الخوف هو شعور طبيعي يحتاجه الإنسان العاقل لحمايته من مخاطر الحياة اليومية. شعور الطفل بالخوف بعد جيل الثانية هو برهان على نضوجه العاطفي

تنبع تلك المخاوف بسبب النضوج وضخامة ما يراه مقابل ضعفه أمامها. هذا لأنه أيضًا ليس بمقدوره فهمها، تفسيرها أو القدرة على التغلب عليها

مخاوف طفلي المفاجئة، كيف أتعامل معها؟
سؤال:
في الفترة الأخيرة أصبح ابني البكر (جيل 5 سنوات) يخاف كثيرًا. يفاجئني بخوفه. لا يترك ثوبي كلما أتنقل في غرف البيت. يلحق بي حتى حين أدخل الحمام لقضاء حاجتي. يرفض النوم بسريره وبغرفته. هل السبب هو غيرته من أخيه -عمره 6 اشهر-. أنا لا أبخل عليه بوقتي قدر المستطاع.
الرجاء الرد بسرعة لأنني لا أعرف كيف أتعامل معه!

الجواب:
لا للقلق. الخوف هو شعور طبيعي يتميز به كل طفل، خاصة في مرحلة طفلك العمرية الحالية. أعدك بأنه سوف يعبر تلك المرحلة العمرية بسلام طالما تحترمين مشاعره المرحلية الآنية.

الهام دويري تابري

ما أسباب خوف الطفل في تلك المرحلة؟
الخوف هو شعور طبيعي يحتاجه الإنسان العاقل لحمايته من مخاطر الحياة اليومية. شعور الطفل بالخوف بعد جيل الثانية هو برهان على نضوجه العاطفي. من الطبيعي أن يشعر طفلك بخوف من حالات، مثل، صوت غريب غير متوقع، حالة مخيفة مفاجئة يمر بها، عتمة، غياب أمه عن عينيه، تخيل بطل أسطوري مثل عملاق، غول، أشباح إلخ... في أحيان كثيرة تمتد حالة خوفه من عناصر كهذه حتى جيل الحادية عشرة وأكثر. تنبع تلك المخاوف بسبب النضوج وضخامة ما يراه مقابل ضعفه أمامها. هذا لأنه أيضًا ليس بمقدوره فهمها، تفسيرها أو القدرة على التغلب عليها.
كثيرًا ما ينبع خوفه أيضًا بعد وقوعه بتجربة قاسية تركت بذاكرته أثرًا قويًّا. كلما تذكرها تعود وتظهر في مخيلته: حريق، زلزال، غارة جوية، حادث اصطدام حصل أمامه، موت إلخ...

ماذا يضره أو يضايقه حين يشعر بالخوف؟
كثيرًا ما يضايق الطفل الخائف استغراب أهله مما يخاف. تسكيته أو سخريتهم أثناء مروره بحالة هلع وعدم توازن من حالات غامضة. هناك بعض الأهالي يرفضون حالته ويحاولون انكارها. يستخدمون عبارات تقهره مثل، ( ما في شي بخوّف، مش عيب عليك تخاف؟ بتبكي من صياح ديك؟ إنتِ صرت زلمة والزلام بتخفش. عشو كل هالخوف؟...).
من المسموح للصغار وللكبار الشعور بالخوف عند مواجهة حالات صادمة وغير متوقعة.

كيف يتغلب الطفل على شعوره بالخوف؟
من المهم أولاً وقبل كل شيء الاعتراف له بشرعية مشاعره. ( إنتِ خايف ومتضايق عشان...). ثم الانتقال لاستئذانه بتقديم المساعدة بالقول: ( كيف بقدر أساعدك؟) ثم السكوت والانتظار. ربما يقدم اقتراحات وربما يواصل الارتجاف بحالات خوفه الشديد. بعد برهة قصيرة يمكن الاقتراح عليه، حضنه، غمره، الخروج من المكان، إنارة الغرفة، بعث موسيقى هادئة تشغله عن الأصوات، الخيالات التي يراها أو يسمعها... ربما مشاهدة ما يسمعه للتعرف عليه يفقده شكله المفزع، غموضه ورهبته...

هل وجود مولود جديد له علاقة بمخاوفه؟
بالطبع. هو يعيش حالة من الغيرة بسبب قدوم المولود الجديد تفقده اطمئنانه. وجود سرير المولود بغرفة نوم أهله يسبب له القلق. التغيير جعله يعيش حالة من الغموض العاطفي. احتل القادم الجديد مكانة وأصبح شريكًا له بحضن أهله واهتماماتهم و... فلكي يضمن ثبات رابطه العاطفي أصبح يطالب بالنوم بسرير أهله لاستعادة شعوره بالاطمئنان. انشغال الأم بخدمات المولود التي لا تنتهي من رضاعة، استحمام، تغيير حفاظات وغيرها جعله يزداد قلقًا وغيرة وخوفًا على موقعه. تلك حالة عاطفية طبيعية غير مطمئنة.

ماذا يحتاج طفلك للتعويض العاطفي؟
طفلك يحتاج لتخصيص وقت لبعض تغنيج واهتمام فردي بعيدًا عن القادم الجديد. من المهم أيضًا المحافظة على هدوء أعصابك وعدم توبيخه أو التأفف من حالته.
أنصح بمرافقته ( أحد الأبوين) لمكان لا يتواجد به أخوه معه، للقيام بأنشطة مسلية وفعاليات حركية يرغب بها. ربما الخروج بنزهة سيرًا على الأقدام. أثناء السير يستحسن التحدث إليه بمواضيع متنوعة تخصه لوحده من غير وعظ أو ذكر أخيه. ربما إجراء حوار عن يومه في الروضة أو ترغيبه بالتحدث عن اهتماماته وعن أصحابه و... تبادل زيارات مع أصحابه.
أنصح بكثير من فعاليات حركية وأنشطة رياضية تساعده على النوم الطبيعي والهادئ في نهاية اليوم. مع مر الوقت سوف تتلاشى تلك الظاهرة المرحلية والمؤقتة.
وأخيرًا ربما تسألينه مرافقتك عند انتقالك لأي مكان في البيت، وذلك لإبعاد عنصر المفاجأة، وكأنك أنت التي بحاجة إليه وليس هو. أسلوب درامي كهذا يجعله يشعر بثقة ومسؤولية تجاهك.
----------------------------------------------------------
انضموا الى صفحتي على الفيسبوك "الهام دويري تابري "لتلقّي أسئلتكم وللمزيد من التواصل.
عنوان موقعي الالكتروني: www.darelham.com
عنوان بريدي الإلكتروني: elham@darelham.com
لتعيين موعد زيارة للاستشارة التربوية الفردية، الاتصال على رقم هاتف: 6014425-04