الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 01:02

الحراك الشبابي - انتم تجددون الثقة بالعمل الجماهيري/ بقلم: البروفيسور أسعد غانم

كل العرب
نُشر: 07/12/13 12:12,  حُتلن: 15:30

البروفيسور أسعد غانم في مقاله:

هنالك مصالح وحاجات وانجازات لهذه الشعوب اهم من الانتماء السياسي والحزبي والمذهبي والديني والقبلي

من قام بتنظيم العمل الوطني العام قام بذلك منطلقا من انضباطه الوطني ولكونه فلسطينيا ملتزما بهموم شعبه وليس لانه منتظم في حزب معين

العداء للتحرك الشبابي لا يأتي من جهة السلطة فقط لكنه قد يتمثل في محاولات الاحتواء والتصفية الداخلية من قبل القوى المنظمة التي كان من المفروض والمأمول ان تقود عملية الاحتجاج وتخط طريق التغيير 

 
يجري الحديث في حلقات عديدة عن مجموعات شبابية تتحرك في اماكن مختلفة محاولة خلق حالة من المواجهة المباشرة مع تحديات اساسية تواجه مجتمعنا. تقريبا لا اعرف احدهم بشكل مباشر رغم انني قد اكون رأيتهم صدفة في مظاهرتي شفاعمرو وحيفا الاخيرتين. ترددت كثيرا قبل البدء في الكتابة، لأنني على ثقة بانهم قادرون على شق طريقهم من خلال تحسسهم المباشر لمجتمعنا ولمشاكله، وهؤلاء الذين قادوا تحضيرات جبارة وفعاليات قطرية في يوم الغضب وكللوا يومهم بمظاهرة في حورة واخرى في "جادة الحرية" في حيفا، قادرون على صياغة مستقبلهم بغير تدخل، اي انهم ليسوا بحاجة لأي توجيه ولا لأية نصيحة.

لكنني سوف اكتب عن تجربة زملائهم في العالم العربي، عن ملح الربيع العربي، الذين رفعوا العرب الى القرن الحادي والعشرين ليتحولوا الى امة ناهضة وليخرجوا الى نور القرن الاخير برغم آلام وصعاب التغيير وتخلف بعض النخب التي تدعو للإبقاء على الوضع السابق والمريض في كل بلدان العالم العربي. انهم الشباب الذين لم ولن يقبلوا بغير الدخول الى عصر تحرر الشعوب وخروجها ضد الظلمة والتجهيل والقمع الذي اوقعه بهم قادة من ابناء جلدتهم، ولا زالوا في غالبية اقطار العالم العربي يتعرضون لحملة عربية وغربية تشكك في ربيعهم وتدعي مسرعة ان الوضع السابق في مصر او سوريا هو افضل من الاوضاع الحالية، وكأن ربيعهم هو لأجل لقمة العيش وليس لأجل حرية شعوبهم مما اصابها من استعمار داخلي.

التفرغ للعمل السياسي
واول ما يخطر على البال هو التنبه لمحاولة بعض الاحزاب المنظمة والممولة للانقضاض على انجازات الحركات الشبابية وتحريف برنامجها والتدخل من أجل احداث شروخ داخلها، والتي غالبا اتعبتهم في محاولات لملمة الصفوف بدل التفرغ للعمل السياسي المباشر مقابل الواقع وتحدياته. اقول هذا معتمدا على شهادة مباشرة من خلالها ادعت قيادات من الصف الاول من قيادات احزاب وحركات رئيسية امامي بان هؤلاء المتظاهرين غالبيتهم من حزبهم او حركتهم تحديدا"، هذه المقولات غير الصحيحة في غالبيتها، وترمي الى نسب الانجاز الوطني العام والجماعي الى احد الفصائل، وهذا حدث ويحدث تاريخيا في كل مواقع النضال، ويؤدي في مرحلة متأخرة الى بداية اجهاض العمل الجماعي.

