها بحجج واهية لا تصمد امام واقع الحياة والتاريخ في بلادنا. وكان هذا الظلم البشع من الطبيعي ان يحرّك مدّا جماهيريا رافضا له ويعزّز نضال الجماهير العربية الصامدة في وطنها والمتتشبّثة بارضها. هذا الظلم الواقع على شعبنا يغتال احلامنا وضيّق على الاجيال الصاعدة في كل مجالات الحياة الانتاجية التثقيفية التعليمية والحياتية الاخرى.

يحدّدون للشباب العربي نوافذ الحياة الجامعية ويضيّقون الخناق في المواضيع وفي شروط القبول فيهرب كثيرون الى الخارج ليتعلموا تحت طائلة التكاليف الباهظة التي يرزح تحت كاهلها الاهل المنسحقون اصلا. يحاولون ان يسدوا كلّ باب للفرح وان يسرقوا احلام الناس من كل حدب وصوب. في مثل هذا الوضع الاليم وعلى ضوء تجربة الحياة في كل مكان مشابه، خاصة تجربتنا، يجدر بنا الّا نفقد احلام حياتنا المتطلعة، ابدا، الى غد انساني كريم، حر، راق وافضل، وان نتوحّد في سبيل المصلحة العامّة حتى نقهر جحافل الظلم والاستبداد.

لا شك في ان المبادرة النشطة، الواعية، المتألقة والمصممة في بذل الجهد والعطاء لانجاز مشاريع حيوية من بناء وترميم، شق شوارع، بناء مدارس واقامة مؤسسات تعليمية تعم البلدات العربية وتلبي طموحات واحلام الشباب، ويشكّل كل هذا افضل رد على سياسة الظلم المذكورة، لكن كل هذا يفترض من يبادر اليها وينشط في رعايتها ويحرص على تحقيقها من رحم هذا الشعب المحروم المظلوم ان يبدأ حياته، فينطلق كطائر العقاب فيعمل على دعوة كل الشباب الى التعاون والتكافل والتبرع السخي، حينها سيتحرك اكثر الناس ويهبّون نهوضا ملبين هذه الدعوة الكريمة الخلّاقة البنّاءة وحينها تنصهر اكثريّة شعبنا المظلوم في بوتقة اجتماعية تبرعيّة لا مثيل لها، الشباب يعمل بجهد لمصلحة البلدة، النساء تجلبن ما تيسّر من طعام وشراب في كل الحارات، مزغردة تعطي بالمشاركة الفرحة، كل حسب امكانياته في كل الحارات، وتشارك النسوة والفتيات الى جانب الاخوة والشبان والرجال وتنتصب البلدة -لا احب ان اسمي كفرياسيف قرية فهي بلدة- متماسكة ومتكافلة، خاصة عند الضرورة الحياتية في مواجهة المصائب والمحن .

العمل التطوعي 
اذكر كل هذا وانا اطّلع على بعض ما رواه وخطه الجار خليل كريني عن تجربة العمل التطّوعي في بلدتنا، احد الناشطين البارزين في تلك الفترة الغنية بعبرها، دروسها وتجاربها المثقفة والمهذبة، انسان اطلقنا عليه اكثر من لقب منها: ابو العمل التطّوعي امدّ الله في عمره وسدّد خطاه، سجّل في ما كتب حقائق فترة اليوبيل، مرور خمسين عاما على تأسيس المجلس المحلي عام 1975، تلك الفترة كما اذكر من 1975 حتى 1978 وما بعدها حتى بداية النصف الثاني من الثمانينات.
يومها شمّر الناس عن سواعدهم ومدّوا هذا المدّ الجماهيري من جيوبهم على اختلاف مشاربهم وطبقاتهم الاجتماعية ومن كل الحارات دون فرق بتاتا وكما قال شاعرنا المفوّه الاستاذ احمد الحاج:
افدي الذي وهب الحياة لشعبه لا يدّعي منّا ولا معروفا
افدي الذي كره الهوان بعزّة من كان للضيم المذل عيوفا
واقبلّ الارض التي من خطوة شرفت وظلّ منزّها وشريفا
فشكرا لهذا الرجل الذي حطّم رقما قياسيا في محبّته لبلدته كفرياسيف، سهر كثيرا ليخرج هذا الكتاب الى حيّز الوجود. وشكرا لهذا الشعب الفينيق الذي ينتفض ويرتفع من بين الانقاض والف الف تحية لابطال التبرع وليكونوا قدوة للشباب في كل مكان.

في هذه الايام التي اصبحنا فيها وبسببها نخشى ان تكون وبالا علينا جميعا بسبب ما نشهده من عنف وانحراف ولا مبالاة في هذه الايام صرنا نردد، ليت الزمان يعود لتلك الايام لعل هذا الشعب يستفيق مرّة اخرى. في تلك الايام تسربلت بلدنا بثياب العز المنبعث من نخوة شبان صبايا العمل التبرعي. انني اشعر ان كلمات كتابه موجّهة اساسا وعمدا للاجيال الشابة تدعوهم وتحفّزهم على النهوض والوحدة لما فيه المصلحة العامة. بدوري كمعلم وكمدير سابق للمدرسة الثانوية رأيت لزاما عليّ ان اقول لو القليل الموجز وأجدني ملزما بتأكيد حقيقة ان الشباب اليوم كما في السابق متعطّش للعمل التبرعي والمهم ان نتحرّك لنحرّكه ان نبادر ونجنّده لهذه المبادرات المعطاءة. المهم ان نبدأ مستفيدين من تجاربنا وتجارب الآباء وتجارب الّاخرين حينها سنرى الشبان، صبايا وشباب يتوقون لهذا العمل ويتجنّدون له، ويسهمون فيه بكل جد، همّة عالية، عزيمة مضحية .حبّذا لو ارتقينا ببلداتنا الى هذه الوح المليئة بالبذل والعطاء.. اتصفّح تعاستنا بعد كل هذه الاعوام، فيعلق الوطن حبرا اسود في يدي.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة