الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 22:01

محطات صباحية نصراوية/ بقلم: ملاك شريف زعبي

كل العرب
نُشر: 22/11/13 11:33,  حُتلن: 15:42

ملاك زعبي في مقالها:

اتمنى لمجتمعنا العربي فجرا جديدا وجيلا واعدا وغدا افضل

علينا أن نتعاون وندعم المستضعف وأن يمد كل واحد منا يد العون مهما كانت وظيفته ومكانته فأحياناً بدعم بسيط نزرع الامل

أدرك تماماً اننا نملك ما يكفي من مهارات علمية وابداعية وثقافية وفنية وغيرها نستطيع أن نستقطبها ونستغلها ونطورها في مجالات عدة

أحياناً تشدني الأحاديث النسويّة التي تطغى عليها روح النميمة والسذاجة حيث يتهامس بعضهن حول قصص الطلاق أو فيما إن كانت الجارة حامل أو يتهكمن على تلك "العانس" 

أفكر بالطالبات اللواتي يستغرقن ولو بمعادلة حسابية بسيطة نصف ساعة على الاقل كل صباح لرسم كحل العيون ووضع أحمر الشفاه والتبرج وكأنهن ذاهبات الى حفل زفاف وليس الى مقاعد المدارس

يمر من أمامي أناس من عدة طبقات اجتماعية منهم من يرتدي الملابس الباهظة والماركات العالمية التي باتت تجتاح عقول المواطنين عامة والنصراويين خاصة وآخرين ممن يتكئون على عكازة منح التأمين الوطني لتوفير بعض احتياجاتهم

صبيحة كل يوم، وعند انتظاري الحافلة لتقلني قريباً من مكان عملي، ألقي نظرة على من حولي فأجد بعضهم يسرعون الى وظائفهم التي استلموها عبر المحسوبيات وشهادة "ابن فلان وقريب علان" ، وعلى آخرين عملوا جاهدين وثابروا ليصلوا الى مناصب لا بأس بها!. تارة ارى الاهالي المنهمكين بإيصال اولادهم الى المدارس رغم تأخر الوقت عن الحصة الاولى بسبب الازدحامات المرورية الخانقة والبلد الـ "مش سالكة"، وتارة انظر نحو العمال الكادحين الباحثين عن لقمة عيش ومصدر رزق لعائلاتهم المستورة. وقوفي على أرصفة المحطة قادني الى كتابة ما يعكسه الشارع النصراوي ومجتمعنا بشكل عام.

يمر من أمامي أناس من عدة من طبقات اجتماعية، منهم من يرتدي الملابس الباهظة والماركات العالمية التي باتت تجتاح عقول المواطنين عامة والنصراويين خاصة، ناهيك عن السيارات الثمينة التي يتراكم على صاحبها القروض البنكية فقط من اجل التباهي، وآخرين ممن يتكئون على عكازة منح التأمين الوطني لتوفير بعض احتياجاتهم الاساسية والمحاولة بالتأقلم مع غلاء المعيشة الفاحش.

عقول فارغة

أحياناً تشدني الأحاديث النسويّة "على المحطة"  التي يطغى عليها روح النميمة والسذاجة، حيث يتهامس بعضهن حول قصص الطلاق، أو فيما إن كانت الجارة حامل، أو يتهكمن على تلك "العانس" (رغم اعتراضي وبشدة لهذا المصطلح) الذي يطلق عادة على من فاتها قطار الزواج، أو ينتقدن لباس المارات من المكان وكأنهن افراد لجنة التحكيم في احد عروض الازياء الباريسية. حينها، أدرك كم لدينا عقولا فارغة تهتم بأمور سطحية لا تعود بالنفع، وهنا يعود السبب الرئيسي لمستوى الثقافي والتعليمي والفراغ القاتل ولعدم توفر أطر ومؤسسات تضم مثل هذه الشريحة من النساء.

طلاب المدارس
وبعد طول انتظار، تصل الحافلة وسرعان ما تفتح مصراعيها ينهال بعضهم على سائق الحافلة موجهين أصبع الاتهام عليه وكأنه المسؤول عن هندسة الشوارع والبنى التحتية في المدينة وهو من تسبب بتلك الازدحامات!. ووسط المشادات الكلامية بين السائق وبعض الركاب، وضجيج أبواق السيارات المستمر، يشّد اهتمامي طلاب المدارس، فأفكر الطالبات اللواتي يستغرقن ولو بمعادلة حسابية بسيطة نصف ساعة على الاقل كل صباح لرسم كحل العيون ، وضع احمر الشفاه، والتبرج وكأنهن ذاهبات الى حفل زفاف وليس الى مقاعد المدارس. واتعجب من أناملهن المزركشة ذات اللون الفاقع واصابعهن التي لا تكد من كتابة الرسائل النصية والستاتوسات الفيسبوكية، حيث بات عيباً على الطالب مطالعة كتاب او حتى المراجعة الصباحية قبل الامتحان. هذا ورغم أن فارق العمر بيننا ليس كبيراً، إلا انني لا اذكر بأن موضة الاجهزة الذكية كانت تسيطر علينا هكذا! وان من جيل الى جيل ومن سنة الى اخرى يتغير نمط مفهوم مجتمع بأكمله. تستمر الحافلة بإنزال الركاب من محطة الى اخرى، وألحظ حتى القاء تحية "صباح الخير" على الآخرين أصبحت مهمة صعبة بسبب انشغالنا وتركيزنا في شاشة الخليوي.

على من تقع المسؤولية؟
أما الطلاب مفتولو العضلات فحدث لا حرجّ! يجلسون في المقعد الأخير من الحافلة يلقون اقدامهم وتتسخ الكراسي من بصمات احذيتهم ، يستمعون لموسيقى صاخبة ولا يكترثون فيما إذا كانت هذه الموسيقى المضّجة تضايق الركاب وكبار السن واعتقد أن الصوت الفيروزي الملائكي لا يروق لهم صباحاً ولا يناسبهم. واخجل من رؤية وقوف رجل مسن وسط الحافلة لا يحركهم ساكناً وبهكذا نكون قد فقدنا إحدى قيم انسانية وهي "احترام الكبير". هذا بالاضافة الى تبادل الشتائم ورشق الكلمات النابية بينهم على الملاً ودون خجل. اتساءل على من تقع المسؤولية يا ترى!! لا شك أن هنالك مسؤولية وركنا أساسيا على عاتق الاهل والمعلمين والطلاب انفسهم والمجتمع بأكمله.. فمن هنا ومن هذه الحافلة ومشوار قصير اقطعه يومياً لوصولي لمكان عملي اقرأ في الوجوه، في العيون قضايا متنوعة ومرآة تعكس بوضوح ظروفا مجتمعة تجعلنا نطرح ونحلل ما هي الاسباب التي آلت لهذا الوضع وكيفية الحد من ظواهر ينبغي معالجتها بأسرع وقتٍ ممكن.

لو ...
لا أود بأن اختتم مقالي بالتذمر والنقد اللاذع، حيث أدرك تماماً اننا نملك ما يكفي من مهارات علمية، ابداعية، ثقافية، فنية وغيرها نستطيع أن نستقطبها، نستغلها ونطورها في مجالات عدة، لذلك علينا أن نتعاون وندعم المستضعف وان يمد كل واحد منا يد العون مهما كانت وظيفته ومكانته فأحياناً بدعم بسيط نزرع الامل ، لو أصغينا للآخر، لو احببنا من قلب لا يحسد، لو تطوعنا، لو فرحنا لنجاح الغير، لو شاركنا الآخر بالسراء والضراء، لو لا نكترث بكلام الناس، لو لا نستهزأ بقدرات غيرنا، لو نحارب العنصرية. أنهي كلماتي مع نهاية آخر محطة استوقفت بها الحافلة وحين نزلت وتابعت سيري نظرت الى أشعة الشمس التي زودتني بالتفاؤل والخير. "فما اصعب الحياة لولا فسحة الأمل" واتمنى لمجتمعنا العربي فجرا جديدا، جيلا واعدا وغدا افضل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة