الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 08:02

مخططات تهجير عرب الداخل – كقطعة الزجاج في حلوقكم باقون/ بقلم: إياد سعيد اغبارية

كل العرب
نُشر: 04/01/14 13:10,  حُتلن: 07:51

أبرز ما جاء في المقال:

تزداد شهية الإستيطان في القدس وفي جميع مناطق الضفة شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً وتزداد عربدة المستوطنين

إسرائيل التي طحنت عظام العرب على مدار عقود وعظام الفلسطينيين على وجه الخصوص تحاول اليوم طحن ما تبقى من القضية الفلسطينية

إسرائيل تجد أن الفرصة في هذه الأثناء سانحة أيضاً لتمرير جرعات من الإرهاب الفكري والمعنوي علينا نحن الفلسطنيين المنغرسين في أرضهم في الجليل الساحل المثلث والنقب


مجدداً، كما هو معتاد مع بداية كل جولة مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين يبدع "العقل اليهودي" في إستنتاج (وفي هذه الحالة إجترار) الحلول للقضية الفلسطينية المصلوبة على عامود الضمير الإنساني منذ عقود ولم تجد لها لو منصفاً واحداً يذكر إسرائيل بأدنى الحقوق الإنسانية التي تولد مع الإنسان والتي لا يحق لأي كان أن يمس بها أو أن ينتقص منها، فإسرائيل التي طحنت عظام العرب على مدار عقود وعظام الفلسطينيين على وجه الخصوص تحاول اليوم طحن ما تبقى من القضية الفلسطينية خاصة على ضوء إنغماس الفلسطينيين فيما بينهم في تبادل الشتائم والتهم من على شاشات التلفاز وموجات البث المباشر وساعات البث المفتوح الذي يفتح فيه المجال أمام الجمهور للمشاركة ولكل من عنده تهمة أو شتيمة يحب ان يوجهها للطرف الآخر، فيما يراقب اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون في جميع أنحاء العالم ما يحدث وقلوبهم تعتصر دماً حسرة على هذا المئال المخزي الذي وصلت إليه الأمور بين أطياف الشعب الفلسطيني المحاصر، الجائع، المشتت، المنهوبة آراضيه، المحروم من أدنى حقوقه بالعيش بكرامة، المستعبد في لقمته، المكسور جناحه بسبب ما يحدث في العالم العربي، المتروك وحيداً يواجه آلات القتل، والنهب والسلب والتآمر على مستقبل وطنه وقضيته.

في هكذا أوضاع تزداد شهية الإستيطان في القدس وفي جميع مناطق الضفة شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً وتزداد عربدة المستوطنين الذي وجدوا أن الفلسطينيين قد تفرغوا للنيل من انفسهم بأنفسهم ولتقسيم المقسم والتناحر على الفتات الذي لا يغني من جوع ولا يروي من عطش، فيتفرغ قطعان المستوطنين ليعيثوا خراباً أينما حلوا، ويقتحمون القرى والمدن متى شأوا ويرهبوا الكبير والصغير، الرجل والمرأة، ويكتبوا شعاراتهم على الجدران ليذكروا الفلسطينيين من هم أصحاب الأرض "الحقيقيين" هنا.

الإرهاب الفكري والمعنوي
وبالتزامن، تجد إسرائيل أن الفرصة في هذه الأثناء سانحة أيضاً لتمرير جرعات من الإرهاب الفكري والمعنوي علينا نحن الفلسطنيين المنغرسين في أرضهم في الجليل، الساحل، المثلث والنقب. فتارة تستأسد "دولة القانون" على "المنفلتين" في النقب لتفهمهم معنى "الحضارة" بالطرق التي "يفهمها العربي" التي غالباً ما يرافقها عروض عسكرية للجيبات المصفحة، لقوات الخيالة، القوات الرجالة المدججة بالعصي والهراوات، قنابل الغاز والرصاص المطاطي التي تحاول من خلالها "ترويض" العربي على الركوع أمام الجلاد حتى ولو تم هدم بيته على رأسه، فهذا هو قدر من يعيش على أرض "ليست له"، ثم يأتي اليوم دور المثلث لتقوم ثلة من الحاقدين على كل ما هو غير يهودي على هذه الأرض ليحاولوا "إفهامنا" مجدداً بأن وجودنا هنا عفوي، خطأ يلم يتم علاجه في حينه، سقوط سهو، غلطة وندمت عليها الدولة، وأحياناً قد يصورا ذلك كمنة منهم وأحياناً اخرى كأنه إضطراراً، ليس هذا فحسب، لا ينفكون عن تذكيرنا من حين لآخر بأن مكاننا ليس هنا، وبأنه يتوجب علينا البحث عن مستقبلنا في مكان آخر وأن وجودنا هنا يخضع لعلامات إستفهام، مجدداً يحاولون ومجدداً سيفشلون لأن هذه المحاولات لن تمر، هم دائماً ما ينسون التفاصيل الدقيقة التي تربط ما بيننا وبين كل ذرة تراب من هذه الأرض، فنحن نعرف جيداً من نكون، ونعرف جيداً أين تمتد جذورنا، من أين نبتنا، وكيف كبرنا وإلى أين تصل فروعنا وأغصاننا، ونعلم أن شرايينا متأصلة في تراب وحجارة هذه الأرض الممتدة من رأس الناقورة حتى أم الرشراش، ونعلم كيف أن هواء هذه الأرض يكتنف خلايانا حينما نقف على مئذنة مسجد طبريا فتكبر (تكبير) فيها الأشجار وتحل البركة في في الأسماك فتطفو وتحملنا النشوى لنمشي فوق الماء وإن لم يحملنا الماء حملناه ولكن لا نغرق، ينسون أن لنا شرفة على جبل الجلبوع نقف على عتباتها لنصلي ساعة عصر فنرفع أيدينا نبتهل، فيعلوا صوت التكبيرات الآتي من عين جالوت ونسمع صوت خيول تهدر وصليل سيوف وجحافل ظلم تركع، ينسون أن جراحنا لا تغتسل إلا بمياه الأردن (نهر الأردن) قبل كل صلاة فجر، ينسون أن لنا في حطين الدفئ حينما يكتنفنا البرد القارص في ليل شتاء ماطر فيشتعل القمح هناك، ينسون أن لنا في جبل القفزة أرجوحة ننام عليها كالأطفال حينما يرهقنا الوجع فيوقظنا الشوق إلى المدى فنقفز للطور، وينسون أن لنا في يافا ليمونة لا زالت تثمر، وفي الكرمل صخرة تطل على البحر، ينسون أن في مرج إبن عامر يحتشد القمح، ينسون أن لنا في عكا غواص ينتشل الدر، وينسون أن لنا في القدس أبواباً لا تغلق ومحراباً تصلي به الإنبياء، ولنا ولنا... فإن نسيتم فذكروا وإذا إستطعتم إفهموا، أن أحلامكم قد سفهت، وأكاذيبكم قد كشفت، وبضاعتكم قد كسدت، ورهاناتكم قد أفلست، رغم أنوفكم باقون.
وأختتم بهذه الكلمات من قصيدة "هنا باقون" للشاعر توفيق زياد:
هنا .. باقون

كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
هنا .. على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا .. على صدوركم باقون كالجدار

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة