الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 12:02

هذا وقت للترقيع! / بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 18/11/13 11:59,  حُتلن: 14:58

وديع عواودة في مقاله:

 من الأفضل أن يبادر قادة الأحزاب هم بأنفسهم لتحمل مسؤولية فعلية بدلا من الإمعان بالسكوت و" التطنيش" أو استغباء الجمهور الواسع على غرار ما تجلى في انتخابات الكنيست الماضية

بات واضحا رغم غبار الانتخابات المتطاير بعد أن خسارة الأحزاب العربية للبلديات في الناصرة رهط طمرة أم الفحم ناهيك عن قرى مركزية تنذر بما من شأنه أن يهدد العمل الجماعي المنظم العربي

يمنح رئيس الحكومة عادة 100 يوم قبل الحكم على جودة قيادته وهذا ينبغي أن يكون نصيب رئيس السلطة المحلية. لكن تصريحات رئيس بلدية الناصرة الجديد علي سلام حول رغبته بعدم المشاركة بـ " المتابعة" و" القطرية " لا تحتاج لأكثر من ثوان لإدراك خطورتها والحكم عليها. يرجى أن تكون هذه " زلة لسان " وإلا فيكون الرئيس،وهذا ما لا نريده، قد كسر عصاته من " أول غزواته ". الناصرة لن تكتفي بتحسين الخدمات البلدية على أنواعها ولن تتنازل هي وشقيقاتها عن مواقفها وهويتها السياسية بصفتها عاصمة للفلسطينيين في إسرائيل. بين هذا أو ذاك بات واضحا رغم غبار الانتخابات المتطاير بعد أن خسارة الأحزاب العربية للبلديات في الناصرة، رهط، طمرة، أم الفحم ناهيك عن قرى مركزية، تنذر بما من شأنه أن يهدد العمل الجماعي المنظم العربي. ربما يستغل الانتهازيون الحالة الجديدة لإفساد وتسميم مفهوم السياسة وشيطنة السياسيين لتبرير العمل الفردي غير الملتزم وإشاعة ثقافة " حكلي تحكلك " ما يعني سيادة الرشوى المالية- السياسية.

السيطرة على " القطرية "

ربما يجد الرؤساء أو المخاتير الجدد الطريق للتعاون فيما بينهم بغية السيطرة على " القطرية " على الأقل وهذا سيعرّضها للمزيد من التراجع أو حتى احتلالها. بين هناك مرشحون لرئاستها يعتبرون السلطة كعكة أو بقرة حلوبا أو دجاجة من بيضها السمين سيأكلون، لا يخفون مناصرتهم للخدمة المدنية بل للخدمة في الجيش والقبول بـ" قطف الرأس" والفتات بالتعامل مع المؤسسة الحاكمة، لصالح العمل الفردي،الخدمة المدنية،المقايضة السياسية ما ينذر ببدء مرحلة لردة وطنية يحكم فيها " عرب صالحون " جدد.

العيب ليس بالسقوط
كما نرى، ترى المؤسسة الحاكمة أن هذه النتائج توفر فرصة لضرب العمل الجماعي تمهيدا لإضعاف فكرة الأقلية القومية والحقوق الجماعية مع مستحقاتها. ما فات قد مات، وهذه هي ساعة الأحزاب والفعاليات الأهلية والوطنية لا في الناصرة فحسب بل بكل مكان لتقييم التجربة. هذا يعني تشخيص مواطن الضعف والتقادم نحو التقاط خلاصات تكفل استعادة الروح والهمة وبقوة أكبر تمهيدا استرجاع ما فقدته الأحزاب- ما فقدناه نحن كجماعة.
العيب ليس أن تخسر معركة فليس هناك نماذج في التاريخ تدلل على أن الفوز كان نصيب دائم لهذا الطرف أو ذاك. في السياسة أيضا يوم لك ويوم عليك، وليس عيبا أن تكبو وتسقط أرضا وتصاب بكدمات أو جراح بل العيب أن لا تنهض وتداوي وتصلح بشجاعة وبشكل حقيقي بدلا من إلقاء التهم على الآخر والاستراحة على مخدة " نظرية المؤامرة " وعلى كلام سهل ومريح.

فاتورة الفشل
لن تنهض الأحزاب العربية من كبوتها ولن تستمر المسيرة لجعل سلوكنا الانتخابي مدنيا عصريا دون مسائلة داخلية تتيح الفرصة لتغييرات في الرؤية وسلم الأولويات ودون أن يسدد المسؤولون فاتورة الفشل بدلا من البحث عن الأسباب لدى الآخر. ومن الأفضل أن يبادر قادة الأحزاب هم بأنفسهم لتحمل مسؤولية فعلية بدلا من الإمعان بالسكوت و" التطنيش" أو استغباء الجمهور الواسع على غرار ما تجلى في انتخابات الكنيست الماضية. وإلا ستخسر الأحزاب المزيد من مكتسباتها وهيبتها وتشوّه صورة السياسة (وهي فكرة نبيلة ومجدية) ويفقد المجتمع العربي بذلك أداة ووكالة تغيير حيوية لصالح قوى تعيد إنتاج جاهلية جديدة وعندها تصبح " المتابعة " في حالة أصعب بكثير مما هي فيه اليوم. وعلى مستوى العلاقات العامة من غير المعقول أن تستمر المنافسات المشروعة بين الأحزاب بالتحوّل إلى " حرب استنزاف" يخرج كل المتراشقين منها نازفين. مع استمرار التناحر بين الألوان الحزبية على الريادة والغلبة تلوح الفرصة أمام الحكام الجدد لاستثمار الإحباط العام واستغلال تراجع مكانة العمل الحزبي والجماعي.

وقت للرتق والترقيع
كما سيقدمون على استغلال الأزمات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية في المجتمع العربي وهي مياه آسنة تتيح الاصطياد بالمياه العكرة وشراء الذمم نحو خلق معيارية اجتماعية خطيرة يباع فيها ما كان لا يباع ولا يشترى. للحد من ذلك ولبناء خط دفاع عن مكتسباتنا ومستقبلنا من مخاطر داخلية لا تقل خطورة عن الخارجية، هذه ساعة إعادة تنظيف القنوات وفتحها بين الأحزاب العربية الشقيقة فهناك ما يهدد كافتها بل يهددنا كلنا. " هناك أوقات للتمزيق وأوقات للرتق والترقيع " يقول باولو كويلو في رائعته " الزهير" فهل تستجيب الأحزاب لنداء المرحلة الجديدة؟
المؤكد أنه حينما تقوم القواعد وفعالياتها( الأحزاب وأوساط الرأي العام والإعلام) بالتحرك والضغط تقل احتمالات استمرار النخب - قباطنة " تايتنيك" السياسة بـ" التطنيش" رغم أن الجبل الجليدي يلوح بالأفق !

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 


مقالات متعلقة