التغيير السياسي والاجتماعي
ولنفرض ان ذلك صحيحاً، فان من قام بتنظيم هذا العمل الوطني العام، قام بذلك منطلقا من انضباطه الوطني، ولكونه فلسطينيا ملتزما بهموم شعبه، وليس لانه منتظم في حزب معين، والشباب اقدموا على هذا الحراك الوطني لانهم يئسوا، كما غالبية الشعوب العربية، من الاحزاب السياسية المنظمة والتي تتحدث عاليا ولا تفعل شيئا يذكر. انهم التيار السياسي الثالث والبديل الذين وقفوا بين احزاب السلطة التي تعادي شعوبها والاحزاب المعارضة المنخرطة في نشاط يومي لاجل الحصول على الشرعية او حتى لاجل البقاء والحفاظ على المواقع والانجازات الشخصية، والتي تخلت عن دورها الريادي في التغيير السياسي والاجتماعي، كما كان من المفروض ان تكون.

الربيع العربي
هذا التيار وقف في العالم العربي، او على الاقل في دول الربيع العربي والذي لا زال ينبض رغم العثرات ومحاولات الاجهاض الداخلية والخارجية، ليقول للأحزاب وللحركات وللشعوب بان هنالك مصالح وحاجات وانجازات لهذه الشعوب، اهم من الانتماء السياسي والحزبي والمذهبي والديني والقبلي، وان الشباب الذي يتطلع الى مستقبل افضل ويستحق ذلك، هو من سوف يقود عملية التغيير، بجهده وماله ودمه وحريته التي قد تحتجز مرحليا، لكنه لن يرضى بالرضوخ الابدي لترويج الاحزاب المنظمة لأهليتها واولويتها في قيادة العمل السياسي ولا لآلة القمع السلطوي، ولا لدعايات الانظمة ومروجي افكارها حول الاستقرار المبني على القمع والانجازات الكاذبة، وهي في الواقع انظمة القرون الوسطى التي تحكم شعوبا ودولا تعيش القرن الواحد والعشرين.

ان اول ما يمكن تعلمه من التجارب الرائعة في شرق اوروبا قبل اكثر من عقدين ومن تجربة العالم العربي في السنوات الاخيرة، هو ان العداء للتحرك الشبابي لا يأتي من جهة السلطة فقط، لكنه قد يتمثل في محاولات الاحتواء والتصفية الداخلية، من قبل القوى المنظمة التي كان من المفروض والمأمول ان تقود عملية الاحتجاج وتخط طريق التغيير. طبعا هنالك حق لكل فعال ان ينتمي لاي حزب او حركة، لكن الاجماع الوطني يجب ان يكون مبدأه وهدفه، ويجب التعبير عن ذلك من خلال الاجماع والالتزام بمصالح تتعدى الانتماء الحزبي الذي فتّتنا واجهض قدرتنا على العمل الجماعي، وطبعا قام بتبذير قدرات مالية وبشريه في خلافات داخلية لم تأت بشيء.

التفكير في المستقبل
من ناحية ثانية من المفيد البدء بالتفكير في المستقبل، في الطريق الطويل مستقبلا لأجل تحقيق الاهداف. كل الثورات السابقة، من الثورة الايرانية عام 1979، والثورة المصرية، والتونسية، وبعد انجاز اهداف تلك الثورة الاولية، جرى الانتقال الى مسار سياسي منظم ومرتبط بإجراء انتخابات مباشرة، وفي كل هذه الحالات انتصرت القوى المنظمة والجاهزة، والتي قد تكون قد تعاملت مع النظام السابق لاجل حماية نفسها، حتى في عز عملية التغيير. لهذا اقول بأن التحضير للمستقبل هو جزء من العملية الثورية وفي مركز عملية التغيير، لان رجوع القوى التي اجهضت العمل السياسي وأوصلت الناس الى اليأس من العمل السياسي المنظم، بعد نضالات الشباب سوف يكون كارثه تؤسس للقضاء على ما تبقى من ثقة بجدوى انخراط الناس عموما والشباب خصوصا في التأسيس لمستقبل افضل – مستقبلهم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة